رافق الطفرة الكبيرة التي شهدها السوق السعودي خلال السنة ونصف السنة الماضية طفرة أخرى في الخدمات المساندة للمستثمرين في السوق. ومن تلك الخدمات التي شهدت رواجاً كبيراً الدورات التدريبية والتحليلات المالية عن سوق الأسهم بوجه عام، وعن التحليل الفني Technical Analysis بوجه خاص. وبالرغم من ايجابيات هذه الدورات والتحليلات في رفع الوعي الاستثماري لدى المتعاملين في سوق الأسهم، الا ان التركيز على التحليل الفني دون التحليل الأساسي Fundamental Analysis في اتخاذ قرارات البيع والشراء قد لا يكون مناسباً لسوق الأسهم السعودي. فالتحليل الفني يقوم في الأساس على فكرة تتبع حركة أسعار الأسهم في الماضي على أمل اكتشاف نمط معين لحركة الأسعار في المستقبل، وبعبارة أخرى فإن التحليل الفني يركز على الأسعار الماضية للتنبؤ بالأسعار في المستقبل. والواقع أن التوسع في استخدام التحليل الفني يعود في الدرجة الأولى الى سهولته مقارنة بالتحليل الأساسي، واعتماده على الخرائط البيانية التي لا تحتاج الى مهارات احصائية أو مالية. والتحليل الفني يقوم على فرضية أن التغير في اتجاه أسعار الأسهم يرجع في الأساس الى التغير في العلاقة بين قوى العرض والطلب، وهذه الفرضية بحد ذاتها تعتبر أبرز سلبيات التحليل الفني حيث انها ترجع التغير في الأسعار الى قوى العرض والطلب وليس الى المعلومات. ومن هنا فإن الاعتماد على التحليل الفني بشكل واسع في القرارات الاستثمارية قد يؤدي الى ثقافة استثمارية غير صحية. فالتحليل الفني لا يعترف بكفاءة السوق، ومن ثم فإن المستثمرين المستخدمين لهذا التحليل لن يستخدموا المعلومات في قراراتهم الاستثمارية. وهذا في الواقع يعني أن ارتفاع أسعار الأسهم يكون نتيجة حتمية لسلوك المستثمرين أنفسهم وليس لأي شيء آخر. إن فلسفة التحليل الفني التي تعتمد على أسعار الأسهم وحجم الصفقات فقط، وترى في نفس الوقت عدم جدوى تحليل البيانات والمعلومات الأخرى سوف يعمق مشكلة السوق السعودي من خلال استمرار التأثير النفسي على حركة الأسعار. وعلى الرغم من جدوى التحليل الفني في أسواق المال الأمريكية، إلا أن ذلك لا يعني فائدة وجدوى ذلك في السوق السعودي. فالكل يعرف عمق السوق الأمريكي واتساعه مما يجعله يتقبل مثل تلك التحليلات. لذا فإنه ينبغي عدم التوسع والترويج للتحليل الفني، كما أنه ينبغي عدم استخدامه بمعزل عن التحليل الأساسي. فالأصل القيام بتحليل البيانات والمعلومات على مستوى الاقتصاد والصناعة والمنشأة للتوصل الى القيمة السوقية العادلة. ٭ قسم المحاسبة - جامعة الملك سعود