طالب عبدالرحمن المديني المحلل الاقتصادي هيئة سوق المال بمزيد من الشفافية المتناهية للمتعاملين في السوق حتى لا تعيث «الإشاعة» على حد قوله في سوق الأسهم. وأكد المديني بأن السوق لازال يعاني من القصور مبرراً ان من اهم اسبابه عدم اكتمال أجهزة السوق وهيكلته الإدارية. وأشار الى ضرورة اعادة النظر في قضية شركة الباحة وسرعة البت في قضية ايقاف تداول اكثر من (11) مليار ريال ومعاقبة اعضاء الشركة لا الشركة ككيان لما في ذلك من تأثير مباشر على المساهمين وعلى السوق والاقتصاد الوطني مؤكداً ان القضية هي تقاعس اداري وسوء في التنظيم. وتساءل عن الجهة التي يرجع لها المستثمر في حالة حدوث أي مشكلة والتي لم يعلم ما هي حتى الآن خاصة في حالة حدوث تداخل بين الهيئة ووزارة التجارة. العديد من النقاط الهامة أشار اليها المديني في هذا اللقاء مع جريدة «الرياض»: ٭ «الرياض»: كثير من الناس يتساءل عن الإشاعات وهل لها علاقة مباشرة بارتفاع وانخفاض المؤشر. - المديني: سوقنا المالي من أكبر الأسواق العربية إن لم يكن أكبرها على الإطلاق، وهذا السوق يحتاج الى الشفافية المتناهية للمتعاملين في كل صباح ومساء وفي كل جلسة والشفافية مهملة من هيئة السوق مما جعل «الإشاعة» تعيث بالسوق واذا فقدت المعلومة كثرت الإشاعة كما هو معلوم ومتعارف عليه وطالما أنه لا يوجد معلومة صحيحة في حياتنا فسيتبادل الناس الإشاعات بصورة أو بأخرى سواء كبرت هذه الإشاعة بمستواها الاجتماعي والاقتصادي فموضوع المعلومات مهم جداً لسوق التداول. وبما أن هيئة سوق المال ناشئة وحديثة فمن المفروض ان تبدأ من حيث انتهى الاخرون فمثلاً هياكلها وأنظمتها ومجلس السوق وهيئة السوق تكون موجودة ومتوفرة على التعامل اليومي بالدقيقة والساعة ونحن إلى الآن لا نحصل على معلومة صحيحة في السوق بحيث تقوم المعلومة بمنع صنع الاشاعة أو تقوم بنفيها ومنع سوء التصرف من الآخرين. والإشاعة في سوق الأسهم كالنار في الهشيم فبمجرد أن تخلق الإشاعة عن شركة معينة لديها مشكلة أو حدث لها خسارة تؤثر على المؤشر وترفع سهم شركة معينة وتخفض سهم شركة أخرى. ففي سوقنا الذي يتداول فيه ما لا يقل عن عشرة مليارات ريال يومياً الذي لازال يعاني من القصور الذي من أهم اسبابه عدم اكتمال أجهزة السوق وهيكلته الإدارية. ٭ «الرياض»: هل هناك حلول يمكن أن تعرض من قبل هيئة السوق للحد من انتشار «الإشاعات» وتحكمها في تذبذب الأسعار في الارتفاع والانخفاض. - المديني: المشكلة أن الشركات يطلب منها فقط أن تعلن عن ميزانيتها وإذا أعلنت تكون في الغالب عموميات ولا يوجد فيها إفصاح كامل ولا تفصيل مما يؤدي الى زيادة «الإشاعة» فيجب أن يكون هناك شروط للشركات توضح مالها وما عليها تتضمن إيضاحاً للقوائم المالية للشركة بالتفصيل وتوضيح كل ما يريد المساهم والمتداول معرفته حتى لا يكون هناك فرصة للشائعات، وكذلك اللوائح العقابية لهيئة السوق فمثلاً