تعمّدتُ أن أعكس القول المعروف لكل علة دواء وأعطي الموضوع هذا العنوان. فالذي نراه عند شركات الدواء وتجمعاتها الضخمة أنها إن لم تجد الداء فهي تخلقه أو تستنبطه، بحيث يُقبل الناس على المُنتج عن رغبة وحماس، لأن معهد (....) للأبحاث تحدث عن مرض يجهله الناس أن لا تظهر له أعراض، لكنه قاتل إذا لم يُعالج. أو أن المرض الفلاني يستجيب لعلاج جديد اسمه (...)، وأن العلاج الذي كان يستعمله المرضى في السابق لا بأس به، لكن الجديد أقل في أعراضه الجانبية. نتفق ان عملية طرح دواء جديد في السوق للاستخدام البشري ليست بالعملية السهلة, فهي تتطلب الكثير من الدراسات والتجارب وإنفاق مبالغ باهظة حتى يتم الموافقة عليه من قبل منظمة الغذاء والدواء العالمية FDA. لكن كل هذا لم يعد أمرا صعبا على شركات الأدوية، خصوصا تلك التي تتعاطى تصنيع المكملات الغذائية من عُشبية وغيرها. تصنف إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية المكملات الغذائية كفئة من الأطعمة، وليس كدواء. في حين يشترط على شركات الأدوية الحصول على موافقة إدارة الأغذية والعقاقير التي تشمل تقييم المخاطر والمنافع قبل طرحها في الأسواق، هذا الإجراء غير مطلوب لطرح مكملات الغذاء. بدلا من ذلك، فالمصنعون والموزعون الذين يرغبون في تسويق المكملات الغذائية التي تحتوي على "عنصر غذائي جديد" لا يلزمهم إلا إجراءات بسيطة من المال والجهد الكثير. عن هذا الطريق تأتي النشرات التجارية (البروشورات) لتقول إن داء (...) أو الوباء (..) يمكن معالجته بهذا الدواء العشبي المعجزة. يقولون هذا رغم كوننا لم نسمع بذاك الداء..!. والشركات ليست حرة في "تصنيع" دواء، لكنها هذه الأيام حرة في "ترويج" داء أو مرض أو علة أو "حكّة " في قشرة الرأس. والصناعات الدوائية - رغم مغرياتها المادية - فهي تحتاج إلى الكثير من الحلول المُكلفة لكونها صناعة كيميائية متخصصة في صناعة الدواء، وهي تقوم بابتكار أدوية جديدة وبيعها في السوق ويكون لها حق اختراعها وابتكارها، بمعنى أنه لا يجوز لأي مصنع آخر ‘إنتاج دواء معين إلا بعد موافقة الشركة صاحبة الاختراع. وتقوم مصانع الدواء بإنتاج أدوية طبية وهي أدوية طبية تستخدم منذ مدد طويلة ومضت فترة احتفاظها بحق الاختراع، وبذلك يمكن للمصانع الأخرى إنتاجها وبيعها في السوق من دون الرجوع إلى صاحب الاختراع.