الأسبرين من الأدوية المعروفة في كل مكان في عالمنا المعاصر ، وقد اكتسب هذا الدواء شهرة كبيرة نظراً لفاعليته الجيدة في تخفيف الأوجاع ، وخاصة الصداع وتخفيض درجة الحرارة . وقد استخدم المركب الفعَّال في الأسبرين ، وهو حمض استيل ساليسليك من خلال قشرة شجرة الصفصاف منذ زمن بعيد ، ثم توصل الباحث الفرنسي لورو (H.Leroux) عام 1823م إلى عزل ( الساليسيلين) عن قشرة شجرة الصفصاف وحصل منه على ( حمض الساليسيليك) الذي استخدم مسكناً للآلام ، وخاصة على شكل ملح صوديومي. وفي عام 1887م استطاع الكيميائي الألماني فليكس هو فمان (F.Hoffman) أن يصطنع حمض ( استيل الساليسيليك) في شكله الصرف والمسموح به صيدلانياً في مختبر باير (Bayer) وخفف من تأثيره الحمضي خصيصاً لوالده الذي كان يعاني من الروماتيزم لحساب شركة باير . وقد حصل هو فمان على رضا والده واغتباط شركة باير التي لا تزال تحقق ارباحاً ضخمة من هذا الدواء الأعجوبة . وفي عام 1899 سجلت باير بألمانيا العلامة التجارية اسبرين (Aspirin) في المكتب الملكي للعلامات التجارية والبراءات في برلين . ولا شك أن هذا الدواء من الأدوية الفعالة التي أثرت في أجيال عديدة منذ طرحه في الأسواق ، وتتلخص فاعليته في مقاومته للآلام ، وتخفيضه لدرجة حرارة الجسم، وفائدته المعروفة في منع تجلط الدم . وكان الأسبرين الدواء الأول الذي حمله رواد الفضاء في يوليو 1969 م خلال أول هبوط للإنسان على سطح القمر . وقد ساعد الأسبرين على علاج الأوجاع العضلية والآلام التي عانى منها رواد الفضاء في رحلتهم التاريخية والفاصلة في تاريخ البشرية . وتدل الإحصاءات على أن الأمريكيين يستهلكون أكثر من 40 بليون حبة أسبرين سنوياً ، ناهيك بالاستهلاك العالمي . وللأسبرين إمكانيات علاجية متعددة ومنها قدرته على منع التصاق الصفيحات الدموية الذي يعرف في الطب باسم داء الالتصاق الخثري ، مما يؤدي إلى خفض أخطار الجلطة الدموية . وقد ورد في موقع (Medline) أكثر من (10400) بحث عن الأسبرين من حيث أهميته في علاج أو التخفيف من بعض الأمراض ، وخاصة السرطان وأمراض القلب وحتى خرف الشيخوخة ( الزهايمر). ويعتقد الأطباء أنه في خلال عشر سنوات ( بدءاً من 2004م) سيكون هناك أدلة طبية مفصلة لدعم الاستخدام الواسع لهذا الدواء بين الناس . لكن الأطباء ينبهون إلى أنه يجب على المرضى ألا يتولوا علاج أنفسهم بدون استشارة الأطباء . ويعود السبب في ذلك إلى أن هذا الدواء يسبب أحياناً نزيفاً داخلياً بل ربما يسبب تمزقاً في الأوعية الدموية في الأشخاص الذين يعانون من القرحة وضعف البطانة المعدية . وهناك تحذير للنساء الحوامل بأن يكن حذرات في تناول الأسبرين لأنه قد يزيد من احتمال حدوث الإجهاض . كما يجب عدم الإفراط في استخدمه للأطفال تحت سن السادسة عشر لارتباطه باحتمال الإصابة بمتلازمة أعراض ريز التي تؤثر على المخ والكبد . وبالرغم من مرور أكثر من قرن على نزول الأسبرين إلى الأسواق ، إلا أنه يظل دواء عصرياً جيداً ، لكنه يحتاج إلى معرفة آثاره الجانبية للاستفادة منه علاجياً وتجنب أضراره .....