حذر إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة أمس من تصرفات بعض الآباء مع ورثتهم من حرمانهم حقهم المشروع بحيل الأوقاف التي يهدف فيها إلى منعهم من التصرف بالموروث أو نقل ملكيته, عادا ذلك مخالفة شرعية كبيرة تتسبب في الخصومات والتقاطع والتنازع, محذرا في خطبته نظار الأوقاف من الإهمال والخيانة والنظر للمصالح الشخصية. وقال فضيلته: إن من يتتبع بعض أحوال الناس في أروقة المحاكم يجد ما يأسى له المسلم فيجد بسبب تصرفات الآباء الخصومات والتقاطع والتنازع والتشاتم بسبب الحيل في وقف المال والوصية, ومن ذلك أن البعض يمنع التصرف بماله عن طريق التحيل بالوقف بقصد منع التصرف بالموروث أو نقل ملكيته وهو مذموم شرعا على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لما يقع بسببه من إضرار بالورثة, وقد ذكر شيخ الاسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله أن هذا الوقف وقف غير مشروع وذكر ذلك مثله حفيده المجدد الإمام عبدالرحمن بن الحسن حول إرادة مثل هذا الوقف فقال: " فالواقف في الحقيقة يريد أمرين تحريم ما أحل الله لهم أي للورثة من بيعه وهديته والتصرف فيه, والثاني حرمان زوجات الذكور وأزواج الإناث فيشابه ما ذكره الله في سورة الأنعام", ومن تلك التصرفات الخاطئة أن يفضل الموقف بعض الأولاد على بعض في الوقف, وهو مما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" والأحاديث في هذا كثيرة, ولكن لو أوقف على المحتاج من ذريته لوصفه لا لشخصه فلا بأس, وكذا لو ذكر في وقفه تحضيض الأولاد على طلب العلم فخصه بطلب العلم لا بالشخص. وأضاف: البعض يوقف على أولاد الظهور دون أولاد البطون أي أنه ينص على حرمان أولاد البنات, فالذي ينظر في هذا الوقف بتمعن يجد أنه أراد حرمان أولاد البنات في عاقبة الأمر إنما تستغل البنت الغلة في حياتها فاذا ماتت انقطع ما كان لها, وهذا محرم, والمحققون من أهل العلم دون تقليد مذهبي قد نصوا على أن هذا الوقف من أوقاف الجنف والإثم, وقد ألف الإمام محمد بن عبدالوهاب في ذلك رسالة مستقلة في صدد الرد على من أجاز وقف الجنف والإثم الذي لا يرضاه أحد لبناته ولا يرضاه أحد لنفسه أن يكون قاصدا بتفضيل بعض على بعض فرارا عن وصية الله بالعدل, وقد ذكر مثل ذلك الشيخ عبدالرحمن السعدي "لا يحل لأحد أن يوقف وقفا محرما وفيه ظلم بتخصيص بعض الورثة دون الآخرين فإن العبد ليس له أن يتصرف بماله بمقتضى شهواته الشخصية..", فاتقوا الله وارتضوا بما ارتضاه الله تسعدوا وتفلحوا في الدنيا والآخرة. وقال: لقد تواتر من الكتاب والسنة تعظيم شأن الأمانة وتحريم الخيانة فيهال أو الاهمال في واجباتها فيا نظار الأوقاف قد ابتليتم ببلوى عظيمة فاتقوا الله جل وعلا في هذه المسؤولية العظيمة, وأدوها على ما أمر الله, واحرصوا على الأوقاف وعلى الحفاظ عليها وتنميتها وصرفها في مصارفها بدون اجتهاد أو تفضيل لأحد على أحد اتقوا الله فيها وإياكم وأن تنظروا إلى مصالحكم عن طريق الأوقاف فتلك جناية عظيمة تجدون مغبتها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم.