تتضافر التكلفة المنخفضة والقوانين المتساهلة معا لتجعل من أوكرانيا مقصدا مرغوبا من قبل الأزواج والزوجات الغربيين الراغبين في الإنجاب من خلال استئجار الأرحام من أمهات بالوكالة. غير أن هناك الكثير والمثير من حالات لأجانب تورطوا في قضايا معلقة وهم يحاولون إخراج أطفالهم من أوكرانيا ، ما استدعى الأزواج والزوجات إلى اللجوء إلى محاولات يائسة للحصول على مبتغاهم.وكمثال، وجد زوجان فرنسيان نفسيهما عالقين في قضية ساخنة عقب محاولتهما تهريب ابنتيهما التوأمتين اللتين أنجبتهما أم بالوكالة، إلى خارج أوكرانيا. واضطر الزوجان إلى هذه المحاولة اليائسة بعد أن رفضت السفارة الفرنسية في كييف منح التوأمتين الوليدتين الجنسية الفرنسية ووثائق سفر. ويقول بياتريس لا روش ، والد التوأمتين، إن حرس الحدود الأوكراني ضبطه هو وأباه متلبسين وهما يحاولان عبور الحدود إلى المجر بعد أن اخفيا التوأمتين في الجزء الخلفي من سيارتهما من نوع " فان". الحمل بالنيابة تجارة رائجة لا تخلو من مقالب .. وغياب القانون قد يحرم الآباء من الحصول على أولادهم وقال الأب،" أخفينا البنتين أسفل المقعد ولكنهم سرعان ما اكتشفوا مكانهما . كانت البنتان بحالة جيدة لأننا أخفيناهما قبيل عبورنا الحدود مباشرة." وقضت المحكمة في الشهر الماضي بتغريم كل من لا روش ووالده مبلغ 2000 دولار . والآن يجد لا روش وزوجته أوريليا نفسيهما عاجزين عن مغادرة أوكرانيا، بانتظار أن تفصل السلطات الفرنسية في وضع ابنتيهما. زوجان يحملان طفلاً أنجباه من أم بالوكالة القانون الدولي غائب وقضية آل لا روش ليست حالة منعزلة ، ذلك أن اوكرانيا برزت في الآونة الأخيرة كمقصد للأزواج والزوجات الراغبين في الإنجاب عن طريق رحم مستأجر.ولكن بينما يتجه الكثير من الرجال والنساء الغربيين إلى هذه الدولة بحثا عن إنجاب بالوكالة زهيد التكلفة وسريع الإجراءات، إلا أن حوادث بقاء الأزواج والزوجات مكرهين في أوكرانيا لعجزهم عن العودة إلى أوطانهم برفقة أطفالهم آخذة في الازدياد أيضا. هذه المرأة أنجبت بالوكالة 12 طفلاً في 13 عاماً ونظرا لان الإنجاب بالوكالة ظاهرة حديثة نسبيا، فلا توجد قوانين دولية شاملة تحكم هذه الممارسة. ورغم أن القانون الأوكراني يعترف بالزوجين اللذين يستأجران أما بالوكالة باعتبارهما الأبوين الشرعيين ، فان فرنسا مثلا تحظر الإنجاب بالوكالة حظرا تاما. ويحمل موقع السفارة الفرنسية في كييف تحذيرا مشددا لرعاياها ضد هذه الممارسة، جاء فيها أن من لا يلتزمون بالحظر يعرضون أنفسهم "لمعضلات قضائية وإدارية خطيرة ربما تتضمن عقوبة جنائية." ومن المتوقع أن يرتفع عدد الولادات بالوكالة في أوكرانيا بنسبة 40 بالمئة هذا العام. غير أن عدم وضوح القوانين التي تنظم هذه العملية أسفر عن قضايا استقطبت الكثير من الأضواء ، واجه فيها الأجانب عقبات قانونية هائلة وهم يحاولون إخراج أطفالهم الذين تم إنجابهم بالوكالة خارج أوكرانيا. وكمثال، تمكن زوجان بلجيكيان من الانضمام إلى ابنهما بعد معركة قضائية استغرقت سنتين واستطاعا بعدهما اخذ الابن إلى بلجيكا. ومثلهما مثل آل لا روش، كان الزوجان قد بذلا محاولة فاشلة لتهريب الطفل خارج أوكرانيا. خدمة متقدمة وتكلفة زهيدة يقول سيرهاي أنطونوف رئيس مركز القوانين الطبية ، وهي شركة مقرها كييف وتقدم المساعدات القانونية للأشخاص الراغبين في الحصول على خدمات الإنجاب بالوكالة وغيرها من خدمات طبية، إن