خير الأمور الوسط، والأكثر أمنا في الإتجاهات الوسط، مكان عبقري يترفع عن السقوط المذل، ويبغض الكبرياء المتعالية، ينعم أصحابه بالثناء المقدس "خير أمة أخرجت للأرض" ووسط العمر هو زمن الحكمة والقوة الناضجة على نار الخبرة والتجارب، وإن فرغ متوسط العمر من الحكمة فأعلم أن صاحبه تعدى بسفه على أعمار الصغار وأصبح سفيها، وهو لهؤلاء: القاضي: موقع الحياد العادل التاجر: مكسب حلال بعيدا عن الجشع الحزين: وسط الليل خير له من أوله وآخره الراقصة: رأس مال إذا سمعت وزيرا يقول: أنه بدأ حياته العملية موظفا بسيطا أوصغيرا، واستمر بترديد هذه العبارة في كل مناسبة دون أن يشير لموقع وسط مر به في طريق الصعود للمنصب الكبير، فانظر لموضع قدميك وليس قدميه، واترك لك حرية التصرف بعد ذلك. الوسط معيار للقياس الدقيق للنمو والتراجع، متوسط الدخل، متوسط الزيادة السكانية، مقياس صادق لكل شيء قابل للتراجع أو النمو، ومنه نعرف أين تتجه الأمور في المستقبل، وأمة تريد أن تحافظ على وجودها فلا سبيل لها لذلك، إلا بالمحافظة على الطبقة المتوسطة، وفي بلدنا والحمد لله عملت الإدارة العليا على دعم الطبقة المتوسطة من خلال تشجيعها للمشاريع التنموية المتوسطة، ودعم كادر القضاة والمهندسين والأطباء والمعلمين وغيرهم من أصحاب المهن المتخصصة ودائمة الإنتاج. ولكن المشكلة لدينا أن الطبقة المتوسطة، لا تجيد العمل باحترافية منتجة لتجعل من موقعها المتوسط رافدا أساسيا لنمو المجتمع اقتصاديا والمحافظة على سلامته أمنيا، فقد أعطاها موقعها الوظيفي سهولة الإطلاع على المشاريع المستقبلية، فرأت بذلك بأنه فرصة لها للصعود للأعلى، فبدلًا من أن تكون هي الطبقة التي تراقب معدلات النمو وتعمل على المحافظة عليها، حرصت على كسب هذه الفرص لصالح طموحها الشخصي، فانتقلت من موقعها المتوسط ماديا الى موقع أعلى ماديا، وتركت موقع الوسط خاليا، فلا الصغير يستطيع الوصول إليه ولا النزول إليه من أعلى يعد أمرا منطقيا، فبهذا خسرنا نموا يحافظ على استمراره مهما ارتبكت الدنيا من حولنا. فبنظرة سريعة لقرارات مجلس الوزراء نكتشف معها وبها حرص القيادة على ثبات الطبقة المتوسطة، فكل الأمل أن تعي هذه الطبقة دورها في تنمية البلاد ولا تستعجل النمو والصعود الشخصي على حساب تنمية بلدها واستقراره.