الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    أمير حائل يشهد حفل ملتقى هيئات تطوير المناطق والمدن 2024    شرطة العاصمة المقدسة تقبض على 8 وافدين لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    اتفاقية لتوفير بيئة آمنة للاستثمار الرياضي    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    شركة آل عثمان للمحاماة تحصد 10 جوائز عالمية في عام 2024    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    إمارة جازان تستعرض معالمها السياحية وتراثها في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل 9    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    لمحات من حروب الإسلام    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    الحربان العالميتان.. !    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخاض العربي والخروج من عنق الزجاجة

المضحك فعلاً هو أن ما يعيشه العالم العربي الآن هو ثورة «استقلال» ضد من رفعوا شعار الاستقلال، ضد التقدميين وضد من حاولوا أن «يضحكوا» على المواطن العربي، والمحزن فعلاً هو أن الدم العربي أريق في ثوراته الأخيرة أكثر مما أريق ضد المستعمر!
ما يحدث في سوريا هذه الأيام محزن، وخطابات الرئيس بشار الأسد تزيد من هذا الحزن، فهو يكرر نفس الاخطاء التي وقع فيها من سبقوه. سوريا لا تستحق هذه القسوة ولا نريد لها أن تنزلق في متاهة حرب أهلية، يجب على السوريين، في الداخل، أن يعوا أن مستقبل سوريا أهم بكثير من بقاء نظام الأسد، كما أن على الأسد أن يعي أن إرادة الشعب اقوى من كل ترسانة الجيش التي يضرب بها صدور ابناء شعبه بدلا من أن يوجهها للأعداء. في حقيقة الامر انني صرت أتذكر قول كثير من السوريين الذين زاملتهم في حياتي فقد كانوا على قناعة أن الجيش السوري لن يحارب أي عدو في يوم، وانه موجود فقط لحماية النظام. كيف يقبل ابناء الجيش السوري بأن يكونوا أداة في يد نظام "متوحش" وكيف يرضون بذبح اخوانهم السوريين. الحقيقة أن هذه الأسئلة تجعل الرأس يلف، فقد قتل من السوريين خلال اشهر الثورة ما لم يقتله الاسرائيليون خلال الستين سنة الماضية، فهل نتوقع من المواطن السوري والعربي أن يثق في أنظمته وأن ينام مطمئنا لوعودهم وخطاباتهم الثورية.
الذي يراقب المشهد العربي هذه الايام يضحك كثيراً على شعارات الثورات في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، فقد كانت تلك الثورات ترفع شعار "الاستقلال" و"القومية" وغيرها من شعارات وتشكلت ثقافة عربية على ضوء تلك الشعارات وبنيت أنظمة "تقدمية" وأخرى "رجعية" نتيجة لتلك الشعارات، وقسم العالم العربي إلى "يساري" متقدم و "يميني" متخلف. المضحك فعلا هو أن ما يعيشه العالم العربي الآن هو ثورة "استقلال" ضد من رفعوا شعار الاستقلال، ضد التقدميين وضد من حاولوا أن "يضحكوا" على المواطن العربي، والمحزن فعلا هو أن الدم العربي أريق في ثوراته الأخيرة أكثر مما أريق ضد المستعمر، رغم أن هذا الدم المراق هو الذي ساند تلك "الثورات التقدمية" الخادعة. بالنسبة لي لم أكن مؤمنا بالثورات العربية "العسكرية" فكل انقلاب عسكري يجلب الويلات معه، لكني كنت مؤمنا ومازلت بالعروبة، لأني أراها عقدا يجمعنا ويقوينا ويجعلنا أكثر حضورا على المستوى الانساني، لكن العروبة لا تتحقق فوق الدبابات والمدرعات وقتل الابرياء، انها تتحقق بالعمل الجاد وبناء حضارة مشتركة ترتكز على معرفة واقتصاد متقدمين.
