يأخذ التبرع بالأعضاء شكلين، إما التبرع من قبل المتوفى دماغياً، ويمكن من خلال هذه الحالة الإفادة من القلب والرئتين والكبد والبنكرياس والكلى، لتبقى الدورة الدموية لهذه الأعضاء حتى الاستقطاع، كما يمكن الإفادة من أعضاء الميت غير المتوفى دماغياً، وتحديداً الذي توفي نتيجة موت القلب، في أغراض «نقل القرنية» و»الجلد» و»العظام» و»الغضاريف»؛ لأنها أعضاء يمكن أن تبقى سليمة لعدة ساعات بعد الموت، على أن يكون المتوفى خالياً من الأمراض المعدية ك «الإيدز» أو «التهاب الكبد الفيروسي»، أو «السل»، وكذلك الأمراض الخطيرة مثل «الورم الخبيث». إلاّ أن المشكلة ليست في إيجاد المتبرع، بل في طريقة التعاطي مع من يقبل بالتبرع بعد وفاته، فهناك من يوصي بأن يتم التبرع بأعضائه، إلاّ أن بعض الورثة يرفض ذلك، رغم أنه أظهرها لهم قبل وفاته، وهنا يبرز أكثر من سؤال: هل ينطلق هؤلاء من التعاطف الإنساني مع متوافهم في عدم التبرع بأعضائه،؟ أم أنها الرؤية الشرعية التي مازالت تدور حول الخلاف في هذه المسألة؟، ولماذا لا يوجد حتى الآن نظام يلزم الورثة بالقبول؟. وقدم مجلس الشورى دراسة حول موضوع التبرع بالأعضاء لم تظهر نتائجها بعد على أرض الواقع، وجاءت هذه الدراسة لتحسم كثيراً من القضايا المتعلقة بالتبرع بالأعضاء، وهي قانون ونظام يحدد هذه المسألة وينظمها. لا تتردد في إنقاذ حياة إنسان يعاني الألم على سريره.. (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) هناك خلاف وأكد «عازب بن سعيد آل مسبل» عضو مجلس الشورى في لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، أن عدم وجود قانون يلزم بتنفيذ وصية المتوفى بالتبرع بالأعضاء يأتي من منطلق خلاف عند أهل العلم، فمنهم من يرى أن هذه الأعضاء لا يملكها الإنسان فهي هبة الله للعبد، وليس له ملك في ذلك، فلا يصح أن يتبرع بها، مضيفاً أن هذا ما هو عليه جمهور كبير من أهل العلم، مبيناً أن هناك من رأى أن في ذلك منفعة لإنسان آخر، يستطيع أن يقدمها إليه، فأخذ بمبدأ من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل، وعلى هذا المبدأ أخذ بهذا الجانب، موضحاً أن موافقة ورثة المتوفى - ولو وافق المتبرع بذلك قبل وفاته - يكون من باب إكرام من ذويه إليه، مشيراً إلى أن في ذلك مبادئ شرعية أخذت في الاعتبار، ومنها - على سبيل المثال - أن المرأة إذا توفي زوجها فإنها إكراماً له تعتد «عدة الوفاة»، وتلك مبادئ شرعية ينبغي أن ينظر إليها من ذلك الجانب، من باب الاحترام للمتوفى وذويه، فهم لا يقبلون أن يمثل به واحتسبوها من ذلك الجانب، ذاكراً أن المسألة قد تخضع للجانب الطبي، ومتى تؤخذ هذه الأعضاء؟، وهل تؤخذ أثناء الحياة؟ - أي إذا توفي دماغياً- أم أنه لايزال على قيد الحياة؟ وهذه مسألة أخرى. آل مسبل: مرجع الرفض حفاظاً على «كرامة الميت»! نازلة حديثة وأيد «آل مسبل» القول الذي يذهب إلى الأخذ برأي أن الأعضاء هبة الله للعبد، ولا يملك الإنسان أن يتبرع بها، مرجعاً قلة المبادرة للتبرع بالأعضاء في المملكة إلى أن الناس تأخذ بالجانب الشرعي، وهي المنطلقات التي تحكم تعاملاتهم، مضيفاً أن الإنسان مكرم، والله كرمه، ومن باب التكريم أن يبقى الإنسان مكرما حتى في حالة وفاته، مبيناً أن الميت وهو في قبره لا يجوز أن يتجاوز قبره أو يدوسه؛ لأن هذا من باب الاحترام والتكريم له في حال موته، لذلك لا تقبل الناس على التبرع من باب شرعي، لافتاً إلى أنه لم يكن هناك حالات في زمن الرسول ورد فيها ذكر «التبرع بالأعضاء»، فهذه من النوازل الحديثة، ولم تكن واردة في قديم الزمان، مؤكداً أنه إذا نزلت نازلة حديثة على الأمة، فإن العلماء يجتمعون، ويوجدون لها الحكم المناسب، ذاكراً أن التبرع بالأعضاء مسألة درست في مجمع الفقه الإسلامي، وحصل هناك خلاف بين أهل العلم على جوازها، ولم يتفقوا على هذه المسألة. قانون ونظام وعن المسألة القضائية في ضرورة تنفيذ وصية شخص، أوصى بالتبرع بأعضائه، وبعد وفاته امتنع الورثة عن تنفيذها، رأى «آل مسبل» أن ذلك متروك للقاضي الذي ينظر للقضية، بحسب ما يرى، فليس هناك قانون محدد يحدد الحكم أو النظام في ذلك، مضيفاً أن مجلس الشورى درس موضوع التبرع بالأعضاء وانتهى من دراستها وتم رفعها، وهي قانون ونظام يحدد هذه المسألة وينظمها، لذلك فإن خروج هذه التوصية بعد البت فيها ستفتح للقضاة وللناس الأخذ بها. عازب آل مسبل