ظاهرة تلوث الهواء في المدن الكبيرة المزدحمة بالسكان ظاهرة عالمية ، يعاني منها ملايين البشر ، ولا سيما أولئك السكان الذين يوجدون في الأحياء التي تقع في وسط هذه المدن . وتشير الإحصاءات إلى أن الغازات التي تنفثها عوادم السيارات هي العامل الرئيس في تلوث الهواء في المدن ، وقد تصل هذه الملوثات إلى حوالي 60 % من حجم عوامل التلوث الأخرى . وتدل الأبحاث على خطورة استخدام البنزين المرصص ، حيث تدل الأبحاث على أن بروميد الرصاص المتطايرة تكون مع الهواء معلقاً دقيقاً جداً من نوع الأيروسول الذي ينتشر في جو المدن ، ويدخل إلى المنازل والمكاتب من خلال النوافذ والأبواب والفتحات . ويصل تركيز الرصاص في هذا الأيروسول في بعض المدن المزدحمة إلى حوالي 10 – 50 ميكروغراما في المتر المكعب من الهواء . وترافق هذه التركيزات من الرصاص بعض الفلزات مثل النحاس والزئبق والكادميوم والزرنيخ والزنك والسيلينيوم وغيرها ، وهي عناصر شديدة السمية للبيئة والكائنات الحية وخاصة الإنسان . ولا توجد هذه العناصر السامة في البنزين فقط بل يمكن أن تنتج عن التدخين ، ومصانع الحديد والصلب ، وعمليات إنتاج الإسمنت، ومصانع إنتاج البطاريات ، والنشاط البركاني بالإضافة إلى الغبار والأتربة . وتعاني المدن الرئيسية في المملكة مثل الرياضوجدة والدمام من ظاهرة تلوث الهواء ، ففي جنوبالرياض وجد أن متوسط تركيز الجزيئات الصلبة وصل إلى حوالي 600 ميكرو جرام في المتر المكعب الواحد ، وهو مايعادل ضعف الحدود المسموح بها بيئياً . وتوضح بعض الدراسات أن جودة الهواء في مدينة الرياض بدأت في التدني خلال السنوات الماضية بسبب زيادة حركة النقل داخل المدينة ، وزيادة نشاط الكسارات ونقل التربة ، وازدياد محطات الطاقة الكهربائية ، والنشاط الصناعي بمختلف أنواعه بالإضافة إلى غياب الضوابط اللازمة للتحكم في آثار الأنشطة التي تؤثر على جودة الهواء . وقد أوردت بعض الدراسات الخاصة بتلوث الهواء في المدن الرئيسة بالمملكة بعض التوصيات التي تركز على التنسيق بين الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة والجهات المعنية من أجل التعرف على المناطق الأكثر تلوثاً وتحديد مصادر التلوث واقتراح الإجراءات الناجعة للحد من الانبعاثات مثل مصانع الإسمنت ومصافي البترول وغيرها . ولا بد من تشجيع وحث الجهات المعنية على إدخال اختبار العوادم في برنامج الفحص الدوري ، وإلزام المنشآت الصناعية على استخدام أنسب الطرق الفنية المساعدة على التحكم في الانبعاثات من مختلف المصادر . كما أنه من الضروري العمل على زيادة الأحزمة الخضراء حول المدن الرئيسة في المملكة مع زيادة المساحات الخضراء والمناطق المفتوحة التي تعد جزءاً مهماً من البيئة النظيفة والمتجددة التي تجعل الحياة أكثر جمالاً وصحة .