الهيئة تقول للشركات إذا لم تعلنوا قوائمكم المالية فنحن نوقف ولكن لا نعلم إيقاف الشركات عن التداول سلطة من الهيئة السوق أم مجلس السوق فيجب فصل الصلاحيات والاختصاصات. فهيئة السوق الآن تقوم بكل شيء فهي التي تتابع الإفصاح وهي التي تستفسر وهي التي توقف. ٭ «الرياض» هيئة السوق وللمرة الأولى منذ زمن طويل أعلنت وعبر موقعها تداول عن ايقاف سهم شركة الباحة بسبب تأخرها في افصاح المعلومات ألا تعتقد أن هيئة السوق إذا بدأت في تطبيق لوائحها ونظامها الأساسي فسيتغير عمل السوق مستقبلاً؟ - هذا هو المطلوب من هيئة السوق فيجب تحسين سلوكيات السوق سواء متعاملين أو مؤخري معلومات فهذه المرحلة غير كافية. وهيئة السوق استحدثت نظام الغرامات ونظام الإيقاف فيجب على الهيئة أن تعاقب موظفي الشركة الجهاز الإداري أو المدير التنفيذي أو مجلس الادارة لأنهم هم المسؤولون لا أن تعاقب الشركة ككيان موجود وفقاً للأنظمة واللوائح فالشركة لا تتحرك الذي يحركها هم العاملون فيها فلذلك يجب محاسبة المسؤولين في الشركة وعندنا مثال حي وهو شركة الباحة والتي لها أكثر من ثلاثة شهور موقوفة قيمة تداول اسهم شركتها (خلال تسعة شهور من عام 2004م حوالي 11,713 مليار ريال سعودي) فهذه جميعها الآن موقفة ومجمدة فلمصلحة من وعلى حساب من تجمد هذه المليارات التي هي جزء من اقتصاد البلد سواء من يملك (2000) سهم و (200) سهم هذه كلها مجمدة بسبب تقاعس اداري، وأنا شخصياً رفعت دعوى لهيئة سوق المال ودعوى لامارة الباحة ولوزارة التجارة ولم يتجاوب معي أحد، وهيئة السوق تقول نحن طبقنا النظام!!؟ والسؤال الذي يطرح نفسه الى متى يستمر تعليق أموال المساهمين وهم لا ذنب لهم. ٭ «الرياض»: ماذا تقترح في هذ الشأن؟ - المديني: إذا كان الموضوع تقاعسا إداريا أو سوء ادارة فيجب على الجهة المعنية التي «لا نعلم من هي ولم تتضح لنا» لأنني جلست مع معالي رئيس هيئة السوق وتحدثت معه مطولاً وقال لي اذهب واشتك وأنا لا أعلم إلى من أشتكي!؟ ثم ذهبت لوزارة التجارة فقالوا لي الموضوع (قيد الدراسة) وأنا أتساءل إلى متى الدراسة حتى أنني قابلت معالي وزير التجارة والصناعة وقابلت وكيل الوزارة ولم أحصل على تجاوب ولا أي رد على الموضوع فالذي يحصل للسوق هو إهانة له وأنا أطالب بمحاسبة أعضاء مجلس ادارة الشركة التي فيها مشاكل في القوائم المالية دون المساس بحقوق المساهمين بتوقيف تداول أسهم الشركة كما حصل مع شركة الباحة. ٭ «الرياض»: في اسواق المال الأجنبية في نظامها كما أنه هناك نظام لادراج السهم وتداوله هناك نظام لخروج الشركة من السوق التي تعاني من مشاكل مالية وادارية وهذا ما نفتقده في سوقنا المالي؟ - المديني: سوقنا المالي حديث فمن المفترض ان يستفيد من جميع الأنظمة الموجودة في العالم سواء في الصين أو اليابان او امريكا أو غيرها، فالأنظمة الموجودة يجب أن نطورها بما ينفعنا بدون النظر الى ان لنا «خصوصية» لأن هذه أنظمة بيع وشراء فيجب أن نطبق الأنظمة التي من الممكن أن تحقق مصالح بلدنا لأننا جزء من العالم. ومن المفترض الا تقوم هيئة السوق لكي تنشئ الانظمة واللوائح بل من المفروض ان تسن الأنظمة واللوائح قبل ان يختاروا الاشخاص الذين يديرون حيث ان مجلس هيئة السوق لم يتكون حتى الآن وإذا تكون مجلس هيئة السوق فيجب أن يكون هناك لجان لكي تشرف على السوق وتحقيق مصالح الناس وتجتمع يومياً أو أسبوعياً أو يكونوا متفرغين وأن يكون هناك دور للمتعاملين في السوق بصرف النظر عن حجم استثماراتهم سواء بسواء أصحاب الملايين وأصحاب الألوف. فهيئة السوق للأسف أوجدت بدون آلية وبدون حتى مرجعية لها، فلو حدثت إشكالية الآن بين هيئة السوق وبين شركة معينة كما حدث مع شركة الباحة فمن يحل هذه الإشكالية. ٭ «الرياض»: ما هي الجهة الأنسب لإدارة الشركات المساهمة وزارة التجارة أم هيئة سوق المال؟ - المديني: نظام الشركات المساهمة جزء من اختصاص وزارة التجارة فلا يمكن أن تتولاها الهيئة لأن عملها الإشراف على سوق المال فقط، وحتى لو كان هناك خلاف أو تداخل في الاختصاصات فمن المفترض أن يحل؛ لا أن يترك للسوق لكي تعثي فيه «الشائعات»، فمن الناس من بنى ثروات طائلة بسبب هذه الإشاعات وهناك أشخاص تضرروا كثيراً من هذه «الإشاعات» وهذا لا يخدم المصلحة العامة. ٭ «الرياض»: منذ فترة سبق أن أعلنت هيئة السوق عن موعد اكتتاب إحدى الشركات ثم أصدرت وزارة التجارة بياناً يفيد بأن هذه الشركة غير مرخص لها فكيف تعلن الهيئة عن موعد اكتتابها فيما أثر هذا التداخل وقتها على السوق ونزل المؤشر كثيراً وقتها فما تعليقكم؟ - المديني: هذه المشاكل يجب على الجهات المعنية أن تسرع البت فيها لأن الناس لن يوقفوا التداول حتى يتشكل مجلس هيئة السوق أو حتى يصدر قراراً من وزارة التجارة؛ فمن المفروض على هيئة سوق المال أن لا تمارس صلاحياتها واختصاصاتها حتى تكتمل وأنا لا أعلم حتى الآن ما هي هيكلة هيئة السوق وهل هناك أناس يباشرون العمل في الهيئة أثناء السوق؟ ٭ «الرياض»: بحكم خبرتكم ما هي توقعاتكم لمستقبل سوق الأسهم؟ - المديني: السوق عندنا كبير ووضعه المستقبلي ممتاز وإذا كانت هناك معوقات فهي من داخل السوق فمن المفترض أن تكون هناك معايير لكل بنك ولكل جهة تتداول في السوق وكذلك قضية الوسطاء وبنوكنا تعمل دور الوسيط ودور المنافس للبائعين والمشترين الأفراد لأنهم يديرون محافظ كبيرة جداً أكبر من محفظة أكبر مضارب في السوق، فكيف يسمح لهم العمل كوسطاء وهم في نفس الوقت مضاربون، فمن المفترض أن تكون هناك نسبة وتناسب بين عدد المتعاملين للبنك، فإذا كان هناك (200) عميل فكم يجب أن يكون هناك من وسيط لكي تنفذ العملية، ففي بعض البنوك هناك «10» آلاف عميل مقابل خمسة وسطاء!!؟ فيجب أن يكون هناك لكل (50) عميلاً وسيط واحد لكي يستوعب ويلبي طلباتهم واحتياجاتهم، ففي بعض البنوك يقول إن لم يكن عندك مليون ريال لا تأتي. ٭ «الرياض»:ألا يجب على هيئة سوق المال سرعة إصدار لوائح تنظيم الوسطاء في السوق خصوصاً بعد ما قيل إن الهيئة تدرس اطلاق أكثر من «33» شركة وساطة من ضمنها البنوك والتي تمارس دور الوسيط الآن؟ - المديني: يجب أن يكون هناك تفصيل للبورصة في السوق وايجاد اشخاص مهنتهم ممارسة دور «الوسيط» باحترافية وهذا التوجه يوجد اختصاصات جديدة في البلد، ولأن قيام البنك بدور الوسيط يمكن أن يضر العميل فمثلاً سهم تريد أن تبيعه بسعر معين وهو يخطط أن يشتريه بسعر أقل منه والعكس بالعكس. ٭ «الرياض»:هناك من المحللين الذين يظهرون في الصحف ووسائل الإعلام يحللون السوق وفقاً لمصالحهم الشخصية ألا ترى أنه من الضروري إيجاد محللين ماليين مستقلين عن السوق؟ - المديني: أنا أطالب بمنع تحليل الأسهم في الصحافة لأن المحلل سيهدف بطريقة أو بأخرى إلى شيء معين سواء بحسن نية أو بسوء نية، فمن المفترض أن ينشر في الصحف «جدول الأسهم» أما التحليل فيجب عدم نشره لأنه يؤثر على السوق تأثيراً مباشراً، وهذا يجب أن تمنعه هيئة سوق المال ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، فإلى متى ونحن ننتظر أن تتحرك الهيئة والناس يخسرون أموالهم. ونحن نفترض أن صحافتنا في غاية النزاهة وتتبنى مصالح الوطن وتنشر ما ينفع المواطن ولكن قد يكون هذا المحلل بطريقة أو بأخرى يلمح إلى شيء معين ويقال إن هناك محللين يكتبون بناء على رغبة بعض المساهمين ويحققون مصالح من وراء التحليل، وأنا لا أتهم أحداً. فيجب على الصحافة السعودية أن تأخذ الدور الإيجابي لا تحلل فموضوع «التحليل اليومي» يثير المشاكل ولا يحقق الهدف منه بعكس الصورة الحقيقية للسوق بل يلمح إلى أن السهم الفلاني أفضل من السهم الفلاني. وقد يكون هناك تلحيل يومي الخميس والجمعة اللذين ليس فيهما تداول بحيث ينشر في الصحف تقرير وتحليل عن الأسهم وحركتها والتداولات التي حصلت. ٭ «الرياض»:هناك من طالب بأن لا تعلن الشركات المساهمة قوائمها المالية إلا يومي الخميس والجمعة فهل أنت مع هذه الفكرة؟ - المديني: نعم، وهذا هو الصحيح لكي يبدأ الناس مطلع الأسبوع الجديد وهم عندهم كامل المعلومات وتصور كامل عن الأسهم. ٭ «الرياض»:ماذا عن مجلس السوق والذي لم يكوَّن حتى الآن؟ - المديني: يجب سرعة تكوين مجلس السوق وأن يكون رئيسه وأعضاؤه من أهل الخبرة لا أن يكونوا من موظفي الدوائر الحكومية والذين لا يملكون الخبرة ولا يشترط أن يكونوا تجاراً بل يشترط ان يكونوا من أهل الخبرة ليحلوا اشكاليات السوق اليومية. ٭ «الرياض»:هناك من ينادي بتقسيم المؤشر إلى مؤشرين، فما تعليقكم؟ - المديني: هذه النقطة مهمة جداً فيجب تقسيمه إلى مؤشرين ومؤشر للشركات الناجحة والمؤشر الثاني للشركات المتوسطة والصغيرة ومن إيجابيات هذا التقسيم تخفيف الضغط على المؤشر الكبير وكذلك ترك الفرصة لصغار المستثمرين لمعرفة الشركات الناجحة من غيرها.