لابد أن هناك أموراً كثيرة يجب على النفس إدراكها، ومراجعتها قبل كل شيء، كما يجب على النفس ألا تتحدث بكل ما سمعت، وألا تثق بكل من جاورت أو خاللت، فكثيراً ما سمعنا عن الثقة العمياء التي كانت سبباً في الضياع والفرقة والانقطاع، وذلك إذا كانت هذه الثقة الزائدة فيمن نعرف وفيمن نحب ثقة في غير محلها، وذلك بين الاخلاء، هناك ذئاب بشرية وهناك مساوئ فردية، وهناك قرناء السوء لا يأتي منهم إلا كل سوء لا نعلم ولا نكتشف حقيقة أمرهم إلا بعد أن نسمع طنين الباطل وفحش القول ينبعث من أفواههم الحقيرة، فنفاجأ ونصدم بهم وتزال الغشاوة عن أعيننا فلا نكاد نصدق ما نسمع وما نرى، إنهم يتظاهرون أمام الجميع بأنهم ذوو الصحبة الطاهرة النقية ويشهدون الله على مافي قلوبهم وهم في الحقيقة غير ذلك يظهرون غير ما يبطنون لينالوا منا كيف شاؤوا، لا نعلمهم ولا نعلم حقيقة أمرهم وما تكن لنا صدورهم من حقد دفين، وخبث لئيم لا نعلمه إلا بعد فوات الأوان، ما أصعب أن تحترق الآمال، وما أصعب أن تمتلئ القلوب بكل هذه الأغلال وصدق القائل: احذر عدوك مرة.. واحذر صديقك ألف مرة.