شكلت دراسات الأمن الغذائي والمائي خلال العقدين الأخيرين أهمية كبرى للعديد من الدول ، ومنها المملكة حيث برزت خلال التغيرات المناخية والاضطرابات التي أصابت أسواق الغذاء العالمي أهمية معالجة الوضع القائم فيما يتعلق بتأمين الغذاء من خلال جملة من الخيارات والتي من بينها الاستثمار الزراعي الخارجي ، وكان منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الخامسة قد سلط الضوء على هذه القضية من خلال دراسة بعنوان "الأمن الغذائي بين الزراعة المحلية والاستيراد والاستثمار الزراعي الخارجي " حيث رصدت الدراسة جملة من المعوقات والمشكلات التي تعترض الاستثمار الزراعي الخارجي والتي من اهمها عدم توقيع الاتفاقيات الإطارية الزراعية بين المملكة والدول المستهدفة والتأخر في الإعلان عن التسهيلات الائتمانية المقترحة إلى جانب التأخر في إعلان اتفاقية عقود الشراء Off take Agreement وعدم وجود ملحقين زراعيين أسوة بالتجاريين في السفارات السعودية بالدول المستهدفة . وذكرت الدراسة أن عدم وجود شفافية في تطبيق قانون الاستثمار خاصة فيما يتعلق بتخصيص الأرض الزراعية وضعف البنية التحتية في مناطق الإنتاج الزراعي والحيواني اللازمة لتشجيع المستثمر وعدم وجود أراضٍ مخططة وجاهزة للاستثمار في تلك الدول تؤثر سلبا على الاستثمار الزراعي الخارجي . وبينت الدراسة ان دور القطاع العام في تحقيق الأمن الغذائي يتمثل في توفير الإطار القانوني الآمن للاستثمارات الزراعية في الخارج عبر الاتفاقيات الدولية ،وتوفير المعلومات والبيانات والقيام بالدراسات الاستطلاعية للفرص الاستثمارية في الدول المستضيفة ،وإنشاء المستودعات والصوامع للخزن الإستراتيجي والمشاركة مع القطاع الخاص في إدارة المخزون الإستراتيجي لأهم السلع الغذائية ،وتمويل مشروعات البنية التحتية اللازمة للاستثمارات الزراعية في الدول التي يقع عليها الاختيار على أساس قروض ميسرة الرسوم وفترة سداد طويلة المدى، مع فترة سماح لبداية التسديد. كما أكدت الدراسة على دور القطاع الخاص في تحقيق الأمن الغذائي مؤكدة على ضرورة إقامة المشروعات الزراعية في الدول المضيفة والتي تتطلب الإنفاق على رأس المال الثابت والتكاليف التشغيلية سواء على غرار شروط وسياسات الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) المفرد أو الاستثمار المشترك مع بعض مواطني تلك الدول (Joint Ventures) . ورصدت الدراسة جملة من النتائج والتوصيات التي رأت انها تعالج تلك المشكلات ومن بين ابرز النتائج ان ضعف الرقابة الحكومية على أسعار السلع الغذائية ادى الى ارتفاع الاسعار ، كما ارجع عدد من "المنتجين الزراعيين" عدم التوسع في الإنتاج الى ارتفاع أسعار المدخلات وخاصة أسعار المبيدات، عدم وجود عمالة ،تقليل كميات القمح المسلمة للصوامع ، وعدم توافر التمويل اللازم وكان من بين ابرز توصيات الدراسة اعادة هيكلة المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق ، وإعادة النظر في قرار مجلس الوزراء بشأن تقييد زراعة القمح في المملكة .