أقر مجلس الوزراء في المملكة في جلسته بقصر اليمامة بالرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1433/1434ه التي تعد أضخم ميزانية في تاريخ البلاد، وتبلغ 690 مليار ريال بزيادة مقدارها 110 مليارات ريال عن الميزانية المقدرة للعام المالي الحالي، وتؤشر هذه الأرقام فيما تؤشر إليه، عدم تأثر المملكة بالأزمة الاقتصادية العالمية، وتداعيات الربيع العربي وما تبعه من متغيرات، إضافة إلى تأكيدها الاستمرار في تعزيز مسيرة التنمية المستدامة والمتوازنة بين مختلف القطاعات والمناطق في البلاد، وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين، خصوصاً في ظل تأكيدات الملك عبدالله - حفظه الله - على التنفيذ الدقيق والمخلص لبنود الميزانية ومتابعة ذلك. وينظر متابعون ومختصون إلى أن إقرار المملكة لأضخم ميزانية في تاريخ البلاد يأتي في ظل ما أُطلق عليه "الربيع العربي" وتداعياته الصعبة على اقتصادات بعض الدول، وتداعيات وتبعات الأزمة الاقتصادية العالمية على المستوى العالمي خصوصاً بلدان الغرب، وانكفاء بعض الدول وتراجع حالتها الاقتصادية، وأزمة اليورو وما تبعها من تعقيدات، وتعرض بعض الدول العربية إلى التقسيم، وعمليات تهريب أموال في دول أخرى من قبل متنفذين فيها، وفوضى الأوضاع في بعض البلدان، كل هذا وغيره يؤشر إلى أن المملكة لم تتأثر بالأزمات العاصفة ولا في الاحداث السياسية التي إنعكست بالتالي على الحالة الاقتصادية. كما أنها بقيت مستمرة في نهجها التنموي والتعليمي والحياتي وبناء مضامين النمو والحداثة، حيث ما زالت المملكة ثاني دولة في العالم في ابتعاث الطلبة للخارج. وتضمنت الميزانية الإشارة إلى وجود مشاريع جديدة ومراحل إضافية لمشاريع سابقة، خصوصاً في مجال التنمية البشرية التي تحتل أولوية في المشاريع، بتكلفة إجمالية تصل إلى 265 مليار ريال، وذلك في ظل الاستمرار في التركيز في المشاريع التنموية، حيث وزعت الاعتمادات المالية بشكل تم التركيز فيه على قطاعات التعليم والصحة والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية والمياه والصرف الصحي والطرق والتعاملات الإلكترونية ودعم البحث العلمي. وتقدر إيرادات الدولة للسنة المالية 1433/1434ه بمبلغ 702 مليار ريال، والمصروفات 690 مليار ريال. وهذه الأرقام الكبيرة والضخمة تعتبر من وجهة نظر المتابعين والمختصين في عالم الاقتصاد والمال، ميزانية تاريخية. وقد أعلن خادم الحرمين الشريفين في كلمة للمواطنين، قائلاً: "بحمد الله وعونه وتوفيقه، نعلن ميزانية العام المالي الجديد 1433/1434 التي تبلغ 690 مليارا بزيادة مقدارها 110 مليارات ريال عن الميزانية المقدرة للعام المالي الحالي 1432/1433 في تجسيد لاستمرار حرصنا على تعزيز مسيرة التنمية المستدامة في بلادنا الغالية وتوفيرمزيد من فرص العمل للمواطنين وتأكيد مستمر على التنمية المتوازنة بين القطاعات وبين المناطق مع مراعاة النظرة المستقبلية للمالية الحكومية وتوازنها". الميزانية تجاوزت المؤثرات الخارجية وقفزت فوق الأزمات العالمية مضيفاً - حفظه الله: "تعزز هذه الميزانية وتدعم ما أصدرناه مؤخرا من أوامر ملكية نأمل عند تنفيذها أن تسهم في تحسين مستوى معيشة المواطن"، ويعتقد محللون أن الميزانية بهذه الضخامة وبهذه المحاور الأساسية في مشاريعها واولوياتها، تصب في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وإيجاد مزيد من فرص العمل، خصوصاً انها تضمنت مشاريع جديدة ومراحل إضافية لعدد من المشاريع التي سبق اعتمادها، وتقدر تكلفتها الإجمالية بمبلغ 265 مليار ريال، في حين اعتمد نحو 168 