سعت وزارة المالية ومؤسسة النقد خلال الأشهر الماضية بصورة متسارعة، إلى تخليص مؤسسة النقد من ملكيتها في أسهم بنك الرياض التي قادتها الظروف التاريخية والطريفة قبل 52 عاما، لان تكون احد اكبر الملاك في البنك، رغم تعارض المصالح لكونها جهة رسمية تقوم بالإشراف على البنوك، وتراقبها مما يتعذر معه نظاما أن تستمر كأحد الملاك. وتحقق هذا المسعى الثلاثاء الماضي، عندما باعت المؤسسة حصتها التي تمثل 6.5% من اسهم البنك على المؤسسة العامة للتقاعد ، وتبلغ حوالي 98 مليون سهم بقيمة 2.3 مليار ريال، بسعر 24 ريالا للسهم الواحد، وبذلك تخلصت المؤسسة من هذه الكمية التي كانت تتعارض شكليا مع كونها جهة إشرافية ورقابية ، مع ان الحصة في الواقع لم تؤثر عمليا على جهودها وصرامتها في تطبيق الأنظمة المالية والمصرفية على جميع البنوك السعودية طوال تاريخها. وعودا على الظروف التاريخية التي قادت إلى هذه العلاقة العابرة، وكان احد أسبابها إصدار الدولة في عام 1966م نظام مراقبة البنوك، فان الملكية حسب الرصد التاريخي تمت عندما عانى احد البنوك " البنك الوطني" المعسر في ذلك الوقت، وبنك الرياض في أواخر الخمسينيات 1959م من صعوبات مالية في مجال السيولة، حيث قررت مؤسسة النقد التي كانت قد تأسست في عام 1952 م التدخل، وعملت على دمج البنك الوطني مع بنك الرياض ، ثم حقنت بنك الرياض الجديد بالسيولة مقابل تملكها حصة فيه تزيد على 35% من رأس ماله لحساب وزارة المالية ، لينطلق بعد ذلك نحو آفاق النجاحات ، ثم أصدرت نظام مراقبة البنوك لضمان استقرار النظام البنكي وسلامته ، لضمان عدم تكرار مثل هذه المشكلة ، وهو نظام دفع وكالات التصنيف الائتماني إلى تصنيف المؤسسة كإحدى أفضل الجهات الرقابية في الأسواق الناشئة. وزارة المالية فضلت دعم استثمارات المؤسسة العامة للتقاعد بهذه الصفقة ، ولذلك نفذت بنفس سعر السوق السائد ، خاصة أن مؤسسة التقاعد تبحث عن الاستثمار الطويل ، وتسعى إلى تنويع استثماراتها والبحث عن أفضل العوائد لاستثمار مواردها المالية، ومواجهة التزاماتها المالية ، وضمان استمرارها في تأدية خدماتها والصرف على المتقاعدين، وهذه الصفقة لوحدها سوف تدر دخلا سنويا على التقاعد يصل إلى 128 مليون ريال عطفا على الربح الذي وزعه بنك الرياض في العام الماضي والبالغ 1.30 ريال للسهم.