أوضح سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية الصين الشعبية أن زيارة رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية سيادة ون جياباو إلى المملكة التي تبدأ اليوم السبت وتستمر يومين لها أهمية كبيرة ومحطة متميزة في محطات العلاقات بين البلدين وتأتي في اطار الزيارات المتبادلة بين المسؤولين من الجانبين للتشاور السياسي، متوقعاً أن تحتل الأوضاع في الشرق الأوسط ودور البلدين فيها الجزء الأكبر من المباحثات بالإضافة الى إمدادات النفط في ظل الاوضاع الراهنة في المنطقة. وقال السفير يحيى الزيد في حديث ل"الرياض" ان مبدأ الثقة بين البلدين جعل من العلاقات بينهما تتميز أكثر وأكثر وهذا كان له نتائجه في جميع المجالات ففي المجال الاقتصادي باتت المملكة تمثل أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وشمال أفريقيا بتبادل تجاري قارب 60 مليار دولار في عام 2011م وهو ما فاق التوقعات ، فيما يوجد هناك مشاريع مشتركة كبيرة في مجالات البنية التحتية والطاقة والبتروكيماويات وسيوقع عددا من الاتفاقيات على هامش هذه الزيارة وهي مشروع مصفاة البحر الأحمر بين ارامكو وساينوبك ومشروع مجمع البتروكيماويات بين سابك وساينوبك وهذه الاتفاقيات لها اهمية كبيرة خاصة اذا ما علمنا ان ما يقارب 17% من احتياج الصين اليومي من النفط يأتي من المملكة ، كما لا يمكننا أن نغفل دور الصين في المشروعات الحيوية في المملكة وأهمها قطار المشاعر المقدسة الذي لا يخدم سكان المملكة فقط بل يخدم جميع المسلمين في العالم الذين يتوجهون الى مكة لأداء فريضة الحج من كل العالم، ومن ضمنهم الحجاج الصينين اللذين تجاوز عددهم في العام الماضي حاجز 14 الف حاج بعد ان كان 3000 في عام 2006م. وأضاف السفير يحيى الزيد وإذا ما استعرضنا العلاقات بين البلدين فلا شك أنها تمثل نموذجا متميزاً ، ولا يمكننا أن نغفل ما قام به زعماء البلدين من تمهيد كبير لهذه العلاقات، فالزيارات المتبادلة بين الزعماء كانت لها دفعة قوية لهذه العلاقات، وإذا ما عدنا إلى الوراء قليلا وتحديداً يناير عام 2006 م فهذا العام شهد أول زيارة خارجية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد توليه العرش وكانت للصين وهذا يدل على مدى اهتمامه وحرصه على العلاقات بين البلدين وبعد هذه الزيارة بأشهر قام فخامة الرئيس الصيني هو جين تاو بزيارة الى المملكة وهذا لم يحدث على مستوى العلاقات في العالم ان يتم يتبادل زعيما دولتين الزيارات في اقل من ستة أشهر، وخلال هاتين الزيارتين تم توقيع اكثر من 10 اتفاقيات شملت جميع المجالات.، وفي أوائل عام 2009 قام فخامة الرئيس هو جينتاو بزيارة إلى المملكة لتعزيز التعاون بين البلدين، هذا بالإضافة إلى زيارة سيادة نائب الرئيس الصيني، وخلال الأعوام السابقة شهد البلدان زيارات متبادلة من قبل المسؤولين في البلدين كانت كلها تصب في خدمة العلاقات بين البلدين وتم خلال هذه الزيارات توقيع العديد من الاتفاقيات. واضاف السفير الزيد انه في مايو 2008 استيقظت الصين على زلزال سيتشوان المدمر وعندما علم الملك عبدالله بهذا الأمر أصدر أمره بتقديم المساعدات لشعب الصين والتي بلغت 80 مليون دولار، وهذا فيه دلالة واضحة على ما يكنه خادم الحرمين الشريفين لهذا الشعب من تقدير واحترام ودائما ما يردد الشعب العظيم فهو يعلم مدى قوة وشجاعة وطموح الشعب الصيني. وأكد السفير الزيد أنه وبالرغم من احتدام الأوضاع الدولية واختلاف التوجهات والمواقف فيها، ظل هناك توافق سياسي وتوافق رؤى وتوجهات ساعد في ذلك التشاور السياسي المستمر بين البلدين من خلال الزيارات المتبادلة بين المسؤولين وهذه الزيارة تعد احداها، فهناك تشابه كبير في المواقف السياسية من القضايا الدولية المختلفة، وهذا التشابه أو التوافق يأتي في اطار حرص البلدين على السلم والأمن الدوليين وحل القضايا بالحوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين. وفي الجانب الثقافي والعلمي أوضح أن التبادل الثقافي شهد تطورا ملحوظاً وخاصة بعد عام 2008م، فقد زاد عدد الطلاب السعوديين في الصين متجاوزا حاجز 1000 طالب وطالبة كما زاد عدد الطلاب الصينين في المملكة حيث أن 17% من منسوبي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا من الصين، هذا بالإضافة إلى أن هناك أياما ثقافية سعودية أقيمت في الصين وأيام ثقافية صينية أقيمت في المملكة وشهدت حضورا جماهيريا متميزاً، مضيفاً كما اقيم في الصين ملتقى الشباب السعودي الصيني في العام 2010 في الصين وفي العام 2011 أقيم هذا الملتقى في المملكة وهو ما عزز التبادلات الشبابية فحكومة البلدين تولي أهمية كبيرة للشباب لقيادة مسيرة العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب، وفي الأيام الماضية شهدت بكين توقيع اتفاقية للتعاون في مجال الشباب والرياضة ومن المتوقع ان يشهد هذا المجال تعاونا مثمراً في المستقبل القريب. وقال السفير الزيد ان اكسبو شنغهاي 2010م كان الحدث الأهم في السنوات الماضية في الصين وقد شاركت المملكة في هذا الحدث بأكبر مشاركة في تاريخ مشاركاتها الخارجية بجناح عكس العلاقات المتميزة بين البلدين وجذب الشعب الصيني وكان محط اهتمام القادة والشعب الصيني. واختتم السفير يحيى الزيد حديثه بالقول إن العلاقات السعودية الصينية ينتظرها مستقبل مشرق وزاهر في ظل قيادتين حكيمتين تجمعهما الثقة وتفرش أرضيتهما المصالح والمنفعة المتبادلة للبلدين والشعبين الصديقين، ولا يخالجني شك في ان هذه العلاقات ستنمو وتنمو بسرعة كبيرة في ظل وجود اهتمامات مشتركة وتفاهم وتوافق كبير.