الدفاع المدني ينفذ تجربة صافرات الإنذار الثابتة في عدة مناطق بالمملكة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 36 شهيدًا    وصافة مستحقة    التعاون يقسو على ضمك بسداسية في دوري روشن للمحترفين    أوكرانيا: أكبر مستورد للأسلحة عالميًا    عندما يعطس الاقتصاد الأميركي يصاب العالم بالزكام    تحت شعار «عزّك وملفاك»    نهاية أكتوبر انطلاق موسم التشجير الوطني 2025    وزارة الخارجية: المملكة ترحب بتوقيع باكستان وأفغانستان على وقف فوري لإطلاق النار    أسياد البحرين 2025: أخضر اليد يكتسح المالديف.. وأخضر الصالات يتعادل مع البحرين    الحوثي يحتجز 20 موظفا أمميا    تحديث ومواءمة النطاقات الإشرافية البلدية    رئيس الشورى يرأس الاجتماع التنسيقي العربي    ليفربول يواصل مسلسل الهزائم بالسقوط على ملعبه أمام مانشستر يونايتد    أمير الشرقية يكرم مواطنين لإخمادهما حريقا في محل تجاري بالجبيل    10 آلاف فرصة استثمارية لرواد الأعمال في بيبان 2025    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان    المرور يضبط أكثر من 6 آلاف دراجة آلية مخالفة خلال أسبوع    نائب أمير جازان يزور الأديب إبراهيم مفتاح للاطمئنان على صحته    ضعوا ما مضى نصب أعينكم    غدًا.. أمانة منطقة جازان تُنظّم ملتقى "خُطى التطوع" لتمكين العمل البلدي والإسكاني    أمير منطقة جازان يستقبل المدير العام لفرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    لا مال بعد الموت    "خيرية القطيف" تشارك "الأمل" ب"التبكيرة خيرة"    العراق يثمن الموقف السعودي في التصدي لمشجعين مسيئين    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ينفّذ حملة وقائية ضد الإنفلونزا الموسمية في صبيا    نائب أمير الشرقية يستقبل المشرف العام على البعثة التعليمية في البحرين ومدير عام التعليم بالمنطقة    أمير القصيم يستقبل محافظ البكيرية ورئيس جمعية تحفيظ القرآن بالهلالية    مفردات من قلب الجنوب 26    ضبط 37 مكتب استقدام لمخالفتها قواعد ممارسة الاستقدام وتقديم الخدمات العمالية    حملة لتعليم الأحساء والتجمع الصحي لفحص طلاب التعليم المستمر    نيفيز مع الهلال.. دقة شبه مثالية من علامة الجزاء    نواب أمريكيون يحذرون من تسريح جماعي يهدد أمن الترسانة النووية    زلزال يضرب إندونيسيا    ديوان المظالم يحصل على شهادة الهلال الأحمر للسلامة الإسعافية    الشاشات تقلل التحصيل الدراسي لدى الأطفال    باحثون صينيون يصممون روبوتًا دقيقًا ثلاثي الأبعاد للعلاج الدقيق    رصد المذنب C/2025 R2 (SWAN) في سماء الحدود الشمالية    خلال الجولة الآسيوية للرئيس الأمريكي.. قمة مرتقبة بين ترمب وكيم جونغ    «911» يتلقى 83 ألف مكالمة في يوم واحد    بمشاركة 208 جهات عارضة من كبرى الشركات العالمية.. انطلاق المؤتمر السعودي الدولي للخطوط الحديدية    مبادرات أوروبية لتمويل الحرب.. زيلينسكي يتكتم على صواريخ «توماهوك»    «بوح الثقافي» يكرم الضامن    بيع فرخ شاهين ب119 