محبطٌ جداً قرار اتحاد كرة القدم الأخير بالسماح للأندية بالتسجيل في فترة الانتقالات الشتوية دون إبراء ذممها المالية عبر تسديد المستحقات كافة للاعبيها والمتعاقدين معها وتقديم مسيرات الرواتب الشهرية قبل فتح سوق الانتقالات، ومرد هذا الإحباط أنه جاء بمثابة الطعنة في خاصرة الاحتراف السعودي الذي هو بالأساس يعاني من ترهل في أنظمته وقوانينه في السابق، فضلاً عن تطبيقه حالياً، وهنا لسنا بصدد المطالبة بتضييق الخناق على الأندية التي لن تحتمل خنقاً مالياً يجعلها تحت خط الفقر وهي التي مازالت تلامسه. القرار جاء ليبرهن على صحة الأنباء التي ذهبت إلى وجود أزمة مالية في اتحاد كرة القدم، ولعل دخول العام المالي الجديد والحصول على الميزانية المطلوبة لتنفيذ البرامج قد أنهى هذه الأزمة بالفعل وسيعجّل بصرف مستحقات النقل التلفزيوني عن العام الماضي بعد استيفائها من الشركة الناقلة السابقة قبل فترة، وهي بالمناسبة أزمة متوقعة قياساً بحجم الصرف الهائل على المنتخبات السعودية ومحاولة تطويرها. كان اتحاد كرة القدم أمام خيارين أحلاهما مُر، إما غض الطرف عن الأندية في عملية التسجيل خلال سوق الانتقالات، أو مواصلة التشديد على الأندية وعدم الموافقة على صفقاتها الجديدة، والأخير لو حدث سيفاقم المشكلة ويؤزم الأوضاع المالية أكثر. الأمر غير الواضح في القرار الأخير هو الجزئية المتعلقة بإلزام الأندية بتسديد ما عليها من مستحقات فور صرف حقوق النقل التلفزيوني، ومن هنا يبرز تساؤل حول كيفية ضمان دفع الأندية لديونها بعد استلامها وما هي الكيفية التي سيلزم اتحاد الكرة بها الأندية لدفع ما عليها من مبالغ ورواتب، وماذا عن الأندية التي قد تؤجل التسديد حتى سوق الانتقالات الصيفية التي تسبق الموسم المقبل، وهل سيجد اتحاد الكرة طريقة لإلزامها فعلاً، أم أن ذلك سيكون على طريقة "الوعد قدام"، وأعني هنا السوق الصيفية. لم يضع اتحاد الكرة في اعتباره أن نادياً كالنصر لن يتمكن من دفع جميع ديونه للاعبين أجانب ومحليين ولأندية أخرى، خصوصاً وأن حقوق النقل التلفزيوني التي سيصرفها الاتحاد تقدر بأربعة ملايين ريال، فمن أين سيأتي النصر الذي يعاني مالياً ببقية المبالغ، هذا عدا عن الأموال التي سيدفعها في تعاقداته الجديدة. وعلى النقيض تماماً، ماذا لو أصر رئيس الاتفاق عبدالعزيز الدوسري على تصعيد شكواه للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ضد النصر والاتحاد بعد تأخر الناديين في دفع بقية مستحقاته من صفقتي انتقال لاعب الوسط عبدالرحمن القحطاني والمدافع راشد الرهيب، أم أن اتحاد الكرة سيحاول التوسط أمام الاتفاقيين، من أجل تهدئة الأمور، وهو ما يعني أن هذا القرار لم ولن يعطي أي مؤشر إيجابي على تطبيقنا الفعلي للاحتراف، فبعد أن عانينا من لوائح الاحتراف ها نحن نعاني من عدم تطبيق هذه اللوائح. أخيراً، كان المتوقع من اتحاد كرة القدم فك الحصار عن الأندية من خلال الضغط على وزارة المالية من أجل صرف حقوق الأندية المتعلقة بالنقل التلفزيوني عن هذا الموسم قبل الاقتراب من يناير 2012، على أن تصرف حقوق الموسم الماضي لاحقاً وعدم الدخول في هذا النفق المظلم وفتح باب قد لا يغلق على الأقل في المستقبل القريب.