تعد جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة التي صدرت موافقة مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز بشأنها، إنفاذاً لإرادة خادم الحرمين الشريفين في التاسع من شوال 1427ه الموافق 31 أكتوبر 2006م، وأعلن عن انطلاقها في الثالث عشر من صفر 1428ه - الموافق 3 مارس 2007م، من بين الجوائز العالمية ذات المرجعية الإنسانية، التي تسعى إلى صناعة حراك وزخم إنسانيين، يوازيان مع اهتمام مؤسسيها، أمثال جائزة نوبل، وغيرها من الجوائز رفيعة الطراز، ذات الأبعاد الإنسانية، ولقد كان واضحاً للعالم بحكم درايته بمواقف خادم الحرمين الشريفين ومساعيه للتقريب بين الشعوب أن الجائزة في جوهرها تعد حلقة من حلقات المبادرات العالمية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين واحتضنتها المملكة لمد جسور التواصل بين الأمم، وكان اختيار محور الترجمة دالاً في حد ذاته، إذ يجسد حالة من تبادل الثقافات والأفكار بإزالة حاجز اختلاف اللغة من طريقها. ولقد حرصت أمانة الجائزة منذ اليوم الأول لانطلاقتها على تحديد أهدافها، لتكون ركيزة أصيلة للمتقدمين لنيلها، وللجان تحكيمها، يبنون عليها اختياراتهم، وأيضاً يتم الحكم على أعمالهم تأسيساً عليها. فتركزت أهداف الجائزة، وفق ما نصت عليه لائحتها، في الإسهام في نقل المعرفة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، وتشجيع الترجمة في مجال العلوم من اللغة العربية وإليها، وإثراء المكتبة العربية بنشر الأعمال المترجمة المتميزة، وتكريم المؤسسات والهيئات التي أسهمت بجهود بارزة في نقل الأعمال العلمية من اللغة العربية وإليها، والنهوض بمستوى الترجمة وفق أسس مبنية على الأصالة والقيمة العلمية وجودة النص. شمول وسخاء خمسة مجالات حددتها جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة للتنافس فيها، جاءت شاملة سواء في عموم تحفيزها للجهات المشتغلة بالترجمة، أو للمترجمين، وأيضاً في قدرتها على ضمان تعزيز الترجمة على الاتجاهين من الآخر وإليه، فضلاً عن ضمانة تعزيز حضورنا العربي الإسلامي عالمياً ولاسيما في المجالات التي سجل التأليف العربي تقدماً على مضاميرها، فتغطي أفرع الجائزة: جهود المؤسسات والهيئات، وترجمة العلوم الإنسانية من اللغة العربية، وترجمة العلوم الإنسانية من اللغات المختلفة، وترجمة العلوم الطبيعية إلى اللغة العربية، وفي ترجمة العلوم الطبيعية من العربية إلى اللغات الأخرى. وقد حرص خادم الحرمين الشريفين على أن تكون قيمة الجائزة سخية بما يضمن تنافس النخب الثقافية والعلمية العالمية عليها، إذ يحصل الفائز في كل مجال من مجالات الجائزة الخمسة على جائزة قدرها (750) ألف ريال، فيصل بذلك مجموع قيمة الجائزة إلى (4.250.000) ريال سنوياً، متصدرة جوائز الترجمة العالمية. خريطة الطريق تحققت عالمية جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للترجمة منذ دورتها الأولى التي شهدت تقدم 186 عملاً لنيلها من قبل نخبة من المترجمين يحملون هويات 30 دولة عربية وأجنبية، ولقد حرصت أمانة الجائزة أن يكون أداء لجان تحكيمها على المستوى نفسه الذي يحقق لها العالمية بإخضاع الأعمال المشاركة لمعايير تحكيم صارمة، تحقق أرقى المواصفات والاعتبارات العالمية في الترجمة، إضافة إلى تحقق أهداف الجائزة ورسالتها فيما بقدم من أعمال، وفقاً للائحتها. ولتضمن أمانة الجائزة أعلى مستوى من الأداء للجان التحكيم حرصت على أن تضم لجان تحكيمها نخبة متميزة من خيرة الخبراء والأكاديميين والمختصين في حقل الترجمة. تصدر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف جائزة الدورة الأولى بفوزه بجائزة الترجمة لجهود المؤسسات