يقسّم الوزير المهندس عبدالله الحصين استهلاك الكهرباء بين المواطنين كالتالي: «38 في المائة من سكان المملكة يدفعون قيمه فواتير الكهرباء أقل من 50 ريالا كمعدل سنوي وليس فقط فصل الشتاء، و64 في المائة من السكان يستهلكون أكثر من 100 ريال في الشهر أي 1200 ريال في السنة الواحدة، وهذا من واقع الفواتير». رغم أن التقنية اليوم لا تكلف المواطن أكثر من ضغطة زر لتقوم بدور الناقل المباشر لما يدور بينه وبين المسؤولين سواء داخل أروقة الوزارات أو خارجها لتصبح في متناول المواطنين جميعا عبر خدمة اليوتيوب المباركة، إلا أن الحوارات والردود والتصريحات الجارحة وغير المسؤولة من بعض أصحاب المعالي تكثر وتتزايد، ولا زال الواحد منهم يمر بتجربة كشف المستور وراء الآخر دون أن يتوقع أحدهم أن دوره قادم لا محالة، لدرجة تجعلنا نتمنى وضع حكمة "السعيد من اتعظ بغيره" في مواجهة كراسي المسؤولين، علها تنقذ أحدهم بالتذكير، ففي جولة وزير الزراعة الميدانية عبر مقطع على اليوتيوب نشاهده يرد على سؤال أحد الصحفيين باستهتار وغضب "هذا ماهو سؤال هذا فتوى الحين قاعد تفتي أنت" !! ويصد عنه مستكبراً والصحفي لازال واقعاً في حيرة ذنب من لا ذنب له، فصاحب المعالي لم يكلف نفسه الإجابة عن السؤال الذي يراه ضمن حساباته غير جدير بالإجابة، وكأن مسؤولية الصحفي تتمحور في الفرح بلقاء الوزير والاكتفاء بأخذ صور مع معاليه، مع هكذا معالي يحتار المواطن ولا يدري الصحفي كيف يتصرف وإلى من يشتكي، ويواصل موقف وزير الزراعة لا معقوليته سواء في حدة التصعيد أو في اللغة الجارحة والخارجة عن مستوى اللياقة المفترضة الموجهة لأحد المزارعين المسنين عندما سأله عن حق المزارع في توفير التحصينات والأدوية للمواشي فيرد عليه "رح اشتر، تبي الحكومة تعطيك كل شي ببلاش، يا عمي رح اشتر" وبعنجهية فارهة، مع أن الشيخ الكبير - الذي لم يقدر الوزير له لا سناً ولا حقاً - كان يتميز بالنقاش المنطقي ويمتلك حق السؤال المشروع لكل ما يهم ويتماس مع حياته ومصدر رزقه الذي أؤتمن عليه هذا الوزير ليرعاه ويتابعه من منطلق مسؤوليته التي حمله إياها ملكنا حفظه الله وأكد مراراً وتكراراً على ضرورة مراعاتها،..ألا يسأل الوزير نفسه ما فائدة طلته البهية إذاً وجولته الميدانية ما دامت لا تسمن في الحوار ولا تغني من جوع السؤال؟! وتستمر عدوى حكاية "البلاش" في استثارتها منتقلة من وزير الزراعة إلى وزير الكهرباء والمياه الذي رد على دعوات تخفيض تسعيرة الكهرباء الموجهة له من أعضاء مجلس الشورى بالقول "لا نستطيع إقناع كل الناس، حيث إن بعض المواطنين يريدون أن تكون الكهرباء ببلاش". ويلاحظ هنا أن استخدام كلمة بلاش في المثالين للوزيرين جاءت على أساس استنكار تقديم خدمة للمواطن، وكسلطة إضافية ضد مصلحته، وليست لمعرفة متطلباته وحسن تقدير حاجاته يقسّم الوزير المهندس عبدالله الحصين استهلاك الكهرباء بين المواطنين كالتالي: «38 في المائة من سكان المملكة يدفعون قيمه فواتير الكهرباء أقل من 50 ريالا كمعدل سنوي وليس فقط فصل الشتاء، و64 في المائة من السكان يستهلكون أكثر من 100 ريال في الشهر أي 