يتهمني صديق عزيز بأني أبالغ في فوائد الإنترنت وخصوصاً في عمليات البيع والشراء، والتعامل التجاري مع عدد غير محدود من البشر من مستخدمي الإنترنت. وينطلق الصديق في اتهامه من واقع التجارب الكثيرة في مجال التجارة الإلكترونية في الوطن العربي والتي لم تلق النجاح، وحيث إن كثيراً من المواقع التجارية العربية لاتزال تعاني من ضعف الاقبال وتدني المردود المادي. وقبل أيام قابلت الصديق وأطلعته على التقرير المالي لشركة أي بي (eBay) التي حققت دخلاً يزيد عن البليون دولار خلال الربع الاول من السنة الحالية 2005م. وقد أنشأت الشركة السابقة الذكر في عام 1995م، وطورت من آلياتها وبرامجها لتكون السوق الفوري العالمي لبيع مئات الملايين من المواد والخدمات يومياً بين الأفراد بعضهم مع بعضهم وبين المنشآت التجارية عبر شبكة الإنترنت. وتشعب النقاش مع الصديق - وهو لايزال على قناعة أن الإنترنت في عالمنا العربي، لا تجلب ولو جزءاً بسيطاً من هذه الأرباح، وتسأل، قد يكون للغرب إنترنت تختلف عن ما لدينا؟! لأن ما نذكره الآن هو من الخيال، وكيف لشركة لا تتعدى عمرها الزمني 20 سنة، أن تدر دخلاً سنوياً ببلايين الدولارات. ولاشك أن الصديق العزيز يدرك أن شبكة الإنترنت واحدة عبر الكرة الأرضية ولكن الذي يختلف هو البيئة التي تحيط بالشبكة. وأوضحت له أن ما ينقصنا هو الرؤية الاستراتيجية لما تتجه اليه هذه الشبكة العجيبة من ربط للناس والأسواق بطرق مدهشة، تؤدي في النهاية إلى أرباح خيالية. فهل لدى أرباب الأعمال الوعي المعرفي العميق لإدراك كيف ستغير الإنترنت طريقة ممارسة الأعمال التجارية؟.. وهل لدى المؤسسات المالية الرغبة في خوض دعم منشآت الأعمال، والانتظار عليها حتى تتمكن من تحصيل استثماراتها عبر عدة سنوات؟.. بلادنا تقترب من الانضمام لمنظمة التجارة العالمية حيث ستكون المنافسة على أشدها، وسيفوز بالزبائن الشركات الغربية الضخمة المدعومة بالاستثمارات المالية الكبيرة والتي تستخدم التقنية الحديثة في أعمالها. وللأسف لازالت المنشآت التجارية والمؤسسات المالية لدينا تعمل بطريقة تقليدية غير مدركة للتحدي القادم!.