والهيئات، الفوز الذي نال رضاء كثير من المعنيين الذين يعرفون للمجمع قدره وثقله وأحقيته بنيل الجائزة، لقاء الجهود العملاقة التي يبذلها على صعيد ترجمة معاني القرآن الكريم، في نسخ تنال رضاء واسعاً في العالم الإسلامي، وتحصد إشادات علمائه ومختصيه. وفي الدورة الثانية من عمر الجائزة، بلغ عدد الأعمال التي تقدمت للمنافسة عليها 127 عملاً من 25 دولة، وتصدر المشهد في هذه الدورة مركز الترجمة بجامعة الملك سعود بفوزه بالجائزة في فرع المؤسسات، في تأكيد جديد لعلو كعب هذه المؤسسة الوطنية في الترجمة، وأيضاً في شهادة إنصاف للجائزة، وقدرة لجانها على الفرز والتصنيف. ولم يكن هذا كل شيء بالنسبة إلى الدورة الثانية من الجائزة، ففي تطور نوعي، وفي لفتة كريمة من مجلس الأمناء، كرمت الجائزة في دورتها الثانية كلاً من: الشاعرة الكبيرة سلمى الخضراء الجيوسي، والأكاديمي الألماني د. فاندرسش هارثموت، صاحب الإسهامات المتعددة في ترجمة الفكر العربي والإسلامي، في حفل أقيم بمؤسسة الملك عبدالعزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بمدينة الدارالبيضاء المغربية، في لفتة حضارية وتقليد كريم يجسد عالمية الجائزة وحضورها الدولي، وفي مسعى من مجلس أمنائها لتعزيز الزخم العالمي الذي حققته الجائزة، التي تحولت إلى مركز إشعاع ثقافي متنقل يلاحقه العالم في كل أفق من عام للذي يليه، وهو في الوقت نفسه أداء رفيع وسخي أيضاً لجائزة تحمل اسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ولقد أتاح هذا الانتقال بفعاليات حفل تسليم الجائزة إلى عواصم العالم، تلك السنة التي سنها مجلس أمناء الجائزة، فرصة سانحة للحوار والالتقاء على الأرض، وسانحة للتعايش والاحتكاك الثقافي البناء الذي يحقق هدف التقاء الحضارات والثقافات، الهاجس الرئيس لدى خادم الحرمين الشريفين، الذي قامت عليه فكرة الجائزة. ولقد كان تنظيم حفل تسليم الجائزة في دورتها الأولى في الرياض والانطلاق منها إلى عواصم دول العالم تمثيلاً على الأرض لخريطة الطريق السعودية التي رسم ملامحها خادم الحرمين الشريفين، فالدعوة إلى الحوار العالمي دعوة سعودية أطلقها خادم الحرمين الشريفين هنا في الرياض ثم جاب بها أهم عواصم العالم التي التفت حولها وأيدتها وعبرت عن تقديرها الواسع لصاحبها، خادم الحرمين الشريفين، أيضاً رسالة الإسلام بحضارته التليدة بدأت هنا على أرض الحرمين ثم انطلقت إلى شتى بقاع الأرض، وبذلك جسد نقل حفل الجائزة إلى عواصم العالم تلك الرمزية النبيلة الدالة، ليس على عالمية الجائزة وحسب، بل في الوقت نفسه على عالمية دعوة خادم الحرمين الشريفين، وعالمية رسالة المملكة الإنسانية. ومع دخول الدورة الثالثة نجحت الجائزة بما حققته من أصداء عالمية في لفت أنظار قائمة من كبار مترجمي العالم وناشريه، إذ تقدم للتنافس على نيل لقب الجائزة في هذه الدورة نحو 118 عملاً، مثل المتقدمون بها 23 دولة عربية وأجنبية. وكانت الجائزة في هذه الدورة على موعد مع تقدير عالمي كبير لجهود خادم الحرمين الشريفين جسدته لفتة منظمة اليونسكو التي استضافت حفل تسليم الجائزة في مقرها بالعاصمة الفرنسية «باريس»، في حفل شهد حضور نخبة من رموز الفكر والثقافة من جميع دول العالم، حتى إن مدير عام منظمة اليونيسكو «إيرينا بوكوفا» عبرت عن سعادتها الغامرة بالحدث الكبير الذي شهدته العاصمة الفرنسية مساء تسليم الجائزة بالقول إنه يوم مشهود، وعيد للثقافة، ومناسبة لتعزيز مبادئ الثقافة والعلم في خدمة الشعوب. ولقد واصلت الجائزة في هذه الدورة أيضاً سنة تكريم رموز الثقافة والإبداع الذي كان لهم دور بارز في حقل الترجمة، فتم تكريم البروفيسور الفرنسي أندريه ميكيل الحاصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي، والأستاذ السابق لكرسي اللغة والأدب العربي في كلية "دي فرانس"، أنتج أكثر من مئة وخمس وثمانين مادة علمية بين التأليف والترجمة والكتابة الأدبية، وركّز اهتمامه على ترجمة الأدب والشعر العربي، ومن بين ترجماته كتاب (كليلة ودمنة)، (ألف ليلة وليلة). كما تم تكريم البروفيسور العراقي عبد الواحد لؤلؤة، الحاصل على درجة الدكتوراه في الأدب الإنجليزي من جامعة كيس ويسترن رزرف بالولايات المتحدةالأمريكية، وأستاذ جامعة الزيتونة الأردنية، جامعة الإمارات العربية المتحدة، الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، جامعة فيلادلفيا بالأردن، وأنتج ما يزيد على ثمانية وأربعين عملاً ما بين ترجمات ومصنفات وأبحاث علمية، ومن أبرز نتاجه في حقل الترجمة موسوعة المصطلح النقدي وهي سلسلة من أربعة وأربعين جزءاً. فيما شهدت الدورة الرابعة للجائزة، تقديم أكثر من 96 عملاً للجائزة، وكان الدور هذه المرة على العاصمة الصينية بكين التي رحبت باستقبال حفل تسليم الجائزة، وقرر مجلس أمناء الجائزة في هذه الدورة تكريم اثنين من المترجمين ممن خدموا الترجمة من اللغة العربية وإليها إثراء لها وتعزيزا لنقل الفكر والثقافة ودعما للحوار بين الحضارات، وهما كل من الدكتور تشونغ جيكون، صيني الجنسية الذي نال درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، وعمل رئيسا لجمعية بحوث الأدب العربي في الصين، ومستشارا لمجلة الآداب الأجنبية، وعني كثيرا باللغة العربية؛ فأنتج أكثر من 80 عملا ما بين التأليف والترجمة والكتابة الأدبية، والدكتور محمد عناني، مصري الجنسية، الذي نال درجة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية، وعمل أستاذا في قسم اللغة الإنجليزية في جامعة القاهرة، ورئيسا لتحرير مجلة سطور ومجلة المسرح، وله نتاج قارب مائة عمل ما بين التأليف والترجمة. هذا وقد منح في الدورة الخامسة مجال جهود المؤسسات والهيئات ل "مشروع" كلمة "التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث بدولة الإمارات، فيما حجبت الجائزة في مجال "العلوم الطبيعة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى"، وذلك لعدم استيفاء الأعمال المتقدمة للمعايير العلمية للجائزة. وفي مجال "العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية" منحت الجائزة "مناصفةً" بين كل من: الدكتور محمد سلامة الحراحشة والدكتور وليد محمد خليفة عن ترجمتهما لكتاب "الحصول على الفلزات من الخامات مقدمة إلى استخلاص الفلزات" من اللغة الإنجليزية لمؤلفه فتحي حبشي، وكذلك الدكتور محمد الألفي والدكتور رضوان السعيد عبدالعال عن ترجمتهما لكتاب "شبكات الحاسب والإنترنت" من اللغة الإنجليزية، لمؤلفيه: جيمس كيروز وكيث روس. ومنحت الجائزة في مجال "العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية"، "مناصفةً"، بين الدكتور محيي الدين علي حميدي، عن ترجمته لكتاب "اللسانيات السريرية" من اللغة الإنجليزية، لمؤلفه لويس كمينكز، والدكتور فاضل جتكر عن ترجمته لكتاب "آلام العقل الغربي" من اللغة الإنجليزية لمؤلفه ريتشارد تارناس. وفي مجال "العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى"، منحت الجائزة "مناصفةً" بين كل من الدكتور نعمة الله إبراهيم والدكتور عبدالحكيم عارفوف والدكتور أكمل جانوف والدكتور عبدالحميد زيريوف والدكتور جهانكير نعمتوف والدكتور عبدالواحد عليوف: عن ترجمتهم لكتاب "السيرة النبوية لابن هشام" إلى اللغة الأوزبكية، وكذلك الدكتور نبيل الرضوان عن ترجمته لكتاب "الظل أساطيره وامتداداته المعرفية والإبداعية" إلى اللغة الفرنسية لمؤلفته فاطمة بنت عبدالله الوهيبي.