إن العناية بكتاب الله الكريم في حفظه وتدبر معانيه والعمل بمقتضاه من أبرز ما يميز المملكة العربية السعودية، وهي الدولة التي تحتضن الحرمين الشريفين، وترعى شؤون الإسلام والمسلمين حول العالم. هذا الشرف الكبير الذي يطمح إليه كل مسلم على وجه هذه الأرض، لا يضاهيه أي شرف آخر، ولا يداني مرتبة صاحبه أي مرتبة، فأي شرف أكبر من شرف رعاية حُفّاظ كتاب الله، وطُلاب الوحي المُطهّر. فهذه الدولة حفظها الله عُنيت منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز رحمه الله، ومن بعده أبناؤه الملوك البررة بحفظ كتاب الله وتجويده وتفسيره، وأولت ذلك رعاية منقطعة النظير. والشواهد على تلك الرعاية والعناية ظاهرة معروفة، فهي دولة قامت على أساس متين من كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، وهي التي تبنّت طباعة المصحف الشريف، وتوزيعه بملايين النسخ على المسلمين في أرجاء الأرض، كما تضمّ بين جنباتها الشاسعة مئات المدارس وحلق تحفيظ القرآن الكريم التي تحظى بدعم لا ينقطع من لدُن ولاة الأمر أيّدهم الله. وفي مجال التشجيع على حفظ القرآن والعناية به، تنظّم المملكة عدة مسابقات سنوية دولية ومحلية لحفظ القرآن الكريم، ومن هذه المسابقات مسابقة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات، التي تقام هذا العام في دورتها الرابعة عشرة. وتُعدّ هذه المسابقة التي تقام على جائزة رجلٍ من رجال العلم والفكر، ورائدٍ من رُوَّاد الثقافة في بلادنا وهو صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أهمّ مسابقة لحفظ القرآن الكريم على المستوى المحليّ، وبات الترشح لها والمشاركة فيها هدفاً مهمًّا لدى طلابنا وطالباتنا، لما تُذكيه من روح المنافسة الشريفة، والتسابق الكريم على حفظ الكتاب العزيز. كما أن أهمية المسابقة واضحة من الاستعدادات التي تقوم بها الجهات التعليمية في المملكة منذ وقت مبكّر بإجراء التصفيات والمنافسات الأوّلية للمشاركة في هذه المائدة القُرآنية الكبرى. هذه المسابقة تحقق بإذن الله الأهداف النبيلة للعناية بالكتاب الكريم وغرس حُبه والتنافس في حفظه بين الناشئة، فلذلك تحظى برعاية الدولة واهتمامها، وتلقى قبولاً بين الطلاب والطالبات، لما لها من غايات مثلى وأهداف عليا يتطلع إليها كل مسلم. ولذلك وجب شكر القائمين على هذه المسابقة الشكر الجزيل فهم من الخير قريبون، وإلى الإحسان مشّاؤون، والشكر لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لتعاونهم في دعم مسابقة الملك عبد العزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره لتؤتي ثمارها المرجوة من إقامتها، ثم الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله على اهتمامه ودعمه لكل ما يخدم كتاب الله تعالى، والشكر لوليّ عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية حفظه الله على رعايته لهذه المسابقة ومتابعته لها، والشكر كذلك لراعي المسابقة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران على ما يوليه للعلم وطلابه، ولخدمة القرآن وأهله، فجزاهم الله جميعاً خير الجزاء. وأسأل المولى عز وجل أن يوفق ولاة أمر هذه البلاد إلى العز والتأييد، ونصرة الإسلام في كل مكان. وأسأله سبحانه أن يحفظ هذه البلاد وولاة أمرها وعلماءها وشعبها الكريم من كل سوء ومكروه، وأن يُديم علينا نعمة الإسلام والأمن والإيمان، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، إنه سميع الدعاء. * مدير الجامعة الإسلامية