انتقد عضو هيئة كبار العلماء المستشار بالديوان الملكي معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن سليمان المنيع طرح أحد أساتذة الفقه الإسلامي في الجامعة الإسلامية ووصفه للتأمين بأنه منتج غربي تبنته الدول الغربية الرأسمالية لتركيز المال بأيد تتحكم في اقتصاد العالم وسياسياته . وقال المنيع "أنت تبحث عما يضيق على الناس ويعسّر عليهم بطلبك منتج محلي على أصول إسلامية بحته.. أتريدنا أن نبحث في التراب عمن يحفظ أموالنا "، وعندما طالب الأستاذ بإيجاد بدائل إسلامية للتأمين، رد عليه المنيع بقوله "إنه لا وجود للبديل وإن وجد البديل فمرحبا به". جاء ذلك خلال محاضرته التي ألقاها في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة بعنوان "التأمين بين الحظر والإباحة"، مشيراً إلى فتوى اللجنة الدائمة التي نصت على أن التطبيق الحالي للتأمين التجاري غير صحيح , لافتا إلى أن التأمين على الأموال والمنافع وسيلة لحفظها من التلف وهي تقع ضمن مفهوم الإسلام للمال، وأن اتساع طرق التجارة أدى إلى ظهور التأمين كنازلة من النوازل عقدت لبحثه المجامع الفقهية والمؤتمرات والندوات العلمية، ومن الفقهاء من أباحه ومنهم من اختلف في جواز حكمه. وقال: إن التأمين ليس تبرعاً وإنما يحصل فيه صفة عامة تعاون غير مقصود، ولا يختلف في ذلك التأمين التعاوني والتجاري، فشركات التأمين قائمة على الإلزام والالتزام بالحقوق والواجبات، وإن القول بأن التأمين التجاري يشتمل على الربا والقمار والغرر والجهالة والتأمين التعاوني لا يشتمل على ذلك هو قول غير دقيق، بل يمكن القول إن التأمين التعاوني يسلك هذا المسلك حذو القذة بالقذة، وإذا اشتمل التأمين على صفة واحدة من تلك الصفات لا نعلم خلافاً في بطلانه. جانب من الحضور كما أكد الشيخ المنيع أن الأمن شيء معنوي لا يصح أن يكون محل معاوضة فالأموال تبذل في سبيل الحماية والحراسة والنقص والتلف والضياع، ويستوي بذلك الأفراد والجماعات والدول، فالدول تخصص ميزانيات كبيرة لحفظ الأمن وتحقيقه في البلاد وأهلها، وإن التعدي على الحقوق المعنوية القابلة لتداول الأيدي عليها يبرر حفظها، مع العلم أن الأمن والأمان ليسا ملكاً للمؤمِّن ولا للمؤمَّن له لكن المؤمن يقتضي دفع مبلغ متفق عليه للمؤمِّن حال الاقتضاء، ونظراً لما يحصل في التأمين على الأموال من أمن واطمئنان نفسي فإن التيسير على المسلمين يقتضي القول بجواز التأمين التجاري كالتأمين التعاوني، وخاصة أننا أمام تجارات ليس هنالك مجال لقياسها مع تجارات أوائلنا. وأورد الشيخ المنيع من ضمن أدلة جواز التأمين التجاري أن عبدالرحمن بن عوف اشترى من عثمان بن عفان رضي الله عنهما فرساً بإثني عشر ألف درهم وطلب منه أن يبقيها عنده فرفض وقال له أبقها عندك ب4000 درهم فوافق، وحين أرسل له من يأخذها بعد فترة وجدها قد ماتت فرد عثمان رضي الله عنه إليه مبلغ التأمين، وهذا من دلائل الجواز. وقد تمنى الشيخ المنيع أن يعطى التأمين حقه من الدراسات والبحوث، والنظرة المجردة من العاطفة وما ذكرته يحتمل الصواب والخطأ.