كان من المفترض ان تكون اسماء الأسد زوجة الرئيس السوري بشار الأسد الوجه الأكثر رقة لنظام يدعي أنه إصلاحي لكنها اصبحت الآن شخصية يمقتها الكثيرون. وبعد أن وصفت ذات يوم بانها «زهرة في الصحراء» باتت السيدة الأولى المولودة في لندن مختفية في قلب الدائرة الداخلية الغامضة للرئيس الأسد. وفي حين تنزلق سوريا نحو الحرب الاهلية وتقف القوى الخارجية في انتظار تصدع الزمرة الحاكمة يمكن أن يكون فهم شخصية اسماء مهما لفهم عائلة الأسد ومستقبل الازمة السورية. واكتسبت الموظفة السابقة ببنك استثماري والتي تلقت تعليمها في بريطانيا صورتها كامرأة فاتنة وجادة تحمل قيما قوية مستلهمة من الغرب كان من المفترض ان تحدث تحولا إنسانيا في عائلة الأسد التي تزداد كتمانا وانطواء على النفس. لكن تلك الصورة انهارت عندما استخدم زوجها العنف الشديد منذ نحو عام للرد على تمرد على الحكومة. وقررت اسماء بشكل واضح الوقوف بجانب زوجها رغم النفور العالمي من افعاله. ويقول الأسد انه يقاتل تمرداً يشمل «ارهابيين» مدعومين من الخارج. وتنحدر أسماء من مدينة حمص التي باتت رمزاً للانتفاضة والتي تعرضت لهجوم عنيف بشكل خاص شنته الدبابات السورية حولها إلى انقاض خلال الصراع. ومع ولعها بأحذية كريستيان لابوتان المرصعة بالكريستال وفساتين شانيل تمثل اسماء لغزا بالنسبة للكثيرين. وترفض المعارضة السورية بشدة التلميحات إلى أنها فعلياً سجينة رأي في القصر الرئاسي. وقالت جايا سيرفاديو وهي كاتبة ومؤرخة عملت مع اسماء في عدة مشروعات فنية «كانت إلى حد كبير مثلما نقول يسارية. خلقت انطباعا جيدا جدا جدا. كانت تبدو متألقة للغاية وفي غاية الاحترام للآخرين.» وأضافت «انه نظام كريه للغاية ... آلاف الاشخاص سقطوا قتلى. لهذا من الصعب للغاية ان نقول: امرأة مسكينة. كان ينبغي لها بالتأكيد ان تجد وسيلة للتحدث.» وكانت اسماء وهي ام لثلاثة ابناء وتبلغ من العمر 36 عاما توصف في وسائل الاعلام الغربية بانها امرأة راقية وأنيقة مفعمة بالثقة وتتمتع «بذكاء حاد» ومهتمة بانفتاح سوريا من خلال الفن والاعمال الخيرية. أسماء داخل مجسم لسفينة فينيقة يتم بناؤها في جزيرة أرواد السورية.. السيدة الأولى تهتم بالفن لا بالشعب وبالنسبة لأولئك الذين علقوا آمالهم على الأسد كإصلاحي محتمل عززت زوجته الرقيقة تلك الصورة حيث أضفت لمسة من البريق على ظهوره العلني الذي يفتقر للجاذبية. ووصفتها مجلة فوغ الشهيرة في مقال اطرائي بانها «زهرة في الصحراء» وعائلتها «بالديمقراطية الجامحة». وقالت صحيفة فرنسية انها «مصدر ضوء في بلد مليء بالمناطق المظلمة». وافتتن الناس بسلوكها المهذب وآرائها الليبرالية ولهجتها البريطانية. وحصلت عام 2008 على الميدالية الذهبية لرئاسة الجمهورية الايطالية تقديرا لدورها الانساني وحصلت على الدكتوراه الفخرية في علوم الآثار من جامعة لاسابينزا في روما. أسماء الأسد في كامل أناقتها لكن رسائل الكترونية نشرتها صحيفة غارديان البريطانية هذا الشهر من حسابات يعتقد انها تخص عائلة الأسد ترسم صورة مختلفة حيث تظهرها على انها زوجة دكتاتور غريب الأطوار تنفق عشرات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية على الجواهر والاثاث الفاخر ومزهرية زجاجية من البندقية من محلات هارودز. وقالت على