مع بواكير تطبيق الاحتراف في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي برزت أسماء للاعبين كانوا يومها يملؤون الأسماع، ويخطفون الأبصار، ويسرقون الأفئدة، ولذلك ظلت عدسات المصورين لا ترمش لها عين بوجودهم، وأقلام الصحفيين لا تفتأ تسجل سكناتهم قبل حركاتهم، حتى إذا ما أعلنوا مغادرة المستطيل الأخضر راغبين أو مرغمين، أغمضت الكاميرات عيونها، وجففت الأقلام حبرها، فباتوا نسياً منسياً، حتى لكأنهم ما ركضوا في ملعب، ولا زخَّت أجسادهم بقطرة عرق، وما سجل لهم التاريخ لحظة أنهم كانوا هنا، وهو الجحود بعينه، والنكران بكل معانيه. و"دنيا الرياضة" إذ تستشعر المسؤولية تجاه هؤلاء اللاعبين تأخذ على عاتقها إعادتهم إلى دائرة الضوء في هذه الزاوية، لتعبر من خلالها عن الوفاء لما قدموه، وضيفها اليوم حارس مرمى النصر السابق مضحي الدوسري *بداية حدثنا عن حالتك الاجتماعية؟ - متزوج ولدي خمسة أبناء أكبرهم مهند وأصغرهم محمد *كيف تقضي يومك؟ - ما بين العمل والمنزل والجلوس مع الأسرة؛ فالحمد لله حاليا أجد وقتاً كافياً للجلوس مع الأهل خلاف أيام كنت لاعباً فالمعسكرات لأشهر جعلتني مقصراً تجاه أسرتي. *أين أنت بعد الاعتزال؟. - موجود وأتمنى العودة للنصر؛ لكن النادي لا يريدنا فهو لا يريد اللاعبين القدامى، وكنت أتمنى أن أجلس مع المسؤول لأتحصل على إجابة شافية لكن ذلك لم يحدث للأسف. *وهل بادرت إلى طلب العمل في النادي فعلاً؟. - تقدمت مرتين لكنني لم أجد الفرصة؛ فهناك من لا يرغب بوجودي وهو لا يزال موجوداً في النادي، الجميع يعرفه ولكي أكون أكثر وضوحاً فهو ليس رئيس النصر الأمير فيصل بن تركي، الفترة الحالية لا تسمح بفتح مثل هذه الملفات، الأهم هو عودة النصر إلى سابق عهده وحديثي وحديث زملائي من اللاعبين القُدامى دائما يُفسر على أنه "تخريب للعمل القائم" وانتقام للنادي، وهذا الكلام ليس صحيحا فعلى سبيل المثال فهد الهريفي محب ومخلص وحينما يتحدث ليس من باب أن هناك من يحرضه على ذلك؛ بل لأنه يبحث عن الأفضل للكيان وتقدمي مرتين ليس من باب فرض نفسي؛ زرت النادي قبل فترة والتقيت علي كميخ حين كان منسقا فنيا في الفريق الأول وبحثنا آلية عمل مستقبلية، وكان لدي رغبة في العمل في الفئات السنية مدربا للحراس لكنه قدم استقالته. فرنانديز منحني 10 آلاف والمدربون دمروا حراس المرمى *لماذا تركت النصر؟ - لأسباب إدارية بحتة تتكرر مع لاعبين كثر وليس مضحي فقط، كنت أتمنى أن أخدم النصر أكثر، وكان بمقدوري ذلك لكنني أجبرت على ترك الكرة. يختارون فريقي!! *لماذا لم تفكر بالانتقال؟. - فكرت بالانتقال وخاطبني التعاون حينها؛ لكن كانت هناك تدخلات من النصر فالنادي يُريدك أن تذهب لمن تختاره الإدارة فقط، والراحة النفسية سبب لاستمرار اللاعب، أو تركه للمجال الرياضي، ومتى توفرت الأجواء المناسبة ينجح اللاعب، وأُشيد هنا بانتقال النجم ياسر القحطاني للعين الإماراتي وتمنيت من إدارة الاتحاد السماح لمحمد نور بالانتقال حينما طلب ذلك؛ فالنادي لن يخسر شيئاً بل سيأخذ حقه المادي بالإضافة إلى المساهمة بعودة اللاعب إلى أوج مستواه. * ما أجمل ذكرياتك مع النصر؟. - كل البطولات التي