في فيلم (السفارة في العمارة) ظهر عادل إمام في أحد المشاهد وهو يتعاطى الحشيش مع مجموعة من أصدقائه بينما كانوا يشاهدون برنامج (الاتجاه المعاكس) في قناة الجزيرة، وكان كلما تحدث ضيفا البرنامج على اختلافهما يعقب قائلاً: "الراجل ده بيتكلم كلام زي الفُل" في موقف يدل على حقيقة أنه لم يكن يفهم - أصلاً - ما يقال. تذكرت هذا المشهد وأنا أتابع تذبذب أنصار الهلال إزاء الواقع المتذبذب أيضاً الذي يعيشه ناديهم هذا الموسم؛ إذ أصبحوا ينسجمون مع أي أطروحة، ومن أي طرف كان، حتى وإن كانت مثل تلك الأطروحات تضر بهلالهم وتزعزع استقراره، بل حتى وإن كانت صادرة عن أطراف معروفة دوافعها، ومكشوفة أمانيها، وهي أن آخر ما يتمنونه مصلحة النادي الأزرق. المتابع للساحة الهلالية اليوم يرصد حالة من التعاطي غير المألوف من الهلاليين باختلاف شرائحهم، وهم الذين عهد عنهم الالتفاف حول ناديهم في أصعب أزماته، بل إن توحدهم يكون مضرباً للمثل في الملمات أكثر مما هو عليه في لحظات الفرح، وهو التعاطي الذي سمح للمتربصين من المحبطين والمأزومين للتوغل في الساحة الزرقاء؛ سعياً لضرب بنية التلاحم الهلالية، مستفيدين من هذا الإرباك الحاصل جراء المستويات والنتائج المخيبة للآمال. المؤسف أن ينسجم بعض أنصار الهلال في هذا التوقيت تحديداً مع أطروحات تذهب باتجاه المناداة بحتمية رحيل الأمير عبدالرحمن بن مساعد، وعودة الأمير بندر بن محمد، وأخرى تشكك في أدوار سامي الجابر بل وتطعن في ولائه للنادي، وثالثة تطالب بإعفاء المدرب هاسيك، ورابعة تدعو لتسريح بعض اللاعبين، وكلها اطروحات تكشف بجلاء عن أن من يقف وراءها لا مصلحة له في هذا التوقيت تحديداً إلا النيل من الهلال والضرب في رموزه. والمؤسف أكثر أن يأتي انسجام بعض الهلاليين مع هكذا أطروحات وفريقهم هو أول المقتسمين لكعكة بطولات الموسم بتحقيقه لكأس ولي العهد، وهو مازال منافساً في مجموعته الآسيوية للعبور للدور الثاني وحظوظه في ذلك وافرة، على الرغم من أنه ليس في كامل عافيته ما أدى لخسارته للدوري؛ وهو الانسجام الذي إذا ما استمر بذات النفس وعلى ذات الوتيرة فإنه حتماً سيصيب (الزعيم) في مقتل. أدرك تماماً بأنه ليس من المنطقي في شيء تجاوز واقع الفريق الذي بدا مترهلاً في كل شيء، وأدرك أكثر أن الصمت على هذا الواقع لا مبرر له؛ خصوصاً ممن لا يقبل للهلال إلا أن يراه متجلياً في عليائه؛ لكن ذلك لا يبرر أبداً التماهي مع أصحاب الأجندات المكشوفة، والأهداف المفضوحة وتسهيل اختراقهم للساحة الزرقاء بالشكل الذي تبدا في الأيام الماضية وبطريقة غير مألوفة في المشهد الهلالي. نعم للنقد من أجل تصحيح الصورة، ونعم لتصعيد الضغط من أجل إصلاح الخلل؛ ولا لمصادرة الآراء؛ ولكن كل ذلك ينبغي أن يتم بالطريقة التي تضمن إعادة العربة الزرقاء لسكتها الصحيحة، لا بالطريقة التي تسهم في خروجها عن المسار نهائياً؛ وعبر الطريقة التي تعبر عن الوعي الهلالي المعروف، لا عبر طريقة "الراجل ده بيتكلم زي الفُل".