المرأة البدينة والنحيفة بين ثقافة جيلين .؟! يتمسك الأجداد بوصية جدنا الأكبر وهو يحثنا على اختيار المرأة أو العروس البدينة : ( عليكم بها فإنها تروي الرضيع .. وتدفئ الضجيع ) وله بذلك مآرب ومقاصد حدد بعضها في وصيته وهي إشباع رضيعها من صدرها وتلك ميزة في المرأة كانت توضع في الاعتبار عند البحث عنها في وقت انعدمت به البدائل عما تدره الأم حتى يشتد عظم ابنها ويكبر سليما معافا مكتمل البنية . والميزة الأهم قدرتها على تدفئة الضجيع في الفراش ان كان طفلا أو زوجا وان كان المقصود في المفهوم العام زوجها الذي يلوذ اليها عند ما يشتد عليه زمهرير الشتاء في الليالي الباردة، لهذا اعتبر امتلاء الجسم والسمنة دون إفراط أهم الصفات التي يبحث عنها الرجل في المرأة الا انها كانت قليلة ان لم تكن نادرة نظرا لشح الطعام المرهون بأحوال مواشيهم في الصحراء تتحسن عند ما تتحسن وتسوء في أيام القحط لهذا تسيدت الفتاة الممتلئة ساحة الجمال في ثقافتهم واحتلت حيزا في مخيلة وأحلام الشعراء الذين جعلوا منها مطلبا نادرا : اليا عرض لك صاحبك وانت مشتاق اقطف زهر ما لاق والعمر ملحوق يمشي برفق خايف مدمج الساق يفصم أحجول ضامها ( الثقل ) من فوق مناطق الثقل ومع أنهم يقولون عندما يتحدثون عن جسم المرأة بأنه ( قيمة ) وينطقون القاف على الطريقة النجدية ويعني عندهم ( مقدار ) متوازن يفسده الزيادة وأيضا النقص ويطبقونه على مقاييس اخرى يصلون معها إلى أن اجمل النساء ما تجعلك في حيرة من أمرك وهم يتحدثون عن القوام والطول فتكون صادقا في الحالتين سواء قلت عنها ( ما هي طويلة ) أو ( ما هي قصيرة ) ويصطلحون على تسميتها ( مربوعة ) أو ( ركزا ) ان جاءت منتصبة القامة الا أنهم في نهاية الأمر يوزعون مناطق الثقل في المرأة وفق اذواقهم كما حددها الشاعر محمد الرشيدي : على عشير ٍليا منه مشى كنه زملوق صيف يعله ديم وا رعودي! وليا لبس من جديد اللبس يزهنه (متعزل بس كتف وردف وانهودي) ويتفق معه شاعر آخر لم يستطع اخفاء كراهيته لفترة في السنة يعودبها ( هل الغوص ) إلى ديارهم والذين لابد ان يكون من بينهم غواص سيحرمه من رؤية صاحبة المشجر الحمر كما اسماها : نطحني أضحى العيد بمشجر حمر ( يتل الردايف تلة الحصن للقاري ) انا ازعل ليا جونا هل الغوص من البحر واضحك اليا طقوا هل الغي سماري وقول عادي بن رمال مالقيت انا حلاياه ووصوفي ولامشى مثله مع البيض حفاله مهرة تزهى اللوابيس وصنوفي كاسبن كل النواميس خياله قطعتين بس متنيين وردوفي مهرة الحاكم حلاياك ياهلاله والجدايل كالقياطين مصفوفي مثل شرطان الذهب عند عماله طرق التسمين من هنا عرف عند الاولين ما يسمى الخبا أو خبو الفتاة قبل موعد زواجها ببضعة اشهر حينما تعفى من الاعمال التي تتطلب الخروج مثل الاحتطاب ورعي المواشي وتبقى أو تحبس في الظل ولا يسمح لها بالخروج إلى الشمس والهواء وتغذى جيدا إلى ان يزيد وزنها وتتفتح بشرتها . ولهذا أطلقوا أمثالهم وإسقاطاتهم على المرأة النحيفة التي