1200 ريال في السنة الواحدة، وهذا من واقع الفواتير». وبغض النظر عن الخطأ العلمي في احتساب جزئي النسبة 38، و64 وهو أول ما يظهر بجلاء في النسبة الاعتباطية، لهذا التصريح فإن الوزير وبحسب جريدة عكاظ والوطن يعترف بقوله: "لم أستطع إقناع أعضاء مجلس الشورى" من الطبيعي أن تفقد خاصية الإقناع بهكذا معدلات وأرقام، فقراءة كهذه تجعل الفارق لا يصل إلى درجة التفاوت غير المحسوب فقط، بل إلى قراءة تصادم الحقيقة وتهجر واقع الناس والأرقام الحقيقية التي يستهلكها المواطن في الكهرباء، بل هي حسبة خارج ليس الممكن ولا المنطقي فحسب بل خارج حتى مجال التصور وإن وهماً، فهل القراءة التي تصل للوزارة مختلفة عما يسدده المواطن لشركة الكهرباء أم ماهي المشكلة بالضبط؟! لعل أول رد فعل صادق يزيل التوهم ويجلي حقيقة الواقع هو رد فعل المواطن الذي قرأ هذه الأرقام فرد باستنكاره قبل استهجانه بهذه التعليقات: " والله لو بيتي غرفة ما تجي الكهرباء 50 ريالا" "لو أن لمبة واحدة هي التي تضيء منزلي لصارت الفاتورة فوق 150 ريالا شهريا" "وين اللي يدفع 1200 بالسنة والله الفاتورة في فصل الصيف ما تقل بالشهر عن 400 ريال وهي شقة علوية واللي يشغل فيها فقط الأنوار و3 مكيفات وثلاجة" فأرجو أن تواجه هذه الردود المعبرة والصادقة استنكار الوزير من عدم إقناع أعضاء مجلس الشورى بقراءته الافتراضية لفواتير الكهرباء وتزيل اللبس الذي أوقع نفسه فيه، فعدم القناعة عم المواطنين جميعا بعد قراءة الأرقام وليس فقط أعضاء مجلس الشورى. بحسبة الوزير السابقة؛ فإن بعض الفقيرات اللاتي يحملن فاتورة الكهرباء عند إشارات المرور يتسولن ويستعطفن المارة لتسديدها والتي تتراوح بين 200 و400 ريال يسكنون قصوراً لا بيوتا شعبية أو غرفا متهالكة، وهو هكذا إذ إن الإيحاء باستهلاك 50 ريالاً يجعلنا نعيش واقعا افتراضيا، وإذا كانت الحقيقة تقول أن كلفة الفاتورة الشهرية بين 500 إلى 1000 ريال للبيت المتوسط فإن إيجار المسكن يتراوح بين 10000 إلى 12000ريالاً، أما الواقع الافتراضي الذي ذكره الوزير أي استهلاك 50 ريالا في الشهر فسيكون الإيجار يتراوح بين 500 إلى 700 ريال، والمواد الغذائية المستهلكة بحدود 30 ريالاً، وربما كيلو اللحمة لا يتعدى خمسة ريالات، فهل هذه الحسبة التي أطلقها بكل جرأة هي الواقع الحقيقي أم الافتراضي؟! العاقل يدرك وإن لم يجب، لأن الفارق أوضح من الجواب وأنصع من شمس المفارقة. إننا نطالب الوزير إما أن يتراجع عن الإيهام، أو يقبل بأن يسدد المواطنون لوزارة الكهرباء 1200 ريال سنويا، على أساس استهلاك ليس بواقع 50 بل 100 ريال، وكلي ثقة بأن المواطن سيفرح بهذه النسبة الثابتة، ونكون بذلك دفعنا ضعف الخمسين لكل من يدخل ضمن ال 38%، فهل توافق وزارتك على هذا الاقتراح خاصة أنه وحسب الأرقام سيضاعف دخل الكهرباء ربما لحدود الضعف، بل ربما تقفز على الأرباح التي حسد شركة الاتصالات عليها. يواصل الوزير حديثه الذي ألقاه في مجلس الشورى لمدة أربعين دقيقة بمقارنة عجائبية موضحاً "أن دخل الكهرباء سنويا بلغ 28 مليار ريال، فيما يقدر دخل المياه بمليار ونصف المليار، وأضاف "أما دخل فواتير الجوال فيقدر ب70 مليارا، فلكم المقارنة أي العبء أكثر على المواطن؟"