ما يبدو في احدى الرسائل الالكترونية في تعليق بشأن زوجها «انا الدكتاتورة الحقيقية.. ليس لديه اي خيار.» ويبدو أن من يتصل بها من لندن وهو رجل اعمال سوري يرسل إليها رسائل الكترونية مستخدما عنوانا اطلق عليه اسم «حفلة حفلة». وتبدو قصة كيفية زواج ابنة الطبيب السني المولودة في لندن من أحد أفراد عائلة الأسد التي تنتمي للاقلية العلوية أمرا مقصودا. وولدت أسماء في ضواحي لندنالغربية التي تصطف المنازل الفاخرة على جانبي شوارعها الهادئة. وبعد 12 عاما على زواجها من الأسد يبدو منزل العائلة شبه مهجور وستائره مسدلة. وقال الجيران ان والدها ما زال يعيش في المنزل مع زوجته وهي دبلوماسية سابقة. وقالت احدى الجيران وهي امرأة عربية منقبة طلبت عدم الكشف عن اسمها «نعرف انهما هناك لكننا لا نراهما.» ولم يرد أحد على جرس الباب عندما توجهت رويترز إلى المنزل في مطلع الاسبوع. وقال معارض سوري من حلب يعيش على مقربة وطلب أن يشار إليه بلقبه فقط وهو زايد إن معظم السوريين في بريطانيا يحتقرون اسماء الآن. وشبه زايد اسماء بماري انطوانيت أو بزوجة دكتاتور رومانيا نيكولاي تشاوشيسكو. وطالب زايد زوجة الزعيم السوري «باتخاذ موقف من اجلك .. من اجل شعبك...(لكنها) لم تفعل ذلك قط.» وقال عضو كبير في الجمعية البريطانية السورية التي شكلت بمساعدة الأسد لتعزيز الروابط التجارية انه التقى بالأسد وزوجته في لندن واستخدم كلمات دافئة في وصفهما. وقال «كان الحديث إليهما أمرا مثيرا للغاية. كان كشخص اراد الاستماع وتلقي الافكار والنصائح ومنفتح على الجميع. اوضح انه يرغب في ان يساعد السوريين في الخارج في بناء الدولة مجددا. كان ودودا ومتحمسا.» وأضاف مشترطا عدم الكشف عن اسمه في ناد للرجال في إحدى ضواحي لندن «شعرنا جميعا بان هناك فرصة في ان الرئيس الذي يمثل الجيل الاصغر يمكن ان يقود سوريا إلى عصر جديد من التغيير. «ربما يشعر بالتعرض للخيانة. لماذا يتحالفون (الغرب) ضده؟ الآن يقول البعض انه يملك السيطرة الكاملة.. وآخرون يقولون خلاف ذلك. ربما شعر بالصدمة لأنهم.. انقلبوا جميعا عليه في النهاية.» ولم يرد فواز الاخرس والد اسماء وهو طبيب قلب ومؤسس الجمعية البريطانية السورية على طلب من رويترز قدم عبر احد الوسطاء لعقد لقاء معه. وأمضت اسماء التي تعرف لدى اصدقائها البريطانيين باسم «ايما» سنواتها الخمس والعشرين الاولى في نورث اكتون والتحقت بمدرسة كوينز كوليدج للفتيات ودرست علوم الكمبيوتر في الكلية الملكية بلندن. وكانت نجمة صاعدة في بنك جيه.بي مورغان عندما قابلت بشار الذي درس طب العيون في لندن لكن أعيد إلى بلاده لإعداده لتولي الرئاسة بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل في حادث تحطم سيارة عام 1994. وقالت اسماء لمجلة فوغ «كنت جادة دائما في العمل وفجأة بدأت في أخذ عطلات في نهاية الاسبوع او الاختفاء ولم يستطع الناس تفسير ذلك. ماذا أقول لهم.. (هل أقول) أواعد نجل رئيس؟» وتزوج الاثنان في عام 2000. وكانت حياتهما بعد ذلك مليئة بالتألق. وتناولا العشاء ذات يوم مع انجيلينا جولي وبراد بيت في سوريا. وتقول مجلة فوغ ان بشار قال مازحا «أراد براد بيت ارسال حراسه الامنيين الى هنا للحصول على بعض التدريبات». ويظهران في صورة وهما يلعبان مع اطفالهما