تطرقنا كثيراً في السابق الى مفهوم ريادة الأعمال وتعرف بأنها «إنشاء مشروع حر يتسم بالابداع ويتصف بالمخاطرة»، ولم نربط هذا المفهوم بعمر معين أو شريحة معينة بل تبنى هذا المفهوم الفكرة أولاً ثم التمويل أو الاحتضان من خلال (حاضنات الأعمال)، حيث تركز هذا المفهوم على شبابنا وهم محرك اقتصادنا مستقبلاً ولكن ماذا عن المتقاعدين أيضاً الذين لديهم الفكرة والخبرة وأحياناً رأس المال. وقد يعانون من الفراغ بعد التقاعد ولاسيما الخمس السنوات التي تلي التقاعد سواء كان تقاعداً مبكراً أو عند سن 60 سنة وهو العرف السائد في مجتمعنا حيث اتجه بعضهم للأعمال التقليدية كأسلافهم من سبقوهم بالاستثمار في قطاعات معينة وغالباً ما بين العقار والأسهم والمقاولات. وقد أسست جمعية المتقاعدين وهي جمعية خيرية تقدم بعض الأنشطة للمتقاعدين على الرغم من الدعم القليل الذي تحظى به لاعتمادها على التبرعات العينية التي يحصلون عليها لتقدم الارشاد والدورات وورش العمل للاستعداد لهذه المرحلة لما تحمل في طياتها العبء النفسي الثقيل على المتقاعد في وطننا. حيث أثبتت بعض الممارسات في الدول الغربية نجاح مشاريع المتقاعدين بشكل ملحوظ نظراً للخبرة التي يمتلكها والخلفية الإدارية والمهنية حيث اتجه بعضهم لإنشاء مشروع في نفس المجال الذي كان يعمل به. أما البعض الآخر فأكمل الخدمة في المنظمة التي كان يعمل بها، ولما له من الخبرات والتجارب الكافية، اتجهت المنظمة التي عمل بها للتعاقد معه كمستشار للمشاريع القائمة وخاصة القطاعات العسكرية لتجنب تعثرها من ناحية والاستفادة من الحصيلة الفكرية للمتقاعد ولتميزه بالجوانب الفنية للمشاريع من ناحية أخرى. إن إلمام هذا المتقاعد بالخبرة والحنكة التي تساعده على الشراكة مع الشباب صاحب الفكرة الابداعية والطاقة العالية للبدء في مشروع على أرض الواقع وتضمن نجاح الفكرة لما تحتوي من مزيج بين الخبرة والإبداع للمتقاعد والشاب كطابع تقليدي وريادي في نفس الوقت. وقد أثبتت بعض المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدول الغربية نجاحها، تلك التي تقاد بواسطة المتقاعد نفسه حيث يعتبر قيمة مضافة للمجتمع على وجه الخصوص والاقتصاد على وجه العموم. ان المتقاعدين يستحقون منا كل الاحترام لما قدموه للوطن في السنوات الماضية وجديرون بالدعم والتمويل لما يحظى به المتقاعدون في الدول الغربية من عروض وخدمات تضمن لهم اعتبارهم في المجتمع، ونتمنى أن نرى اعتباراً خاصاً لهم قريباً بتأسيس صندوق أو لجنة تدعم هذه الشريحة وتقدم الارشاد والدعم اللوجستي اللازم للمساهمة في الاقتصاد حيث انه مرتكز على المعرفة في الوقت الراهن.