فقدت القاعدة قوة دفعها الذاتي ، بعد أن أغلقت أمامها جميع منافذ التمويل والتأييد ، فلجأت لأسلوب بالغ الخسة والانحطاط ، فعملت كما كانت وكما هي الآن ، عصابة مجرمة تقتل باسم الشيطان والهوى ، وتؤجر أفرادها وفكرها الإجرامي لمن يدفع لها الثمن بشرط أن يكون الهدف سعوديا ، عملت لحساب طهران سنوات عديدة –ومازالت- في العراق واليمن ، لتكون مظلة تغطي الجريمة الإيرانية هناك ولكي تتهم المملكة بأنها من يعبث بالاستقرار في هذين البلدين ، وبكل حقارة ودناءة رضيت القاعدة أن تقوم بهذا الدور ولعلنا نتذكر موقف القبائل العربية في العراق من القاعدة بعد أن كشفت دورها الخبيث فقامت بمحاربتها وطردها من أراضيها في وسط وشمال البلاد ، كما إن الدور الايراني في العراق لن يكتب له النجاح بدون مساعدة القاعدة عن طريق اللعب على العامل الطائفي (= المذهبية) وهذا المخطط الذي قامت على إعداده طهران ، نفذته القاعدة بكل حرفية ممكنة لكي يستمر مسلسل القتل على الهوية حتى يخسر العراق وتخسر معه الأمة العربية حارسها الأمين الذي يمنع دخول الجيش الصفوي البغيض من بوابته الشرقية ، ولكن للأسف نجح تعاون القاعدة وطهران وكان لهم ما أرادوا . وأقسم بالله بأنه لولا مساعدة القاعدة لإيران ما كان لهذه الأخيرة هذا الوجود المسيطر والمتحكم في كل مفاصل الدولة هناك. قاعدة أمس تختلف عن قاعدة اليوم ، فقد كانت بالأمس تمثل نفسها نوعا ما وتحمل فكرا يعكس طبيعة هويتها ، ودفعها هذا الفكر لمواجهة المجتمع ومؤسساته ولكن بعد أن تبين لبعض رموزها خطأ المنهج وقامت عليهم حجة الدين تخلوا عن فكرهم من أجل سلامة دينهم وهم اليوم يعيشون بيننا كأفراد منتجين وعاملين على سلامة المجتمع والدين ، أما قاعدة اليوم فهي عصابة مأجورة من طهران ، وينطبق عليها ما ينطبق على فيلق القدس الفلسطيني الذي يعمل لحساب إيران ، فقد نجحت طهران في تجنيدهم نجاحا كبيرا يحسب لاستخباراتها. خطف نائب القنصل في عدن ومطالب القاعدة المعلنة في مكالمة أحد أفرادها مع السفير السعودي في صنعاء ، لا يخرج عن التعاون الإيراني القاعدي ، فمن طبيعة الخطف والمطالب يفهم المقصود ، فطهران اليوم تتحرك في كل اتجاه محاولة إيجاد ما تعتقد انه سيربك التماسك السعودي باسم الطائفية ، واليوم تود أن تجعل المجتمع بين أمرين اما أن يستجيب لمطلب الخاطفين إطلاق سراح المدانين في المملكة ، أو قتل الرهينة ، فهذا الخبث الخسيس يعكس طبيعة تلك العصابة المأجورة ، فكأن القاعدة بهذا المطلب تقول : اما قتل شقيقكم أو إحراق البيت بالكامل ، ولو تأملنا هذا المطلب لرأينا إن المقصود منه الإحراج وجعل المجتمع يسعى لإنقاذ شقيقه وينسى حريق البيت بأكمله. اليوم نحن نواجه تعاونا إيرانيا قاعديا وعلى المجتمع السعودي أن يواجه هذا التعاون الدنيء بكل قيم الدين والمواطنة ، فالخيار اليوم ليس خيار أجهزة أمنية وحدها ، ولكنه أيضا خيار مجتمع ، فماذا تختارون ؟ بعد أن جهزت عصابة الغدر السكين ، وجهزت سيدتها النار.