حققتها مع "العالمي" أعتبرها ذكريات جميلة وأيضاً البطولات التي خسرناها لا تزال عالقة بالذاكرة، وأول بطولة كانت أمام الرياض، والأقرب إلى قلبي آخر بطولة كأس أندية آسيا التي أهلتنا إلى كأس العالم للأندية العام 2000 بالبرازيل. * كم بطولة حققت في تاريخك مع النصر؟. - خمس بطولات، وكانت صعبة للغاية؛ لغياب توزيع الجهد في ذلك الوقت خلاف ما يحدث اليوم؛ فقد كنا ننافس على بطولة عربية وبطولة خليجية وبطولة آسيا والدوري، وكنا نعاني من ضغط رهيب. الثنيان أمهر اللاعبين *ارتبط اسم مضحي الدوسري كثيرا بمهاجم الهلال يوسف الثنيان، ما العلاقة التي تجمعكما؟. - كان الهلال في الماضي يفرح بالتعادل مع النصر؛ عكس الوضع الحالي؛ إذ بات النصر هو من يفرح بذلك، في الماضي مرت أربع سنوات متتالية لم يستطع الهلال خلالها هزيمة النصر؛ وحينما يكون التعادل معنا هو المكسب من المؤكد أن الأهداف تعتبر أهداف نهائيات، وكانت أهداف الثنيان دائما أهداف تعادل فقط!، ثنيان اللاعب المهاري الأول في السعودية، ولم يسجل في مضحي فقط؛بل سجل في حراس كثر داخليا ودوليا بالطريقة ذاتها؛ فهو يُجيد وضعها بدقة متناهية وفي الزاوية الصعبة جداً على الحارس ورغم جمالية أهدافه؛ إلا أنني لا أستمتع بها في مرماي. يتحدث للزميل علي الحنايا * وما سر العلاقة المميزة بينك وبين المدرب فرنانديز؟. -المدرب كان قريبا جداً من اللاعبين لدرجة أنه أعطاني مبلغا ماليا قدره 10 آلاف ريال في ظروف عدم تسلمنا مرتباتنا فترة طويلة لضائقة النادي المالية آنذاك، واستعداده للبطولة الآسيوية من خلال استقطاب محترفين أجانب، وكنا نستطيع أن نطالب الإدارة بأن تعطينا حقوقنا بدلا من أن تحضر أجانب لكن حبنا للنادي وعزمنا على تحقيق البطولة أجبرنا على تأجيل ذلك. قصر القامة ليس عيبا * كيف ترى مستوى الحراسة النصراوية اليوم والانتقادات التي تلومهم لقصر قامتهم؟. - قصر القامة ليس سببا في عدم نجاح الحارس، المأخذ على المدرب أنه لم يمنح العنزي أو راضي فرصة كاملة متمثلة بمباريات متتالية؛ لأن حراسة المرمى أهم الخطوط التي يحتاج من يلعب فيها إلى الانسجام، وحتى لو أخطأ الحارس مرة أو اثنتين يجب أن يستمر، وهناك مثل في علم الحراسة يقول: "الحارس الذي يخرج من المرمى ينساه المرمى وليس العكس". حراس الدوري السعودي عموما يفتقدون للأساسيات؛ كالتمركز والتحرك فربما يكون الخلل من الكفاءات التدريبية. * محمد الخوجلي أبدع مع الرائد الموسم الماضي، وشريفي مع الفتح، فهل بيئة النصر طاردة كما يُشاع؟. - من الصعب مقارنة الفتح والرائد بالنصر، النصر فريق كبير إعلامياً وجماهيرياً ومستواهما لا يؤهلهما للعب للنصر، ونجاحهما في الرائد والفتح ليس دليلا على افتراض نجاحهما في النصر، هناك الغلطة ليست محسوبة على عكس الحال في النصر، وهو ما أبعدهم عن الضغوط، وجعلهم يقدمون مستويات تليق بأنديتهم. *عاصرت الخوجلي فترة من الفترات، هل لمست فرقاً في التعامل من قبل الإدارة بينكما؟. - في كل إدارة هناك لاعب مدلل، وخوجلي كان يُفضَّل عليَّ إبان إدارة الأمير عبدالرحمن بن سعود "رحمه الله" بالرغم من أنني كنت الحارس الأساسي آنذاك. نور يجب أن يترك