الخسارة 2-4 من منتخب أستراليا ليست وحدها من قادت رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الأمير نواف بن فيصل للاستقالة في حدث يعد جديدا ليس في رياضتنا فحسب، بل وحتى على صعيد مسؤولي الوزارات والدوائر الحكومية، ويبدو أن الرياضة ستكون منطلقا لاحترام مسؤولي الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية للمواطن عبر مبادرته للتنحي بنفسه عند الإخفاق في تحقيق طموحاته قبل أن يتعرض لنقد عنيف يقود لإجباره على الرحيل. خسارة مباراة ليست منطلقا للحكم على عمل مجموعة، بل لأن مواجهة ملبورن كانت السطر الأخير في كتاب أوراقه مليئة بأخطاء لا تغتفر، وفصوله لا تتحدث سوى عن فشل يعقبه آخر؛ إنْ على مستوى منتخبات الفئات السنية والصعوبات التي تواجهها في مجابهة المنافسين، والخروج من التصفيات المؤهلة لأولمبياد لندن بالطريقة ذاتها التي خرج بها من أولمبياد بكين قبل أربعة أعوام، أو الإقصاء الباكر من تصفيات مونديال كأس العالم وهو خروج مرير يمثل صورة مكررة لحالة ضعف عاشتها الكرة السعودية في نهائيات كأس أمم آسيا بالدوحة، وربما كنا بحاجة للتغييرات الشاملة والجماعية بعد كأس أمم آسيا، والمبادرة لمنح الأندية فرصة اختيار قراءة مستقبل اتحاد القدم. استقالة رئيس وأعضاء اتحاد القدم خطوة مهمة في طريق إصلاح حال كرة القدم السعودية، وثقافة الانتخابات الكاملة التي ستتوجه لها كل الاتحادات الرياضية مؤشر إيجابي وإن تأخر كثيرا، نحن في الخطوات الأولى للفكر الديمقراطي الانتخابي، ستكون صراعات الأندية الكبيرة في أوجها للفوز بالمناصب الحساسة. أختلف مع المشككين في حقيقة استقالة نواف بن فيصل؛ فأنا أظنه كوَّن صورة مثلى عن واقع رياضتنا، عمل فترة كافية مذ كان نائبا للرئيس، وترأس لجنة المنتخبات السعودية فترة طويلة، لم يكن مستشاروه معينين له لتحقيق المأمول، وأدرك أخيرا أن عودة كرة القدم في السعودية لأمجادها لن تكون إلا على يد مختصين خرجوا من رحم الأندية لتولي المسؤولية، فضلا عن أن في قراره التاريخي تخفيفاً من ضغوط منتظرة تعقب كل إخفاق. فصل اتحاد الكرة عن الرئاسة العامة الذي كان مجرد الإشارة إليه قبل سنوات محظورا، بات أمرا واقعا تحتمه المرحلة، نحن نساير التغيير اليوم، وفي ذلك كبح لجماح من يحاولون استغلال سقوط المنتخب واستقالة رئيس وأعضاء الاتحاد السعودي للظهور على أكتافهم، والتنظير حول أسباب فشل المنتخب، ووضع حلول استراتيجية لم نشاهدها ربما في الأعمال الأساسية التي كلفوا بها في اتحاداتهم المهترئة، أملا في تعيين مباشر على حساب ما يبحث عنه كل الشباب المتوجه نحو الديمقراطية. استقال الأمير نواف من الاتحاد غير أن الأعمال التي تنتظره في إدارة مشروع التغير الجديد في الاتحادات الرياضية تتطلب جهودا جبارة، وسيحسب له التاريخ النقلة الحضارية في التحول في رياضتنا بما يتناسب مع الوضع الجديد من حولنا.