واللعب متناثرة على السجادة. لكن عائلة الأسد لم تحب اسماء لأسباب من بينها أصولها السنية. وقالت سيرفاديو التي امضت وقتا مع العائلة في سوريا قبل الانتقاضة لرويترز في لندن «من المؤكد ان عائلة الأسد لا تحبها.. وهذا بعبارة مهذبة.. كانت تحت المراقبة باستمرار - هاتفها - كانت شديدة الحذر.» وأضافت «كانوا يصرخون في وجهها. كم هو غريب صراحة ان تعامل امرأة اختيرت لتكون زوجة الرئيس وهو حاكم مطلق بهذه الطريقة.» وتابعت «كان الأمر يشبه سلطة من العصور الوسطى.. أمراء حرب.. واحد ضد الآخر.» وانتخب بشار رئيسا بحصوله على 97 في المئة عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد الذي حكم سوريا بقبضة من حديد لعدة عقود. وقبل بدء انتفاضة عام 2011 كانت هناك آمال في امكانية حدوث تغيير في سوريا. ورأى السوريون اختياره لزوجه دليلا على ان الاوضاع توشك ان تتغير. وقال غسان ابراهيم رئيس تحرير الشبكة العربية العالمية ومقرها لندن «عندما تولى السلطة قال الناس .. لنعطيه فرصة ونرى ماذا سيفعل.. .» وأضاف «ما حدث هو انه جعل الفساد اكثر تنظيما وظهرت المافيا وتزايدت حدة الفقر.. (لكنها) تقف بجانب المجرم وتدعمه.» وأعطت رسائل الكترونية سربتها المعارضة السورية لمحة تقشعر لها الابدان لاسلوب حياة الترف الذي يتمتع به الزوجان حتى في الوقت الذي تقصف فيه قوات الأسد معاقل المعارضة. وفي احدى الرسائل الالكترونية يستخف الأسد بالإصلاحات التي طرحها ويصفها بانها «هراء». وكتبت اسماء فيما يبدو رسالة بالبريد الالكتروني قالت فيها لزوجها «ان كنا قويين معا فسنتجاوز هذه المحنة معا...احبك.» ومع انتشار الانتفاضة بدأت اسماء تتوارى تدريجيا عن الانظار لكنها كسرت صمتها في فبراير/ شباط قائلة في بيان إن الرئيس هو رئيس لسوريا وليس لفصيل من السوريين وإنها تدعمه في ذلك الدور. وفي مقابلة اجرتها معها شبكة (سي.ان.ان) عام 2009 بدت اسماء عصبية وقالت «الوقت ينفد. نعمل ضد عقارب الساعة. اصيب ثلاثة آلاف وثلاثمئة شخص. والاكثر من ذلك شرد 22 ألف شخص من منازلهم... انه القرن الحادي والعشرين. اين يمكن حدوث ذلك في اي مكان بالعالم؟» وكانت اسماء تتحدث عن عملية إسرائيلية في غزة في ذلك الوقت. ويعتقد البعض ان اسماء اداة دعائية لعائلة الأسد وغير قادرة على التحدث او الهرب. وقالت سيرفاديو «انها اسيرة فعليا... سأتهمه (الأسد) بكل تأكيد بأنه جبان.. اعتقد انه دمية. «بالنسبة لها (العائلة) من الرائع ان يكون لديها كبش فداء.. هذان الشخصان على القمة اللذان ينالان كل الكراهية.» ويختلف غسان ابراهيم مع ذلك ويقول «هذا ليس صحيحا على الاطلاق. الأسد في السلطة منذ اكثر من 12 عاما. انه يسيطر على الأمور كلها. تقديم مثل هذه الاعذار له غير مقبول. انهم مثل المافيا.» وتقول رسائل البريد الالكتروني المسربة انه مع احتدام المعارك في انحاء سوريا واصلت اسماء انفاق الاموال على الحلي الانيقة من لندن. وبالنسبة للمواطنين العاديين فإن اسماء الأسد اصبحت الآن شخصية مكروهة. وقال شخص يدعى فواز شارك في اجتماع لجمع الاموال للمعارضة في لندن «لقد سرقوا الاموال السورية وتبعثرها (اسماء) هنا في لندن.» وأضاف «هي ووالدها شريكان في هذه الجريمة. لم يتعلما شيئا من الديمقراطية هنا في المملكة المتحدة.»