أشرت في مقالة سابقة في هذه الزاوية إلى موضوع القطارات في بلادنا وكان ذلك بعنوان (شركة القطارات السعودية !) وانه من اجل تطوير هذه الخدمة الهامة والحاجة المتزايدة لها حاضرا ومستقبلا اقترحت إنشاء شركة مساهمة للقطارات السعودية كي ينضوي تحت مظلتها تقديم هذه الخدمة بعيداً عن البيروقراطية الحكومية.. وعلى إثر ذلك تلقيت اتصالاً هاتفياً من معالي الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية والذي أوضح معاليه من خلاله وجهة نظره حيال هذا الموضوع.. وبعد ذلك تلقيت من معالي وزير النقل رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية تجاوباً مكتوباً حول هذا الموضوع.. لذلك فإن من حق معالي الوزير ومعالي الرئيس ان يطلع القراء على وجهة نظرهما في هذا الموضوع لذلك فإنني أضع بين القراء مضمون إجابة معالي الوزير والتي جاء فيها.. «سعدت كثيراً وأنا أتابع ما جاء في زاوية (شيء للوطن) بعنوان (شركة القطارات السعودية!) المنشور في صحيفة الرياض في عددها رقم 13458 الصادر يوم الجمعة بتاريخ 20/3/1426ه ،حيث تساءلتم في بداية مقالكم حول ما إذا كانت وزارة النقل جادة فعلاً في إنشاء خط حديدي جديد بين الرياضوجدة أو بين مكةوالمدينةالمنورة، وطالبتم بإنشاء شركة مساهمة للخطوط الحديدية تتولى الإشراف على إنشاء هذه الخطوط مع إبعاد المشروع كلياً عن الإدارة الحكومية وخاصة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية وإسناد ذلك إلى القطاع الخاص. فأود فيما يلي أن أبرز محطات القراروالخطوات العملية التي تؤكد واقعية المشروعات والجدية في تنفيذها للبرنامج الزمني المحدد لها : 1-صدر قرار المجلس الاقتصادي الأعلى في المملكة رقم 3/23 وتاريخ 23/3/1423ه متضمناً اعتماد تنفيذ مشاريع توسعة شبكة الخطوط الحديدية التي تهدف إلى ربط أقاليم المملكة والتجمعات السكانية والصناعية بالموانئ الرئيسية المهمة في الشرق والغرب، وهي تشتمل على ثلاثة مشاريع أولها ما يعرف بالجسر البري الممتد الذي يربط البحر الأحمر بالخليج العربي، ويهدف بالدرجة الأولى إلى خدمة حركة الحاويات المتزايدة سواء المتجهة للأسواق المحلية أو المتجهة إلى أسواق دول الخليج، ويتكون مشروع الجسر البري من عنصرين أحدهما خط يربط الشبكة القائمة بمدينة جدة بطول (950) كم. والآخر وصلة تربط الشبكة بميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل بطول (115) كم. أما المشروع الثاني وهو عبارة عن شبكة الخطوط الغربية التي تربط مكةبالمدينةالمنورة والتي تهدف بالدرجة الأولى إلى توفير خدمة نقل الركاب بين المدينتين المقدستين (المدينةالمنورة - ومكةالمكرمة) عبر مدينة جدة بواسطة قطارات سريعة مع إنشاء وصلة تربط ميناء ينبع ويبلغ مجموع أطوال هذه الخطوط حوالي (570) كم تقريبا. أما المشروع الثالث الذي أسندت مسؤوليته إلى صندوق الاستثمارات العامة وشركة معادن، فيربط مدينة الرياض بمنطقة الجلاميد شمالاً مروراً بكل من منطقة القصيم وحائل والجوف ويهدف إلى نقل خامات الفوسفات والبوكسايت من مناجمها في شمال ووسط المملكة إلى مجمعات صناعية محلية ستنشأ على الخليج العربي لإنتاج مواد ذات قيمة مضافة كالألمنيوم والأسمدة المركبة. 2-تحرص المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بصفتها الجهة التنفيذية لمشروع التوسعة على الاستفادة من خبرات وتجارب الدول وبيوت الخبرة المتخصصة في الإعداد لتنفيذ هذه المشاريع، وفي هذا الإطار تم التعاقد مع مجموعة مكونة من بنك يو بي إس (UBS) الاستثماري والبنك الأهلي التجاري والخطوط الحديدية الفرنسية (SNCF) لتقديم الخدمات الاستشارية المالية والفنية للمشروع، وتشمل مهام الاستشاري المالي والفني دراسة واقتراح الحلول الفنية والتجارية الممكنة وإعداد الدراسات اللازمة لطرح المشروع في منافسة عالمية عامة لتنفيذه بأسلوب البناء والتشغيل ثم التحويل (BOT). وفي السياق ذاته تم أيضاً إبرام اتفاقية لتقديم الخدمات الاستشارية القانونية لبرنامج التوسعة مع المكتب العالمي البريطاني Liklatersبالتضامن مع المكتب المحلي مكتب عبدالعزيز الفهد للمحاماة. 