روسيا بوتين لا زالت تعيش في تاريخ الدولة السوفيتية وهناك عدد من الروس أصحاب القرار يعيشون أيام خروتشوف وكوسيجين وبريجينيف وجروميكو.. ولم يعرفوا أن العالم تغير كثيراً. روسيا خسرت مواقعها بسبب سياستها غير الواقعية في المنطقة وسياستها المنغلقة، ورجل كبوتين يعيش بعقلية الكي. جي. بي، وأصبح يتداول الرئاسة بشكل مضحك وفيه استهجان بعقلية العالم والروس، هذا الرئيس أفقد روسيا مصالحها في المنطقة، خسرت العالم العربي لأنها عكس التيار تماماً ولا تعرف ما يجري في العالم، عدد من العرب راهنوا على روسيا ومدوا لها يد التعاون، وكان بإمكان روسيا أن تجد سوقاً اقتصادية وصفقات ولكنها راهنت على أنظمة مهزوزة مما أفقدها مصالحها وأخيراً كانت القاصمة في وقوفها مع النظام السوري مما أخسرها الشارع العربي الذي كان يراهن على روسيا كصديقة للعرب في قضاياهم القومية، ولم تكتف السياسة الروسية بذلك بل دخلت في صراع مع الدول العربية ولم توفق دبلوماسية بوتين في مواقفها فكسبت عداوة العرب الذين صاروا ينظرون لها كعدو، والنظام السوري بسقوطه ستكون روسيا خرجت من المنطقة تماماً. الروس يظنون أنهم لم يبق لهم سوى النظام السوري ورأوا أن الغرب قد تقدم عليهم في مناطق نفوذهم. ولكن لو أن روسيا فكرت ودرست لعرفت أنها بامكانها أن تكسب الشعوب والدول العربية من خلال مواقف متعقلة وواقعية، لن تجد روسيا سوقاً لتجارتها ولا لأسلحتها في المنطقة، لقد خدمت الغرب مجاناً وقدمت له ما لم يحكم به بسياستها الحمقاء.. مقابل رشاوى لمسؤولين روس من دولة إقليمية لا يهمها إلا نفوذها وأحلامها الامبراطورية وتريد استخدام روسيا لتحقيق أهدافها. إن روسيا التي تعيش أوضاعاً داخلية صعبة من تذمر الناس مما يجري حولهم من تقدم وحصول الفقر ويرون أن أوروبا الشرقية سابقاً أصبحت أحسن حالاً منهم وانتشرت العصابات الاجرامية والقرصنة الداخلية في المعلومات والفساد بكل أنواعه، كل ذلك أصبح مشكلة كبيرة، ولا شك أن الغرب الذي يغزو روسيا اليوم عبر الانترنت والقنوات والفكر يسبب إزعاجا كبيرا لرجل كبوتين ولا يزال يفكر بعقلية الماضي ولا يزال يريد أن يجدد وهو ثري جداً بفضل مستشاريه القدامى، هذا كله يجعل الغرب يحقق الكثير ويخسر روسيا حتى نفوذها في مناطق الجوار التي كانت نفوذا لها. للأسف العرب لم يفكروا في كسب الشعب الروسي وإقامة علاقة تقوم على المصالح المتبادلة وممارسة ضغوط على روسيا من خلال الاقتصاد. أما روسيا فهي لم تنجح في الوصول إلى العرب وكانت لها مكانة في مواقفها التي هي مجرد شعارات في قضايا فلسطينية رغم أن روسيا وإسرائيل لهما علاقات قوية جداً. ولكن الإعلام اليساري لعب هذا الدور، كل هذا دفع الناس إلى الظن أن روسيا هي حليفة العرب وكانت القيادة الدبلوماسية السابقة تجيد ذلك الاستغلال لكن سياسة بوتين الذي يشبهه الناس بقصة قطة سقطت من أعلى سطح منزل ففقدت الذاكرة وقالت هل أصبح هاو أو ماو أي إنها ليست هل هي قطة أم كلب. فهو لا يدري هل هو ليبرالي مع التغيير الذي جاء به يلتسن أم شيوعي سابق. روسيا اليوم تراهن على دولتين الهند وإيران، أما الهند فهي تستفيد من روسيا ولكن الغرب يحتوي الهند وعندما تتم الصفقة الأمريكية الهندية على بعض الأشياء تكون روسيا مهمشة، وإيران براجماتية لها أهداف مؤقتة وبينهم صراع على النفوذ في آسيا الوسطى، الجمهوريات السابقة. وأما الصين فهي ليست حليفا دائماً لخلافات سابقة، وقد يتم اللقاء أحياناً وفق صفقات. وتقول أمريكا وأوروبا وبالذات فرنسا إن روسيا نفسها ستصبح منطقة نفوذ بعد حصارها وغزوها بالتكنولوجيا الحديثة وتغيير التفكير عند جيل الشباب الروسي الجديد في الغرب الذي سيعود ليقود روسياالجديدة. لقد صدم الناس من جهل القادة الروس والخبراء بالدول العربية سنوات مما يجري حولهم وحقائق الشارع العربي ووضع الدول اليسارية، ولذا نجد أن الروس وعلى رأسهم الخارجية أصبحوا يتصرفون بعقلية هستيرية بعد الخسائر التي منوا بها في دبلوماسيتهم وكان الأولى أن يراجعوا أخطاءهم وكان آخرها التصريح الأخير ضد المملكة وليبيا الذي هو آخر مسمار في نعش الصداقة العربية الروسية.