يمثل الرخاء الفكري في هذه الأزمان ظاهرة يجب التنبه لها وتأملها وكمثال انظر الى ما يقوله الوعاظ في القنوات الفضائية التي أصبحت أكثر من الهم على القلب ،وبسبب كثرة هذه القنوات أصبح هناك شكل من أشكال التنافس على الموضوعات المطروحة ، وسرقة ممجوجة لبرامج ناجحة ومواضيع شدت المشاهد وصنعت إشاعات و لغطاً بين الناس, ان الكثير من البرامج التي تبث على الفضائيات قد ساهمت في صناعة الزيف الفكري ،والتضليل المعرفي ،والعبث بعواطف المشاهدين بشكل مجاني ويغلب على من مارس هذا التوجه أنهم ليسو بعلماء وفقهاء وإنما هم وعاظ تسيطر عليهم متعة تحسس ردود فعل الجماهير وتأييدها.. أحدهم خرج علينا من خلال برنامجه بسب أحد الصحابة دون سابق إنذار أو مبرر قد تتحكم به قناعة علمية وأنا هنا أتساءل لماذا تثار مثل هذه المسائل هل انتهينا من جميع مشاكلنا لكي نصل إلى مرحلة النبش عن أمور ليس لنا فيها ناقة ولا جمل! لماذا أصبح لكل مواطن مفتٍ؟ ولماذا أصبح الكل يتهافت على الفتوى ألم ينهنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال وكثرة السؤال.. من المشاكل الخطيرة التي وقع فيها الكثير من الوعاظ والمذكرين أنهم يخلطون كثيرا بين دور الفقيه و دور القاضي، فتجدهم يفتون بكل جرأة في مسائل خاصة بالقضاء ، فأحكام القضاء ليس مكانها مجالس الفقهاء وفتاواهم ،وإنما مكانها مجالس القضاء، ولنأخذ كمثال حكم الطلاق بالثلاث هذه المسألة ليست مجرد فتوى، وانما هي حكم قضائي يؤخذ حكمها من القاضي لا من الفقيه إلا في حالة التعليم والدرس، وهي مجالس غير ملزمة إلا بتعليم الحكم لطالبه وحسب توجيهات ولي الأمر في هذه المسألة وللأسف نجد بعض الوعاظ يفتون في كل مسألة دون تفريق بين الحكم القضائي ، والحكم الفقهي وهي ممارسة خطيرة . . وكما قلنا سابقا هناك وعاظ يطربهم اللغط الذي يثيرونه حول مسألة معينة من مسائل الفقه أو العقيدة أو المجتمع ولا يحذرون من المناهي التي يرتكبونها في اللفظ ولا يكنون عن الوصف أو الاسم أو الحكم بسبب فتنة القول وسطوة الأتباع. ما اريد قوله هنا أن الواعظ عليه أن يلتزم بمسائل الوعظ والإرشاد وأن يلتزم التسديد والمقاربة وأن لا يقع في فتنة الأتباع وإرادتهم فقد مر علينا كثيرا في كتب الجرح ولتعديل من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب أتباعه وجمهوره.