لا شأن لنا بفانتازيا المُصنّف نفسه بالداعية، أو هو الداهية محمد العريفي، ولا نلتفت إلى لهاثه خلف الأضواء ومحاولاته الغريبة في الحصول على الشهرة، والتواجد في فضاء المجتمع ولو من خلال إثارة الغرائب، والعجائب من القول والفعل، فهذا مرض يجب عليه أن يبحث عن علاج له قبل أن يتطوّر ليوصله إلى مآزق حياتية، وانهيارات نفسية، لا شأن لنا مطلقاً إذا اقتصرت هذه الفانتازيا على ممارسات للعريفي يُضحك بها الناس كتوزيعه صورة له باللباس الحربي على جبال الجنوب أثناء الحرب مع الحوثيين، أو وعده لمشاهديه قبل فترة زمنية سابقة في برنامجه «ضع بصمتك» أنه سيقوم بتصوير حلقاته القادمة من داخل مدينة القدس، وفي صحن المسجد الأقصى، أو تقليده لبعض الأصوات واللهجات لبعض الإخوة الوافدين في برنامجه التليفزيوني ليوظّف نطقهم لبعض المفردات العربية توظيفاً بليداً مثيراً للسخرية والشفقة. لا شأن لنا بهذا كله، من حماقات العريفي وغرائبه، فنحن لا نطلب من الصبار أن يمنحنا ورداً، ولا من المفلس فكرياً أن يدلنا على الثراء الثقافي والقيمي، ويرشدنا إلى منابع الحب، وفضاءات التنوير، واكتساب المعارف والثقافات، ولكن عندما يتجاوز العريفي الخطوط الحمراء للنظام الاجتماعي، وتماسك أفراده، وحصانتهم الأخلاقية، وقيم الناس، وسلوكياتهم الحياتية، ويوزع اتهاماته الجارحة جداً لكل الفضاء الاجتماعي، وبالذات الشابات والشباب منه، سنكون له بالمرصاد، ونرفع الصوت نردعه، ونعيده إلى توازنه. لقد أصبحنا في «عصفورية» الاتهامات، والصخب، والضجيج الفارغ الأجوف، وصارت الاتهامات تساق ويرمى بها الناس في سلوكهم الحياتي سهلة عند العريفي وأمثاله من طالبي الشهرة والإثارة، واهمين أن لهم حصانة غير حصانات البشر، وأن لهم تميزاً على المواطنين بحيث لا يطالهم حساب، أو يوجه لهم لوم، أو يواجَهون بالكلمة التي هي شرف وقيمة وقدسية نشك أن العريفي يدركها، وإلا لما أطلق اتهاماته لأكثر من مئة وخمسين ألف مبتعثة ومبتعث يواصلون تعليمهم الأكاديمي في جامعات الشرق والغرب. لقد ساق العريفي عبر صفحته على «تويتر» اتهامات للمبتعثين بأنهم يشربون الخمر ويتعاطون الحشيش، ومن قبله داعية آخر قال إن 80% من المبتعثين في بريطانيا يتناولون المسكرات (لا نعرف على أي إحصاءات استند، وكيف وثّق هذه النسبة؟!)، وطالب العريفي سلطات المنافذ في المملكة بإخضاع كل مبتعث لفحص المخدرات والكحول عند قدومه إلى المملكة. هذا الاتهام الجائر الذي لا تقبله الشرائع، ولا الأخلاق، ولا آداب التعامل بين المواطنين يسوقه العريفي لبناتنا وأولادنا في بلدان التحصيل العلمي والمعرفي، متماهين مع طموحات الدولة، ومتناغمين مع توجهات خادم الحرمين الشريفين في توظيف الاستثمارات في العنصر البشري، وصياغة عقول الشباب، وتأهيلهم للدخول في مضامين المعرفة والوعي، واكتساب أنماط الحداثة، ومواكبة العصر بكل ما ينتجه العقل البشري من إنجازات علمية تفيد البشرية، وتسهم في رخائها وأمنها الحياتي. واتهام كهذا لبناتنا وأبنائنا ممن يعانون متاعب الغربة، ويذهبون إلى جامعاتهم في ظروف مناخية قاسية تصل فيها درجة الحرارة إلى 5 تحت الصفر، ولا يسكنون في أجنحة فخمة ومترفة في فنادق باذخة بباريس ولندن ودبي وقطر، هو اتهام غير مقبول مطلقاً. لا نفهم هذه الاتهامات إلا أنها وسيلة من الحرب على برنامج الابتعاث، وهي حرب منظمة ومبرمجة ومقوننة، لكن الابتعاث سيستمر، وأبناؤنا وبناتنا محصنون بالأخلاق والوطنية، ولن ينال من عزائمهم اتهام رخيص.