يعيرونها ب ( ام قعو .. أو أم عصعص ): فيقولون ( الشحم .. يا مطاريس اللحم ) أوقولهم ( الرجل جزار ) يقصد ان الجزار ينشد دائما في ذبيحته كثرة اللحم والشحم يقصدون في ذلك ايضا عمليات ( الشيل والحط ) ويوافقهم بهذه العادات والاذواق بعض القبائل الافريقية إلى يومنا هذا فهم لا يزوجون الفتاة حتى تصبح كتلة هائلة من الشحم واللحم وكلما زادت هذه الكتلة ارتفع قيمة مهرها ويعد ذلك احد أهم مقومات الجمال ومقاييسه , لكنهم عندما تفشل كل محاولات التسمين المعتادة يلجؤون إلى كسر ساق الفتاة حتى تظل تأكل دون حركة تحرق الغذاء فان نفعت هذه الحيلة وإلا كسروا الساق الأخرى ثقافة الجيل الصاعد ما ذكر لا نستطيع تعميمه بقدر ما كان ( ثقافة غالبية ) لأن مسألة اختلاف الاذواق لا يمكن حكره في زمان أو مكان وفي هذا الجانب لا نستطيع الجزم ان كل الجيل الصاعد يفضلها رشيقة ويبالغ في مطالبه حسب ما يقال إلى درجة تحويلها إلى هيكل عظمي جعل الآباء جيل ( الشحم واللحم ) يشككون بسلامة أذواقهم ويتهمونهم باستسقاء ثقافة الغرب التي لا تتناسب مع صفات وتكوينات المرأة العربية وبالتالي تعريض بناتهم لداء النحافة وتحويل جمالهن إلى نوع من انواع المسخ. مسميات الجمال من ناحيتي استبيحكم العذر ان كنت تطفلت عبثا هذه المرة على ( تخصص ) زميلي القدير عبد الله الجعيثن وهو أحد الذين تعلمت منهم الف باء الكلمة ولا أزال احد تلاميذه خصوصا انه المرشح الأول على الأقل بالنسبة لي لترأس أي لجنة تحكيم (لا قدر الله ) تختار لانتخاب ملكة الجمال لدينا على غرار مزايين الإبل فيما لو استعاد عرب وسط الجزيرة عادتهم المنقرضة والتي كانت موجودة عند بعض القبائل في مناسبات افراحهم على شكل مراهنات ترفيه وانتهت مع تلك الواقعة التي أشرك بها رجل كفيف مع لجنة التحكيم كانت مهمته إرخاء مسامعه وفتح فمه حتى يكتشف مناطق الثقل وتوزيعه من صدى وقع أقدام الراقصة .. وبعد ما كشفوا ان ملكة الجمال المختارة .. فتاة كانت تلزم الحداد على زوجها الذي قتل في غارة لصوص غادرة، وعندما شعر جماعتها بقرب خسارتهم استنجدوا بها فخرجت من خيمتها وجاءت لتحسم الرهان لصالحهم ثم تعود لمخبئها . في هذه الحال سنضمن على الاقل ان ابن جعيثن سوف يعيد إلى قاموس الجمال مفردات منسية مثل ( الركزا – العيطموس – الرعبوب – الخوداء – والسبحلة – والجلبانة - والشنباء – والعطبولة – والفرعا – والمذكار) حينها سأجزم ان ابن جعيثن سيستخرج نظارته ليمررها عند شفاهه ثم يمسحها ويكرر مسحها بطرف شماغه عند ما يعلن عن قرب مرور متسابقة تصنف ضمن ( الرداح ) .!! المرأة لغز ختاما يبقى جمال المرأة في عقلها وسترها وحشمتها، وهو الجمال الحقيقي والباقي للمرأة التي توصف بالزهرة سرعان ما تتفتح وسرعان ما تذبل وثمة جمال آخر غير ملموس لا يظهر في الصفات الجسدية ولا تدركه حواس البشر، وهو ( القبول ) أو ما يطلق عليه الآباء ( الملح ) والذي جعل من المرأة ( لغز ) عجز عباقرة العلم والفلسفة من الوصول إليه.