كلنا يعقد آمالاً كبيرة على هيئة مكافحة الفساد ، خاصة أنها مدعومة بقوة من ملك الإصلاح خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ويقوم على رئاستها رجل مشهود له بالنزاهة والإخلاص .. وأبشركم أن هذه الهيئة سوف ينصرها الله بالرعب على المفسدين ، وخاصةً أنها طلبت من الجميع الإبلاغ عن أي حالة تجاوز أو فساد، وأعلنت أرقاماً تتلقى بها البلاغات، وهذا كفيل بنشر (الرعب) في نفوس اللصوص والفاسدين ، فهم الآن يُخيّم عليهم ضلالهم، ويخافون أن يبلغ عنهم أي موظف عندهم ، ويحسبون كل صيحة عليهم ، ويحسون أن الأضواء والعيون مسلطة فوقهم، محدقة بهم، محيطة بما يفعلون، وهذا صحيح، فإن المخلصين الكارهين للفساد والمفسدين أكثر بأضعاف الأضعاف من اللصوص والفاسدين، ولديهم عدة دوافع راسخة للإبلاغ عن أي فساد مالي أو إداري ، وأقوى هذه الدوافع هو الوازع الديني، فإنه لا يجوز لمسلم أن يسكت عن فساد يراه ، لأن الفساد منكر عظيم ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان ).. وإنكار الفساد المالي والإداري ممكن بكل سهولة عن طريق إبلاغ (هيئة مكافحة الفساد) التي تقوم بتحرياتها وتؤدي واجبها بدقة مع الحفاظ على سر المبلغ .. إن كل من تُسوِّل له نفسه الفساد المالي أو الإداري الآن يحس أن كل الموظفين الذين حوله ممكن أن يرصدوه ويبلغوا عنه ، فهو مرعوب، وهذا الرعب - وحده - كفيل بتقليل الفساد بشكل كبير .. كما أن الواجب الوطني والشخصي والإنساني ، وضميراً وأخلاقاً، كل ذلك يوجب على المتوثق من حالة الفساد الإبلاغ الفوري وتقديم الأدلة والقرائن ، ولأنه هو ايضاً مسروق أو مساء له ، فالمال العام للجميع والأداء الإداري السيئ يضر الجميع .. إننا ننتظر الكثير من هذه الهيئة المهمة جداً، سواء في حفظ المال العام أو تحسين الأداء والبعد عن الهدر وسوء التنفيذ .. إن المفسدين كانوا خائفين على مرّ التاريخ ، وإن وجود هذه الهيئة يزيدهم خوفاً ويملؤهم رعباً..