أوكرانيا – وفقا لتقديرات رسمية - شهدت 120 ولادة ناجحة عن طريق الوكالة في العام الماضي، وأسفر معظمها عن إنجاب توائم. غير أن الرقم الحقيقي، والقول له، أعلى من ذلك بنسبة 30 بالمئة لان عيادات الإنجاب بالوكالة التابعة للقطاع الخاص غير ملزمة باطلاع السلطات على معلوماتها. ويمضي انطونوف قائلا إن عدد الولادات بالوكالة يرتفع بنسبة 20 بالمئة سنويا وقد يصل إلى 40 بالمئة هذا العام نتيجة لافتتاح العديد من العيادات المتخصصة الكبرى. ويستطرد انطونوف قائلا ،" الإنجاب بالوكالة لم يعد من المحرمات . وحتى الآونة الأخيرة لم يكن الأوكرانيون يتحدثون عن هذا الأمر وبالتالي لم يفكروا فيه. أما الآن فانه أصبح حديث المجتمع بينما تشهد التقنيات الطبية تقدما مضطردا كل يوم، ما جعل من برامج الإنجاب بالوكالة يزداد شعبية.وأصبح العديد من الناس الذين كانوا يرغبون في تبني أطفال في السابق يفضلون أن يكون لديهم أطفال تربطهم بهم وشائج جينية." يضاف إلى ذلك أن التكلفة المنخفضة أصبحت عامل جذب رئيسا للأزواج والزوجات الراغبين في الإنجاب.فمن بين الدول التي تقدم خدمة الإنجاب بالوكالة تجاريا تعتبر أوكرانيا والهند الأرخص. إنجاب بلا ضمانات وتتراوح تكلفة إنجاب طفل بالوكالة في أوكرانيا بين 30 ألفا و45 ألف دولار بالنسبة للأزواج الأجانب ، أي بارتفاع قليل عنها بالنسبة للمواطنين، وتحصل الأم التي تؤجر رحمها على ما يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف دولار. وللمقارنة فان التكلفة في بعض الولايات الأميركية التي تبيح هذه الممارسة تتراوح بين 80 ألفا و120 ألف دولار. غير أن إطلاق العنان للإنجاب بالوكالة في أوكرانيا لا يعني أن الأمر لا يخلو من مخاطر سواء بالنسبة للأبوين أو الأم بالوكالة. وفي هذا الصدد يقول ليودميلا سماخينا،وهو صاحب وكالة تتوسط بين الأزواج والأمهات بالوكالة،" يسعى الناس الذين يرغبون في خفض النفقات للحصول على أمهات بالوكالة عبر الانترنت. ولكن إذا وقعت في يد شركة غير مرخص لها فانك قد لا تستطيع الحصول على ضمانات لأي شيء. فقد لا تحصل الأم بالوكالة على أجرها وقد لا ينال الزوجان مبتغاهما." ومن ناحية قانونية، ينبغي على الوكالات ذات الصلة بالإنجاب بالوكالة أن تكون على اتصال بالسفارات الأجنبية والتوصل لحلول لكافة الإشكالات القانونية قبل التوقيع على عقد الإنجاب بالوكالة ، وهو أمر يقول لا روش إن الوكالة التي استعانا بها لم تفعله. أبوة بلا متعة ويقول لا روش "ينص العقد على ان تضطلع الوكالة بكافة المسائل ذات الصلة بالإجراءات الإدارية،" مشيرا إلى انه كان ينبغي على الوكالة أن تقوم بتسجيل البنتين لدى السلطات الأوكرانية وتوفير كل الوثائق اللازمة لتقديمها للسفارة الفرنسية، "إلا أنها لم تحترم التزاماتها" ، وفقا لقوله. وعلى الرغم من أن السلطات الأوكرانية أخذت البنتين في بادئ الأمر، إلا أن أبويهما تمكنا من الانضمام إليهما والسكن معهما في شقة سكنية في كييف. ونظرا لشكهما في إمكانية أن تعترف فرنسا بحقوقهما الأبوية ، وجه لا روش وزوجته نداء لجميع الدول المنضوية تحت لواء اتفاقية شنغين بان تمنح ابنتيهما حق المواطنة. وبعد قضاء أربعة أشهر في أوكرانيا حتى الآن، يبدو أن انتظارا طويلا ومملا في انتظارهما.وتؤكد على ذلك الزوجة بياتريس بقولها،" ستكون فترة طويلة قد تفسد متعة أن يكون المرء أباً أو أماً بقدر ما قد تفسد سحر إنجاب الأطفال."