تصاعدت حدة التحذيرات من خطر حدوث كارثة إنسانية شاملة في قطاع غزة بسبب استمرار أزمة نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، في وقت اعتبرت فيه الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس أن الأزمة "سياسية ومفتعلة من جهات خارجية لإحكام حصار القطاع". وتسبب الشح شبه الكلي في توفر كميات الوقود في تعطيل غير مسبوق لحركة النقل والمواصلات الداخلية، وشوهد المئات من السكان خاصة الطلبة والموظفين واقفين في الطرق الرئيسة لوقت طويل دون الحصول على وسيلة نقل. وتشهد محطات التعبئة المحلية التي كان يصطف عليها السكان بأعداد كبيرة يوميا إقبالا ضعيفا نظرا لشح كميات الوقود المهرب، وسط تنامي تجار "السوق السوداء" في القطاع حيث يباع جالون الوقود 20 لترا بثلاثة أضعاف سعره الحقيقي. من جهتها، حذرت وزارة الزراعة في الحكومة المقالة من كارثة غذائية وبيئية تهدد قطاع غزة جراء انقطاع الكهرباء وشح الوقود. وقالت الوزارة في بيان صحفي إن أزمة الكهرباء والوقود أفرزت كارثة تهدد قطاعات مهمة بغزة، أهمها القطاع الزراعي الذي يوشك أن يتوقف بالكامل. وأوضحت أن استمرار الأزمة دون حل سريع وفوري لها ينذر ب "كارثة غذائية" نتيجة توقف الآبار الزراعية والآلات التشغيلية ومصانع التعليب والفرز عن العمل بنسبة كبيرة، إضافة إلى توقف مزارع الدواجن عن التفريخ والإنتاج، وبالتالي حرمان سكان القطاع من اللحوم البيضاء. من جانبه، أكد محمود الشوا رئيس جمعية شركات الوقود في غزة، عدم دخول أي كميات من الوقود إلى القطاع عبر الأنفاق منذ السبت الماضي، موضحا أن محطات توزيع الوقود توقفت بشكل شبه كلي عن العمل، فيما اقتصر عمل بعضها اعتبارا من أمس على بيع كميات محدودة من البنزين والسولار الإسرائيلي. وأشار الشوا إلى أن موردي الوقود المصري عبر الأنفاق مع مصر توقفوا كليا منذ مطلع الأسبوع الحالي عن تزويد القطاع بأية كمية، لأسباب عدة أهمها الرقابة المشددة التي تفرضها الجهات المصرية المسئولة على الطرق المؤدية لمدينة رفح المصرية إضافة إلى الأسباب المتعلقة بمطالبة الموردين "المهربين" بفرض أسعار جديدة على الوقود المهرب نظرا لارتفاع سعره في السوق المصرية وارتفاع كلفة نقله في ظل الرقابة المشددة على حركة نقل الوقود. وفي هذه الأثناء، قال وزير الخارجية والتخطيط في الحكومة المقالة محمود عوض في مؤتمر صحفي عقده في غزة، إن أزمة الوقود والكهرباء التي تعصف بقطاع غزة هي "سياسية ومفتعلة"، متهما جهات خارجية بالتورط فيها بغرض "إحكام" الحصار على القطاع. وطالب عوض مصر بتنفيذ "تفاهمات" جرى التوصل إليها بخصوص بدء توريد الوقود إلى قطاع غزة وحل الأزمة الخانقة التي يعانيها منذ نهاية العام الماضي. وحمل عوض "الاحتلال الإسرائيلي وأدواته" المسئولية عن أزمة الوقود في غزة، مطالبا جامعة الدول العربية والأمم المتحدة بالتدخل العاجل لحلها والعمل على إنهاء الحصار بشكل عملي وفعلي ونهائي "فإمداد غزة بالوقود العربي سيشكل كسرا فعليا للحصار المفروض على القطاع منذ ست سنوات". ويحتاج قطاع غزة إلى 700 ألف لتر من الوقود يوميا (تتوزع بين 200 ألف لتر بنزين و500 ألف لتر من السولار)، لصالح محطات موزعي البترول المحلية بخلاف ما تحتاجه محطة توليد الكهرباء، فيما لا يدخل منذ أكثر من شهرين عبر أنفاق التهريب سوى كميات محددة لا تتعدى 150 ألف لتر يوميا.