بعد أسابيع فقط من توجيهها دعوات إلى وسائل الإعلام المحلية تستنكر عليها نعتها ب "الصامتة الكبرى" تعود المؤسسة العسكرية في الجزائر لتصنع مجددا المادة الأولى لصحف البلاد على خلفية ما اعتبر انخراطا مستترا للجيش مع الإدارة في تزوير مسبق للتشريعيات المزمعة في 10 مايو المقبل. وانفجرت قضية ما اعتبر تزويرا مشتركا مسبقا للإدارة والجيش في التشريعيات المقبلة بعدما كشف رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات محمد صدّيقي أن قوائم انتخابية كثيرة بعدد من ولايات البلاد تم حشوها وتضخيمها بأسماء أفراد من الجيش تم تسجيلهم بعد "استنفاد الآجال القانونية" لمراجعة القوائم الانتخابية المحددة في 22 فبراير الماضي وخارج دوائرهم الانتخابية وفي ولايات لا علاقة لهم بها ودون شطب أسمائهم في دوائرهم الأصلية. ويضاعف محمد صدّيقي، وهو زعيم حزب سياسي صغير "عهد 54 " لا يملك سوى مقعدين في البرلمان لكنه تحصل على غالبية الأصوات التي رشحته لتولي رئاسة اللجنة ، الأولى من نوعها ، التي يتم استحداثها بموجب قانون الانتخابات الجديد ، يضاعف من خرجاته الإعلامية للتنديد بما اعتبره "تزويرا مسبقا" للنيابيات على خلفية عدم اقتناعه ومن معه في اللجنة بتبرير وزارة الداخلية التي اعتبرت عملية التسجيل المطعون فيها "مشروعة و قانونية" كون أفراد الجيش المسجلين حديثا كانوا مثلما صرح وزير الداخلية دحو ولد قابلية في "عمليات خاصة". ولم تثر تصريحات محمد صدّيقي ردّ فعل قيادات المؤسسة العسكرية ، حيث ما يزال الجيش يلتزم الصمت وهو الذي استنكر نعت وسائل الإعلام له ب "الصامتة الكبرى" رغم خطورة الاتهامات التي تطاله من لجنة مراقبة الانتخابات من جهة ومن الأحزاب السياسية التي جددت دعوتها الجيش بالبقاء خارج اللعبة السياسية ، وهو ما عبّر عنه الحزب الإسلامي المعتدل "حركة مجتمع السلم " (حمس) المنسحبة من قطب التحالف الرئاسي المدعّم لبوتفليقة التي اعتبرت في بيان وصل مكتب "الرياض" أن ما لجأت إليه الإدارة سيعرّض الجيش إلى الانتقاد ويدخله في صراعات سياسية. وفتحت من جهتها المترشحة السابقة لرئاسيات 2004 الوزيرة حنون النار على وزارة الداخلية ومعها المؤسسة العسكرية عندما اعتبرت تضخيم القوائم الانتخابية بأسماء عسكريين "تمهيد للقيام بعمليات تزوير" وأثارت تصريحات زعيمة حزب العمال ، الوزير الأول أحمد أويحي ، الذي ردّ على الأخيرة على هامش نزوله إلى الغرفة الثانية للبرلمان عندما سألته الصحافة بشأن هذه الفضيحة بالقول: "لا الجيش ولا الدولة هيئة مزورين". وكان محمد صديّقي ذكر الاثنين في لقاء صحفي أجرته معه احد المواقع الإخبارية أن 30 ألف فرد من الجيش من المجندين و شباب الخدمة الوطنية تم تسجيلهم في ولاية " تندوف " أقصى الجنوب الغربي للبلاد في قوائم انتخابية تم ضبطها والمصادقة عليها وغلقها نهائيا في 22 فبراير الماضي وأن عمليات مماثلة شهدتها عدد من الولايات مثل "بشار" في الجنوب الشرقي و"جيجل" في الشمال الشرقي و" تمنراست " أقصى الجنوب على الحدود مع مالي. و يراهن الرئيس بوتفليقة كثيرا على التشريعيات المقبلة وراح إلى حد وصفها ب "المصيرية" بل وحذّر من عواقب تدخل أجنبي في حال قادت الانتخابات إلى مآل لا يحمد عقباه ، و سمح الرئيس بوتفليقة لأول مرة بحضور مراقبين دوليين من كبريات الهيئات الدولية لضمان شفافية الاقتراع ، وشدّد في خطاب للجزائريين على التزامه ضمان الإنصاف بين المترشحين عبر آليات تبعد الإدارة عن السياسة من خلال لجنتين لمراقبة الانتخابات الأولى يشرف عليها ممثلو الأحزاب السياسية أنفسهم والثانية تضم 316 قاضيا عيّنهم بوتفليقة بموجب مرسوم رئاسي.