3-لضمان تنفيذ المشروع وفق أساليب اقتصادية وإدارية متطورة، يتحرك العمل على مسارين أحدهما ما تمت الإشارة إليه آنفاً والمتمثل في تهيئة الأرضية التنظيمية للانطلاق بالمشروع من خلال التعاقد مع مستشارين ماليين وفنيين وقانونيين لتحديد الأطر القانونية التي تسمح بانتقال نشاط النقل بالخطوط الحديدية إلى القطاع الخاص، والآخر لتسويق المشروع أمام المستثمرين من خلال التعريف بالفرص الاستثمارية التي يوفرها وذلك بعرضها أمام القطاع الخاص المؤهل لتشجيعه للدخول في منافسة هذه المشاريع. وفي هذا السياق عقد في بداية هذا العام 2005م مؤتمر في لندن حضره عدد كبير من الشركات والهيئات والشخصيات الاقتصادية والصناعية، كما قامت المؤسسة كذلك بالاستفادة من انعقاد منتدى المشاريع العملاقة بالمنطقة الشرقية الذي نظمته الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية لتعريف المستثمرين بالفرص الاستثمارية وخطة سير المشروع بهدف إذكاء روح المنافسة وإعطاء المهتمين بقطاع الخطوط الحديدية فرصة التفكير جدياً في متطلبات التنافس والفوز بامتيازات التنفيذ والتشغيل. ولا شك أن عرض هذه المشروعات بهذه الجدية وأمام هذه المنتديات والفعاليات الصناعية والاقتصادية الكبيرة يؤكد حقيقتين الأولى أنها تجاوزت مرحلة التخطيط بكثير وأضحت مشاريع حقيقية والأخرى أن المؤسسة أمام مسؤولية كبيرة تحتم عليها الوفاء بما تعهدت به في هذه اللقاءات. 4- مشروعات التوسعة هي مجموعة من الفرص الاستثمارية يجمعها إطار واحد إلا أن طرحها للاستثمار سيكون على مراحل وفي أكثر من منافسة ويتم التركيز في هذه المرحلة على مشروع «الجسر البري»، وسيتم في مرحلة لاحقة بمشيئة الله إطلاق مشروع الخطوط الغربية وامتياز تشغيل قطارات الركاب على الجسر البري. وقد اتخذ القرار بفصل عمليات طرح هذه الامتيازات لاعتبارات فنية مهمة، فالامتياز الرئيس للجسر البري يركز على نشاط نقل البضائع بينما تعنى الامتيازات الأخرى بنقل الركاب ولكل منهما متطلباته الخاصة من حيث مواصفات البنية الأساسية ونوعية القطارات وخبرة الشركات التي تتخصص في كل من النشاطين، فضلاً عن أمور فنية أخرى لامجال لاستعراضها هنا. ونتوقع أن تشكل ائتلافات صناعية واقتصادية تشكل فيما بينها شراكة تسعى للفوز بامتياز تنفيذ هذه المشاريع علماً بأن الشبكة القائمة ستشكل جزءاً من مشروع الجسر البري العملاق. 5-تفعيلاً لما سبق الإشارة إليه فقد نظمت المؤسسة لقاءات مع العديد من الوفود الاقتصادية والصناعية العالمية المتخصصة في مجال صناعة النقل بالسكك الحديدية لإتاحة الفرصة لها لإبداء الرغبة في المشاركة في هذه المشاريع وعرض تقنياتها في مجال صناعة قطارات الركاب. 6-قامت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بدعوة المستثمرين والشركات المهتمة بالاستثمار للتقدم بإبداء الرغبة في التأهل للمشاركة في مشروع الجسر البري السعودي (العنصر الرئيسي ضمن برنامج توسعة شبكة الخطوط الحديدية) وذلك من خلال الحصول على وثيقة «طلب التأهيل» (RFPQ) والمحتوية على إرشادات وتعليمات لكيفية التقدم لطلب التأهل من موقع المشروع على شبكة الإنترنت www.saudiraileaxpansion وذلك تمهيداً لاختيار موعد لذلك تمهيداً لتحديد الائتلافات المؤهلة لتنفيذ المشروع ليتم توجيه الدعوة إليها لتقديم عطاءاتها في موعد لن يتجاوز النصف الثاني من العام الحالي 2005م. آمل أن يساهم هذا التوضيح في إعطاء صورة واضحة للاهتمام الذي توليه المؤسسة والجهات ذات العلاقة لهذا المشروع الحيوي، وما تقوم به لإنجاز هذا التطلع وتحقيق هذا الطموح مستمدين العون منه تعالى، ومستلهمين من قيادتنا التوجيه، ومنكم الدعم والمؤازرة.. وتقبلوا أطيب تحياتي»... وزير النقل رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية جبارة بن عيد الصريصري ٭ وفوق هذا الإيضاح من معالي الوزير ومن معالي الرئيس فإنني عبر هذه المساحة أنقل لهما كل الشكر والتقدير على هذه المبادرة السريعة الايجابية بالتجاوب وإيضاح وجهة نظرهما حيال هذه الفكرة.. ومن المؤكد أن إجابة معالي الوزير حملت إفادة كبير وغنية نتمنى ان تتحقق على الواقع في القريب العاجل ان شاء الله مؤكداً لمعاليهما ان فكرة إيجاد مثل هذه الشركة او تحويل المؤسسة الى شركة مساهمة.. هي فقط محاولة لمساعدة هذا القطاع الخدمي الهام من التحرر من البيروقراطية الحكومية التي من طابع أدائها تأخير البت في احتياج مثل هذه الخدمات.. وان فكرة تخصيص هذه الخدمة من خلال تحويل إدارتها إلى شركة مساهمة هو مطلب نتمنى تحقيقه إن شاء الله.. وهو جزء من خطة الدولة نحو تخصيص مثل هذه المؤسسات الخدمية.. مكرراً شكري وتقديري لمعاليهما... [email protected]