الاتحاد وياسر والحارثي اتخذا القرار الصحيح * هل أنت من اللاعبين القُدامى الذين لم يتسلموا حقوقهم؟. - أنا ضمن من لم يتسلم حقوقه. *لكن هُناك خلط ما بين الحقوق الشفهية والحقوق الموثقة، حقوقك في أي الجانبين؟. -أنا لا أتحدث عن أي حقوق شفهية، وعلى من يشكّك في حقوق اللاعبين القدامى زيارة النادي والاطلاع على عقودهم "الاحترافية"، ويرى هل سُدّدت لهم أم لا؟!. تكريم جماعي *لكن هذه الحقوق منذ مدة طويلة، لماذا لم تطالب بها رسمياً؟. - قلت سابقاً النادي الذي له الفضل عليَّ بأن عرفني على الجماهير، وعشت فيه أيام فرح وحزن وبكيت لأجله وفرحت لانتصاره لن ولن أشتكيه أبدا؛ً فكل ما تمنيته فقط أن يُكرّمنا، للأسف هناك محترفون أجانب يأتي بهم النادي وهم مُفلسون فنياً ويتقاضون ملايين الدولارات، كان من الأفضل تكريمنا جميعاً في حفل واحد؛ لأن ذلك له وقع نفسي إيجابي على اللاعبين الصغار، باختصار اللاعبين القدامى بارُّون بناديهم ولم يجدوا المعاملة المماثلة. *هل تصرفات الإدارة تجاه اللاعبين القدامى سبب لرفض كثيرين الانتقال للنصر، وإن كان المبلغ أكبر كما يحدث اليوم مع مدافع القادسية ياسر الشهراني؟. - نعم وبكل تأكيد؛ فلاعبو الأندية قريبون من بعض خارج الملعب خلاف ما يظهر في وسائل الإعلام، وكلّ يتحدث عن وضعه مع ناديه ما يجعل بعض اللاعبين يفضلون الأندية التي تعيش أجواء صحية أفضل. * هل ترى أن النصر يسير في الطريق السليم بعد التعديلات الإدارية الأخيرة. - لا .. فالكسر لا يجبر بسهولة، نحن في أواخر الدور الثاني من الدوري، وإذا لم يستعد أي الفريق جيدا منذ بداية الموسم بالشكل الصحيح لن يستطيع عمل أي شيء في النهاية. *كيف ترى انتقال المهاجم سعد الحارثي للهلال؟. - سعد اتخذ القرار السليم في المغادرة وأنا مُتفائل جداً بنجاحه مع الهلال؛ يحتاج فقط إلى فرصة كافية ليعود إلى سابق عهده وهي التي لم يتحصل عليها في ناديه السابق (النصر). * ما هو الفريق الذي يشدك في الموسم الحالي؟ - الاتفاق يتميز بالأداء الجماعي، والشباب الأميز تكتيكا وأسلوبا فنيا. ضحيت مرتين من أجل "فارس نجد" وصلت لكأس العالم بيد مكسورة!! * ما أبرز التضحيات التي قدمتها للنصر؟. - تضحيتان كانت الأولى مشاركتي في مواجهة الشباب في نصف نهائي كأس ولي العهد بعد وفاة والدي بيوم واحد تقديراً للأمير فيصل بن عبدالرحمن، والثانية في كأس آسيا؛ إذْ شاركت ويدي مكسورة، وذلك لحبي للمدرب الفرنسي فرنانديز آنذاك، الذي وقف معي وقفات لا أنساها؛ فالوضع المادي كان سيئا للغاية باعتبار أننا لمدة تسعة أشهر لم نتسلم مرتباتنا وكان يطالبني بأن أُقدم الكأس هدية له. *مشاركتك بيد مكسورة أليس فيها تقليل في الحراس البدلاء؟. -لا . . أبدا؛ً بل أنا الذي كنت مصرا على المشاركة، واجتمعت مع الثلاثي الأمير فيصل بن عبدالرحمن والمدربين فرنانديز وناصر الجوهر، ووعدتهم بالكأس بيد واحدة واشترطت على الأمير فيصل في حال تحقيقي للقب أن يسمح لي بمغادرة النادي. *لماذا؟. - المشكلة في النصر أن حربه بداخله من بعض وسائل الإعلام هناك انقسامات بين اللاعبين وحروب داخلية فيما بينهم فهم إن لم يكونوا على قلب واحد لن ينجح النصر