سبق أن كتبت في إحدى صحفنا المحلية فتوى بأن ركوب المرأة في سيارتها ومع سائق بيتها لا يعتبر خلوة بها وأن لها الحق في ذلك لقضاء حوائجها ومستلزمات أمورها واعترض عليّ بعض اخواني من طلبة العلم وقالوا بأن هذا خلوة بها من السائق فكتبت كتابة مطولة جرى نشرها في صحيفة «الرياض» وقلت في معرض الرد: إذا قلنا بأن ركوبها في سيارتها مع سائق أهلها الخاص يعتبر خلوة بها فلا يجوز لها ذلك وقلنا كذلك بمنعها من قيادة سيارتها وهذا يعني حبسها في بيتها إلاّ ان يصحبها دائماً في قضاء حوائجها في بلدها محرمها. وقد أخذ من ردي هذا أنني أقول بجواز الإذن للمرأة ان تقود السيارة وقد تناقلت بعض صحفنا عني هذا واتصل بي مجموعة من اخواني ما بين مستنكر ومؤيد. وقد أحببت في هذه الإطلالة ان أذكر رأيي الصريح في ذلك سبق لي قبل سنة تقريباً أن كتبت في صحيفة الوطن تحت عمود نافذة على المجتمع رأيي في قيادة المرأة للسيارة وقلت إن قيادة المرأة للسيارة من حيث فعل القيادة من الأمور العادية إذ ليس في الفعل نفسه انتهاك محظور ولكن ما يترتب على السماح بقيادتها السيارة من المحاذير والسلبيات هو المقتضى لعدم السماح لها بذلك. وقد ذكر مجموعة ممن قال بعدم السماح لها مجموعة محاذير يترتب على تجاوزها أمور تتعلق بتعريض المرأة لكرامتها وحشمتها وآثار حريتها في تنقلها بسيارتها. وتعرضها في حال حوادث السير لبعض المشاعر العكسية المؤذية لها. وعليه فما جاء فيما كتبته عن جواز ركوب المرأة في سيارتها داخل البلد وبقيادة سائق بيتها لا يعتبر خلوة. ما كتبته ليس فيه قول مني بجواز قيادتها ولا بعدمه. وإنما هو خاص بموضوع الكتابة والقول بوجوب الأخذ بالتيسير في الفتوى ما لم يكن في ذلك إثم. فإذا قلنا بمنعها من قيادة السيارة فلا نقول بمنعها من قضاء حوائجها بسيارتها وبقيادة سائق بيتها وفي داخل بلدها. وأرى ان موضوع قيادة المرأة لسيارتها في بلادنا موضوع اجتماعي مشكل للقول بجواز ذلك سلبيات يذكرها القائلون بمنعها من القيادة وايجابيات يذكرها القائلون بجواز قيادتها. وحيث ان المسألة من المسائل الاجتماعية العامة وهي محل اشكال واجتهاد فأرى ان يدرج هذا الموضوع في جدول أعمال هيئة كبار العلماء في الدورة القادمة لدراسة وإصدار قرار بخصوصه وفي حال القول بجواز ذلك فيكون له من القيود والضوابط ما يحول بينه وبين المحاذير الشرعية المتوقعة. ويمكن ان يستعان في الدراسة بآثار قيادة المرأة في البلدان الأخرى لاسيما في دول الخليج وفي البلاد العربية لاسيما البلدان المجاورة ويمكن ان تكون الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والمرورية والاقتصادية محل نظر واعتبار فيما يتعلق بالايجاب أو السلب وتقرير الحكم في ذلك. ولاشك ان نظر الموضوع من ذوي الاختصاص سيقضي على التخبط في الآراء والأقوال والفتاوى الفردية لاسيما إذا صدر القرار من جهة مختصة وبتحليلات مقنعة من حيث العقل والنقل وتحقيق المقصد الشرعي. والله المستعان،،،