ألفاً في ثامن ليالي مزاد الصقور    ياغي يؤكد أن تمكين ولي العهد أسهم في مسيرته العملية.. والسواحه: دعم القيادة حقق المنجزات لأبناء وبنات الوطن    القطان يحتفل بزواج حسن    فتاة تخرج «عجوزاً» بعد ربع قرن على احتجازها    «زاتكا» تحبط 1507 محاولات تهريب    اختتام منافسات الأسبوع الأول من سباقات الخيل بالرياض    إصابة الإعلامية نجوى إبراهيم في حادث بأميركا    إنجاز طبي ينهي أزمة زراعة الكلى عالمياً    خطيب المسجد الحرام: الثبات على الإيمان منّة من الله    الإعلام الحقوقي.. ضرورة وطنية مُلحّة    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    أكثر من 13 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال أسبوع    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الأديب إبراهيم مفتاح    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتفاء الشعر بالعِلم واهميته في عملية التنوير ونشر المعرفة
في ديوان الصالح بمُقدمة د. الخويطر
نشر في الرياض يوم 06 - 03 - 2012

إلى وقت قريب كان لدي اعتقاد بأن الشاعر عبد المحسن الصالح شاعرٌ مُقل ولم يصلنا من أشعاره غير قصيدتين هما: (رثاء ديك) و(الفلاَّح) اللتان عرّفنا بهما الراوي المعروف محمد الشرهان، ولكن وقوع ديوانه بين يدي مؤخراً نسف هذا الاعتقاد وزاد من قناعتي بأن الصالح شاعر فحل وصاحب تجربة شعرية ثرية ومتنوعة وجديرة بالإشادة والتأمل؛ وقد صدّرت الطبعة الأولى والوحيدة من ديوانه في عام 1401ه بتقديم الدكتور عبد العزيز الخويطر الذي كتب مُقدمة طويلة هي أشبه ما تكون بالدراسة النقدية التي تتناول جوانب فنية وموضوعية عديدة من تجربة الصالح.
الأمر الذي يلفت النظر في تقسيم ديوان الصالح هو تضمنه لباب حمل اسم (قصائد مدرسية)، وهي كما تُشير مقدمة الباب "قصائد ومقطوعات تدعو إلى العلم ونبذ الجهل والكسل وتتناول الظاهرة التعليمية في ذلك الوقت المبكر"، وأول ما يمكن ملاحظته في هذه القصائد هو لجوء الشاعر فيها إلى أسلوب السرد القصصي الساخر وسعيه الحثيث نحو تنويع أسلوبه فيها خشية الوقوع في التقريرية التي قد تفرضها طبيعة الموضوع الذي يُعالجه في هذا الباب.
أمّا أغرب ما يُصادفه المطلع على الديوان فهو وجود قطعة نثرية من الممكن أن نُسميها (قصة قصيرة) عنوانها: (محاورة بين شخص متعلم وآخر جاهل)، وفيها يدور الحوار بين مُتعلم وجاهل يلتقيان مُصادفة حين كان الجاهل يبحث عن حماره الضائع، ويحرص الشاعر في هذه القصة على استخدام أسلوب المفارقة لتوضيح خطر الجهل على عقل الإنسان، فإجابات الجاهل -الذي ضاع حماره وأضاع عقله- تُشبه الهذيان من حيث عدم قدرته على تمييز الأسماء والأماكن والأحداث التي عايشها، فعندما يسأله المتعلم عن تاريخ اليوم الذي تقابلا فيه يمتنع عن الإجابة مُتعذراً بأنه ليس من أهل البلدة ولا يمكنه معرفة أيامها أو شهورها، ويُجيب على السؤال عن تاريخ ميلاده بالقول: "تقول جدتي إن أبوك يقول إني مولود على رأس الهلال بالنصف من رمضان عقب العيد بثلاثة أيام.."..!
يلجأ الشاعر أيضاً في (مساجلة شعرية) إلى أسلوب الإقناع مزاوجاً بين اللهجة العامية التي تخرج بركاكة على لسان الجاهل واللغة الفصحى التي يتحدث بها المتعلم بطلاقة لإقناع الجاهل بأن الإنسان الجاهل يتماثل مع (الحمار) في بلادته وعدم استغلال إمكاناته العقلية، وفي ختام المساجلة بينهما يُعزيه المُتعلم في موت عقله بعبارة جميلة يقول فيها: (أحسن الإله لك في عقلك العزا)!، ونلاحظ بأن صورة الجاهل في معظم القصائد التي يتناول فيها الشاعر موضوع العلم والجهل لا تخرج في الغالب عن أربعة أشياء: (الشيطان) وهو مَن يُغري الإنسان بالكسل ويُزين له إضاعة الوقت (كما في قصيدة بين سويلم والشيطان)، أو (الأعمى) التائه أو (الحمار) الغبي أو (الثور) البليد الذي لا يتناسب حجم ما يتعاطاه مع حجم ما يُعطيه..!
ويحرص الشاعر دائماً على تصوير الجاهل والجهل في أقبح صورة، فالجاهل كما يصوره في قصيدة (نصيحة ذئب) شخص أكثر (ميوعةً) من بنت السلطان، يحسب نفسه "نصف الدنيا" من شدة كِبره وإعجابه بنفسه وهو في حقيقة الأمر (برميل فارغ)، عقله (حجر) صلب وقلبه (قطعة جليدية) خرساء:
الكسلان حمارٍ ثاوي
ما يدرك بالدنيا شان
علاماته وجهه فاهي
وإلى مشى فيه وْهَان
وإن جاء يدرس كنه ينعِس
من موت الهمه كوبان
أو بليدٍ ما به روح
كنه برميلٍ فرغان
جسمٍ جامد حسٍ خامد
ودماغه مثل الصَّوان
وفواده من ثلجٍ خالص
عمودٍ فوقه خلقان
وفي قصيدة (وصف الجهل) يصور الصالح الجهل في هيئة كائن بشع ودميم له بطن ضخم تملؤه القاذورات والأوساخ، وهذا الكائن القبيح يتيه في الطرقات بسبب مسح عينيه وعدم قدرته على تمييز الطريق الصحيح، ويدعو في ختام هذه القصيدة لتبديد ليل الجهل بشمس العلم والمعرفة:
تكفون يا اهل العزم والحزم والحجا
جلّوه عنَّا وابعدوا منفاه
تراه مثل الليل يجثم على الملا
والعِلم شمسٍ نورها يمحاه
ويستخدم الشاعر أيضاً لتنويع أسلوبه شكل (الألفية) من خلال قصيدتين هما: (ألفية المُتعلم) و(ألفية الجاهل)، وتأتي الأولى على لسان شخصية (سويلم) التي اخترعها الشاعر لتُعبر عن حُب العلم وفضله، في حين تأتي الثانية على لسان صديقه البليد الذي يؤثر الراحة والكسل على الاجتهاد وطلب العلم، يقول سويلم في (ألفية المتعلم):
تا تركت الهون عني والكسل
والتعب للعلم عندي العسل
عن غرامي بتحصيله لا تسل
مهتوي والمهتوي باسه شديد
ثا ثمار العلم دايم يانعات
مير وين أهل العقول الصاحيات
والقلوب اللي بقطفه راغبات
ما حضي به غير من رايه سديد
جيم جا وقتٍ به الجاهل يضيع
لو كثر ماله فهو لازم وضيع
حِسبته بالمعرفه حسبت رضيع
وزن عقله كثر عرفه ما يزيد
وفي ديوان الشاعر عبد المحسن الصالح العديد من القصائد الجميلة التي يتمحور اهتمامه فيها حول موضوع العلم والمعرفة، وتدل على ريادته وإيمانه العميق بأهمية دور الشعر في عملية التنوير ونشر المعرفة في مجتمع كان الجهل يسيطر على نسبة كبيرة من عقول أبنائه، وقد حرص الشاعر فيها على تنويع لغته بين لغة الإقناع تارة ولغة السرد والتشويق تارة أخرى، مستعيناً ببحور رشيقة ولغة سهلة وساخرة استطاعت انتشال أشعاره من لغة الخطابة والوعظ المباشر.
الشرهان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.