مفارقات تجعلنا نفكر كثيرا في ستة عقود مرت على الأنظمة "التقدمية" في العالم العربي وهي تتوهم أنها كانت تصنع مستقبلا حرا للمنطقة بينما كانت مرتكسة في الاستبداد وفي تحجيم الحريات وفي اغتيال المعارضين. يجب أن نفهم "العقل العربي" الذي رضخ لأكثر من ستة عقود لهذا الاستبداد دون أن يحرك ساكنا، ويجب أن نعي كيف سيكون هذا العقل بعد أن تحرر من سكونه. ستة عقود من "التخدير" ستحتاج إلى وقت طويل كي يصحو العقل العربي ويتعافى. في اعتقادي أن ما يحدث الان في العديد من المناطق العربية ليس فقط ثورة ضد النظام السياسي بل هو ثورة ضد "نظام الحياة" ككل، لأن المشكلة لا تكمن في النظام السياسي فقط بل في طريقة الحياة وفي موقف العربي، المواطن العادي، من هذه الحياة. المجتمع العربي بحاجة إلى محفزات وإلى محركات تدفعه للعمل والانتاج ولصنع حراك ثقافي ومعرفي واقتصادي يضع المنطقة على خارطة العالم.
في سوريا، الأمر يزداد سوءا يوما بعد يوم، فالسوريون المعروفون بفطنتهم وبقدرتهم على مواجهة الظروف الصعبة وبدهائهم وحسن إدارتهم للأمور وقعوا فريسة لهذا النظام المتحجر الذي حول سوريا إلى "ثكنة عسكرية" كيف استطاع الاسد الأب اختطاف سوريا كل هذه السنوات، وكيف استسلم السوريون لهذا الاختطاف بهذه البساطة. ثورة السوريين على هذا النظام المستبد كانت شيئا غير متوقع، لأن نفوسهم قد انكسرت نتيجة الاستبداد، وما حدث في حماة في مطلع الثمانينيات ليس ببعيد عن الاذهان، فقد حصد النظام آلاف الأرواح دون أن يقف في وجهه أحد، صمت السوريين في ذلك الوقت دفع ثمنه كل سوري غالبا، فقد مرت ثلاثة عقود من الإذلال ومن التهميش جعلت سوريا "خارج التاريخ"، لكن الأمور وصلت إلى نهايتها والتحرك الشعبي، هو نتيجة حتمية لتصحيح الوضع وإعادة الأمور إلى نصابها، فهل نتوقع من السوريين البقاء خارج التاريخ إلى الأبد، وهل نعتقد أنهم سيظلون خانعين إلى الأبد، هيهات أن يكون هذا، فالانسان العربي مثله مثل كل إنسان على وجه هذه الأرض لديه طاقة محدودة على التحمل ولا بد أنه سينفجر في يوم ويحاول أن يغير من واقعه المتردي.
يبدو أن شعارات الاستقلال وحماية الوطن ضد المحتل سوغت الاستبداد في العالم العربي، وضعف الجامعة العربية ومواقفها المترددة زادت من الأوضاع السيئة التي دفع ثمنها المواطن العربي. لكن لكل ليل صبح يجليه، وفكرة "الثورة" بالنسبة للمواطن العربي العادي قد تراجعت كثيرا، لأن ما يحدث الآن ليس ثورة بمعناها التقليدي بل "رفض" للواقع، وسقوط بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر، والقذافي في ليبيا وعلي عبدالله صالح في اليمن، لم يكن ثورة بل هو إنهاء للتعاقد بين المجتمع والحاكم، فهذا التعاقد لم يعد فعالا ولم يعد مجديا وكان يجب أن يفك. في تونس ومصر كان الحاكم أكثر عقلا وأكثر نضجا وأكثر شعورا بالمسؤولية من حكام ليبيا وسوريا واليمن، العلاقة بين الحاكم والناس لا يمكن أن تكون مستقرة طالما أن الناس يرفضون هذا العلاقة ويرغبون في فكها. الربيع العربي، هو "انقلاب على الثورة" أي أنه يعيد تعريف كل المصطلحات السياسية التي "صدعت رؤوسنا" لأكثر من نصف قرن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.