سرقة كشف عنها معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ونشرتها هذه الجريدة يوم الاربعاء الفائت، وهنا لابد أن نحيي الهيئة ورئيسها على هذا العمل النبيل والأمين، والقصة كما قرأتموها عملية اختلاس من مستودعات الشئون الصحية في إحدى المحافظات.. وأكيد أن المسروقات كميات كبيرة من الأدوية والسارقين كالعادة مجموعة من الموظفين الرسمين، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم بها سرقة أدوية من مستودعات وزارة الصحة وبيعها على المستوصفات والمستشفيات الأهلية وتم ترويجها مثل ما تروج المخدرات على يد مجرمين تعدى إجرامهم جرم مروجي المخدرات.. هنا انتهى الحدث عند النشر وكذا دائما ما تنتهي مثل هذه الأحداث بعد أن تعلق علامة استفهام بحلقة مئات الاستفهامات.. الى أن تمسح علامات الاستفهام أسئلتها وتصبح بفعل الزمن تلك الاسئلة شواهد على أننا أمة يوجد بها جريمة وسرقات بدون أن يكون بها مجرمون وحرامية، الجريمة معروفة والمجرم غفل نكرة لا يعرف من هو، إلا انه شخص ما ينتمي لجنسية ما يسكن في مكان ما، هذا التحفظ الشديد على أسماء المجرمين لا يوجد له مبرر أخلاقي ولا وطني بعد أن دفع خادم الحرمين الشريفين حفظه الله كل أجهزة الرقابة والمحاسبة إلى واجهة المسئولية في الحفاظ على مكتسبات البلد وحياة أهله، وجعل للفساد هيئة، والشفافية والوضوح أسلوب لمعرفة الفاسد والمصلح، وفي هذه القضية يوجد أكثر من سبب لمعرفة هوية الفاعلين والجهات التي تعاملت معهم، وهي ببساطة تتلخص في معرفة المادة المسروقة "الدواء" ففي معرفة المستوصفات والمستشفيات التي اشترت الدواء المسروق سوف تنكشف أمور كثيرة تهم كل من قدر له أن يحتاج لخدمات هذه الجهات الطبية، لماذا هذا الأمر ضروري ؟ لأن نقل الدواء والأمصال من المستودع المسروق عرضها لإتلاف وتلوث، وفي النهاية قدمت للمواطن على أنها دواء سليم، والأمر في واقعه ليس كذلك، بل العكس هو الصحيح، فهذا العلاج ربما تسبب بزيادة المرض أو جلب للإنسان المريض علة جديدة، وعند هذه الحقيقة سوف يكون لكل من تضرر من هذا العمل حق لدى من أسقاهم السم المسروق وعلى أصحاب سوق الدواء المسروق أن يدفعوا التعويض صاغرين لكل متضرر من فعلهم المشين، أما الكشف عن الجريمة بدون أن نعلم من هو المجرم سوف يفقد بعض أصحاب الحقوق حقهم بدون تعمد من الجهات الضابطة لتلك المسروقات. وزارة الصحة هي أكثر المستفيدين تخصصا من كشف الفاعلين فعليها تقع مسئولية المطالبة بفضحهم، وإجراء التحقيق المهني لمعرفة كيف صرف الدواء ولمن وهل تسبب في إضرار للناس الذين صرف لهم، وعليها المطالبة أيضا بكشف أسماء المستوصفات والمستشفيات الأهلية التي إشترت الدواء المسروق لشطبها نهائيا من مزاولة هذه الخدمة الإنسانية النبيلة.