فيما لم يتوقف «العالم المتحضر» عن مطالبة الفلسطينيين باعتماد الاساليب السلمية في المقاومة، لم يحتمل جنود الاحتلال الاسرائيلي مشهد اهالي قرية بلعين غرب رام الله ومن معهم من متضامنين أجانب واسرائيليين، وهم يحاولون الوصول إلى اراضيهم المهددة لاقامة الصلاة عليها، وانهالوا عليهم بمختلف وسائل القمع الحديثة والتقليدية. في غضون ذلك، اعلنت مصادر فلسطينية أمس وفاة مسنة من بيت لحم، جراء صلبها ساعات طويلة تحت اشعة الشمس على حاجز قوات الاحتلال شمال بيت لحم، بينما كانت تحاول الوصول إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى. وذكرت هذه المصادر ان الحاجة زهرة عيسى زبون (70 عاماً) من سكان مخيم العزة، توفيت بعد أن منعتها قوات الاحتلال على حاجز جيلو من التوجه لمدينة القدس الشريف لأداء الصلاة في المسجد الأقصى. وفي اطار فعاليات مقاومة الجدار، انطلق المئات من اهالي قرية بلعين وعشرات الأجانب والاسرائيليين قبيل ظهر أمس في مسيرة سلمية باتجاه اراضيهم المهددة غربا، حاملين معهم نماذج لشواهد قبور تعبيرا عن ما يمثله الجدار من موت محتوم لابناء القرية الذي يعتمدون على زراعة الارض التي سيلتهمها الجدار. وذكر محمد الخطيب منسق لجنة مقاومة الجدار في اتصال مع «الرياض» من ساحة المواجهات التي شهدتها قرية بلعين، ان الهدف من هذه الفعاليات المتواصلة هو ايصال نداء ابناء القرية لكافة الجهات المعنية والحقوقية في العالم من اجل الالتفات إلى الخطر المحدق بهم في حال اقامة الجدار التوسعي. واكد ان تعليمات صارمة اعطيت للمشاركين للتحلي بضبط النفس وعدم الانجرار وراء اي استفزاز يقوم به الجنود لاظهار الطابع العنيف لاهالي القرية، فسار الجميع مبتكرين شكلا جديدا من الاحتجاج تمثل بحمل نماذج لشواهد قبور كتبت عليها الفاتحة وعبارات مثل «انا فلسطيني من سكان بلعين. تاريخ الميلاد منذ الازل ، تاريخ الوفاة منذ الانتهاء من اقامة الجدار، وانا لله وانا اليه راجعون، وما شابه. وكان مشهد التظاهرة وكأن مقبرة تسير على اقدام باتجاه الارض المهدد. وما ان وصل المتظاهرون المدخل الغربي للقرية حتى وجدوا جنود الاحتلال يغلقون الطريق بالاسلاك الشائكة ويعلنون ان المنطقة عسكرية مغلقة. ومهلوا الجميع ربع ساعة للتفرق. وأضاف الخطيب: عندها توقف المتظاهرون وما هي الا لحظات حتى شغلوا جهازا يطلق دويا هائلا يدعى «الصيحة»، وهو سلاح جديد يتسبب في فقدان الانسان التوازن. وعقب ذلك انبطح المتظاهرون على الارض رافعين شواهد القبور في مواجهة الجنود الذين جن جنونهم وانهالوا على الجميع بقنابل الصوت والغاز واصابوا خمسة متظاهرين في اللحظات الاولى. واثر ذلك تفرق الاهالي ولاحقهم الجنود داخل الازقة والبيوت، لتندلع مواجهات عنيفة جدا تواصلت حتى العصر، اطلق خلالها الجنود الرصاص وقنابل الصوت والغاز والهراوات واصابوا نحو 15 متظاهرا، فيما اعتقلوا عضو لجنة مواجهة الجدار عبدالله ابو رحمة وشقيقه راتب ابو رحمة الذي اصيب بجراح. كما جرى اعتقال اكرم الخطيب شقيق محمد الخطيب للمرة الثانية خلال اقل من اسبوع. وتساء «الخطيب»: دائما يتهمنا العالم باستخدام وسائل عنيفة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي. وما فعلناه اليوم وخلال الفترة الماضية هو استخدام الوسائل السلمية لكنها لم تشفع لنا عند جنود الاحتلال الذين يحاولون بكل ما اوتوا من قوة سلب ارضنا تحت مسميات وذرائع مختلفة من ضمنها الجدار الذي تجري اقامته في مختلف ارجاء الارض الفلسطينية؟ من جهة اخرى، وفي اطار فعاليات مقاومة الجدار ينظم في قرية بلعين اليوم اجتماع للجنة الوزارية الفلسطينية الدائمة لشؤون الاستيطان ومتابعة الاثار الناجمة عن جدار الضم والتوسع. ويحضر الاجتماع الوزراء ناصر القدوة محمد دحلان، محمد اشتية، خالد القواسمي، وليد عبد ربه، هند خوري، وغسان الخطيب. ومن المقرر ان يناقش الفعاليات النضالية «حملة الصيف ضد الجدار»، وفكرة عقد مؤتمر اقليمي لمواجهة الجدار وسبل دعم المواطنين الصامدين على ارضهم.. من جهة اخرى، باشرت قوات الاحتلال ، أمس، بتدمير مئات الدونمات من أراضي المواطنين الزراعية في بلدة يطا جنوب الخليل من اجل اقامة مقاطع جديدة من جدار الفصل العنصري الذي تتواصل إقامته على أراضي المواطنين في المحافظة. وطالت عمليات التجريف والتدمير الإسرائيلية التي طالت حقولاً مزروعة بأشجار الزيتون والعنب واللوزيات، خاصة في خربة منيزل جنوب شرق يطا، وذلك تحت حراسة مشددة من قبل قوات الاحتلال التي تمنع أصحاب الأراضي من الوصول إليها بذريعة أنها مناطق عسكرية مغلقة.