مليارا للتعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة استمرارا في إعطاء التنمية البشرية الأولوية، كما حظي قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية بنحو 87 مليارا، شملت استكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية بجميع مناطق المملكة، وإنشاء 17 مستشفى، إضافة إلى مشاريع جديدة لإنشاء أندية ومدن رياضية، كما ستضخ 29 مليار ريال للإنفاق على الخدمات البلدية، و35 مليارا على الطرق والنقل والاتصالات، إضافة إلى 58 مليارا لقطاعات المياه والصناعة والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى. وأصدر الملك توجيهات بأن يستخدم الجزء الأكبر من الفائض وقدره 250 مليار ريال، لتمويل ما صدر به الأمر الملكي ببناء 500 ألف وحدة سكنية، كما تؤكد استمرار نهج المملكة في إعطاء التنمية البشرية الأولوية التي هي أساس التنمية الشاملة، وتبعاً لذلك تم اعتماد 168 مليار ريال من النفقات العامة للتعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة، وتشمل برامجه استمرارالعمل في تنفيذ مشروع تطوير التعليم العام واعتماد إنشاء ما يزيد عن 700 مدرسة جديدة للبنين والبنات واعتمادات لاستكمال المدن الجامعية ومشاريع في مجال التدريب الفني والتقني. وفي قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية يتواصل العمل لتوفير ورفع مستوى الخدمات الصحية والاجتماعية باعتماد نحو 87 مليار ريال، وشملت الميزانية الجديدة تنفيذ عدد من المشاريع، منها استكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية بجميع مناطق المملكة، وإنشاء 17 مستشفى جديداً، كما تضمنت مشاريع جديدة لإنشاء أندية ومدن رياضية ودور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل والاعتمادات اللازمة لدعم برامج الضمان الاجتماعي، وتم اعتماد ما يزيد على 29 مليار ريال للإنفاق على الخدمات البلدية، وتتضمن ميزانية هذا القطاع مشاريع جديدة وإضافات لبعض المشاريع القائمة، كما بلغ الإنفاق على الطرق والنقل والاتصالات ما يزيد على 35 مليار ريال، وشملت ميزانيتها مشاريع جديدة وإضافات للمشاريع المعتمدة سابقاً، وبلغ المعتمد لقطاعات المياه والصناعة والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى نحو 58 مليار ريال، وتتضمن الميزانية اعتمادات لمواصلة العمل في تنفيذ الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، والخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات. كما ستواصل صناديق وبنوك التنمية الحكومية المتخصصة تقديم القروض في المجالات الصناعية والزراعية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يدعم التنمية الاقتصادية ويحفز التمويل التجاري. إن 78 عاماً من عمر المملكة، شهدت خلالها مسيرة مستمرة من التطور والتقدم والازدهار والنهضة في كافة مجالات وميادين الحياة لما هو في مصلحة المواطن، فجاءت هذه الميزانية الضخمة تؤكد استمرار قدرة المملكة في مشاريعها التنموية الشاملة، وبعدها عن التأثر السلبي لما جرى ويجري في العالم كله من أحداث ومتغيرات، بل يمكن القول أن المملكة استفادت من هذه المتغيرات لما فيه مصلحة شعبها، وليس ادل على ذلك نجاحها في تجاوز التباطؤ العالمي مع هكذا ميزانية تاريخية، وبالتالي فإن مثل هذه الميزانية تؤكد على قوة الأداء الاقتصادي للمملكة، وجعلها في موقف قوي لمواجهة المخاطر والشكوك التي تخيم على الاقتصاد العالمي ومقدرتها على مواجهة التقلبات الدورية في أسعار النفط وهي ميزانية لأرقام فلكية لحجم طموحات قائد هذا الوطن وتطلعاته.