!. في إشارة لعبء الكهرباء مقارنة بالاتصالات، وهي مقارنة إضافة لعدم منطقيتها إلا أنها تشي بارتباك واضح وجلي لدى معاليه بين الضروريات وسواها، فالكهرباء لها عداد واحد بينما الجوال بعدد أفراد الأسرة أو أكثر، ووجه المقارنة الهامة كان يفترض أن توجه لمقدار الأهمية وليس قياس الربحية والأرقام، فهل تعطل الجوال الذي تتوفر بدائله بالراحة يقاس بتعطل الكهرباء؟! الكهرباء تلك الفاصل بين الحياة والموت؛ عندما تمرُّ في أسلاك الأجهزة الطبية خاصة؟! لأنقل لمعاليكم واقع المواطن مع فاتورة الكهرباء والماء الذي عبر عنه أحد المعلقين على حديثكم لعلكم تعيشون الواقع الحقيقي لا الافتراضي وهو يرسم صورة رعب يومية من غلاء الفاتورة، يقول: "من شدة غلاء فاتورة الكهرباء صارت مهمتي بالبيت أطف يا ولد المكيف إطفي يا بنت اللمبة وأصبحنا نعيش في شبه ظلام، وأصبح الماء يخرج من البزبوز وكأنه يخرج من ثقب إبرة بعد أن وضعنا له قطعة تحد من خروج الماء بشكل طبيعي حتى نوفر قيمة وايتات الماء التي قصمت أثمانها ظهورنا، ما بقى إلا نغسّل عند الجيران. إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء وأعطونا ماء من مسابحكم التي تشبه المحيطات ومن بيوتكم التي تضاهي الشمس في توهجها من الكهرباء" أعتقد أنها شكوى تستحق اهتمامك يا معالي الوزير لو أردت فعلاً. إن القسم الذي يقسمه كل وزير فور تسلم وزارته يأتي في مضمونه لتحقيق مصلحة المواطن، فلولا المواطن ما كان الوزير أصلا، فالمسؤول عليه أن يدرك أن الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار كما جاء في الحديث الشريف، هذه الأمور الثلاثة هي من أهم ما يجب مراعاته وقياس أبعاده تحقيقاً للمصلحة العامة التي هي أهم بنود ميثاق الشرف الذي يقسم عليه كل وزير، ولا شك أنني لست بحاجة لتوضيح أن النار هي بمقياس اليوم الكهرباء طبعاً.. وللأمانة فإنني أدعو معالي الوزير كي يكون فكرة صادقة عن مردود حديثه أن يطلع على تعليقات المواطنين على هذا الرابط، ربما تكون موجعة بعض الشيء، لكن هكذا الحقيقة دائماً وهكذا مسؤولية اللسان إذا فارق البيان. http://www.burnews.com/news-action-show-id-31510.htm ختاماً: تؤكد التجارب أن أكثر المراحل تنمية في حياة الشعوب هي التنمية من أجل البشر والتي يتم فيها وضع الإنسان غاية للتنمية وليس مجرد أداة لتحقيقها، وتلك التنمية متطلباتها كبيرة وعظيمة تبذل لها جهود المخلصين لغرس الإحساس بقيمة الأمانة والمصداقية في رصد دلالات الواقع بدقة وعقلانية وتركيز، وقد تطلب الأمر لأجلها إنشاء "وزارة التنمية البشرية" التي تأخذ على عاتقها أولاً :إنشاء معاهد التدريب والتنمية البشرية، ومنح شهادات كفاءة لا يمكن للفرد العمل أو التعيين الحكومي بدونها كما هو متبع في العديد من الدول الغربية، وثانياً: تعديل السياسات والخطط الحكومية والاقتصادية بما يساهم في تحقيق التنمية البشرية على الوجه المأمول، كم نحن بحاجة لروح هذه الوزارة لتعيد الحق لنصابه وتبشر بولادة تنمية غايتها الإنسان.