كثيرا ما تتضمن اللوائح التنفيذية للأنظمة أواللوائح التي تُعد لتنظيم بعض الخدمات والمرافق نصوصاً بالجزاءات والغرامات المطلوب تطبيقها بحق المخالفين لتلك اللوائح والتي إما أن تكون بغرامات مالية أو بالسجن أو بهما معا أو بحجز مركبة أو إغلاق محل أو مستوصف..الخ مما يرد في تلك اللوائح من عقوبات متعددة ومتفاوتة وحسب الإختصاص، إلا أن المشكلة التي تبرزعند التطبيق تتمثل في أن عدم التحديد الدقيق لمقدار كل عقوبة يتوجب تطبيقها على المخالف فتح المجال للتعسف في إستخدام السلطة من الموظف أو المسئول أو لممارسات مختلفة لأحد أشكال الفساد!. ولعل ترك النظام أو اللائحة للجهة أو المسئول في أي منطقة ومدينة - حسب تفويض الصلاحيات لكل جهة - حق تقدير العقوبة المناسبة لكل مخالف بتطبيق الحد الأدنى أو الأعلى كغرامات مالية أو كعقوبات مختلفة وردت باللائحة، ساهم في إيجاد حالة غموض عند التطبيق بمدى فاعلية تلك الجزاءات وتفاوتها بين المخالفين حتى من بين من تكررت منه تلك المخالفة! فهناك فرق كبير بين غرامة ب (50) ألف ريال كحد أدنى و(500) ألف ريال كحد أعلى أو بين ألف ريال و(10) آلاف ريال بالنسبة للكثير من المخالفات التي يتكرر حدوثها من معظم المنشآت والتي وفقا لمحدوية رواتب المراقبين أو المعنيين بكشف تلك المخالفات تمثل بابا للإثراء والفساد! بل إن ذلك الغموض تسبب في إبراز الموظف أياً كان عمله ومستواه بأنه هو من يضع النظام ويطبقه! ويتضح ذلك بشكل أكبر في بعض المدن والمحافظات، وهو ما أوجد بيئة مناسبة لممارسات قد تسيء لجهات حكومية خدمية خاصة، وأن من يستغل تلك الثغرة لمصالحه الخاصة يرى بأنه لم يخالف الأنظمة عند تقديره للمخالفة والجزاء الواجب تطبيقه وهوما يعيق أيضا مهمة الجهات الرقابية في الكشف والاستدلال على من يستغل الوظيفة العامة! كما في بعض الحالات يتم إستغلال ذلك التباين في العقوبات في فروع الجهات التي عُرف عن مسئوليها التشدد في ذلك، من خلال تمريرها على المسئول المؤقت المكلف بعمله خلال فترات إجازته، وبالتأكيد لن تكون تلك الخدمة بدون مقابل! وتبرز بشكل أكبر مثل تلك الممارسات في بيئة الأعمال التي تكون فيها العمالة الأجنبية هي المشغلة للنشاط أو المسئولة عن الإدارة لسهولة التعامل معها ورغبتها في إقفال موضوع المخالفة لعدم إثارة مخالفات أخرى قد تكون أكبر أو خوفا من الترصد مستقبلا!. ومن هنا فان هناك أهمية لإعادة مراجعة جميع اللوائح المنظمة للخدمات لجميع الجهات بحيث يتم التحديد الدقيق لكل مخالفة - قدر الإمكان وفقا لتكرارحدوثها - وبالطريقة التي تكفل فاعليتها لرفع مستوى الخدمة والأهم عدم إساءة إستخدام السلطة من قبل موظف أو مسئول بفتح المجال لضعفاء النفوس في التقدير الأولي للعقوبة بالحد الأعلى وليتم تخفيضها أو إلغائها بعد تفاهم المخالف مع الموظف العام أو ما يماثله من مكاتب أو شركات استشارية تنوب عن الجهاز الحكومي في تطبيق بعض الأنظمة وتحديد المخالفات أو تجاهلها! خاصة وأنها ستكون بمبالغ كبيرة، فالمهم أن نعمل على إتخاذ التدابير الوقائية وإغلاق الثغرات النظامية وتوفير الشفافية للجميع عن كل المخالفات وعقوباتها كتنظيم واضح لا يخضع لاجتهادات شخصية قد تُستغل من البعض في ممارسات مخلة تسيء لمجتمعنا بشكل عام!.