صرح مصدر أمني لبناني بأن شخصين أصيبا في قرية خربة داوود على الحدود مع سورية بنيران حرس الحدود السوريين امس. وتقع قرية خربة داوود في منطقة وادي خالد التي فر إليها ما يقرب من خمسة آلاف سوري منذ بداية الاضطرابات في سورية منتصف آذار/مارس الماضي هربا من قمع النظام والعنف الذي يستخدمه مع الاحتجاجات المناهضة له. وفي تقرير ل (رويترز) من سهل البقاع يقول : يتلقى الطبيب اللبناني المسن رسالة على هاتفه المحمول هذا نصها "حقيبة الباذنجان الخاصة بك جاهزة." يقفز في سيارته الجيب ويسرع الى سفوح التلال على الحدود السورية بحثا عن المحتج المصاب الذي يعلم أنه بانتظار مساعدته. يقول الطبيب محمود الذي يستخدم اسما مستعارا "أحيانا أتلقى اتصالا لعلاج مغص لكنني (كثيرا ما) أجد سوريا هاربا مصابا برصاصة في جنبه. أرى الآن واحدا منهم على الأقل في اليوم." وأضاف أن نقل المصابين عبر الحدود المتوترة والخاضعة لمراقبة مشددة تتطلب رسائل مشفرة. ربما تكون المخابرات السورية تراقب المكالمات والرسائل النصية من المعارضة السورية. وأظهرت أحدث أرقام صدرت عن الأممالمتحدة أن اكثر من خمسة آلاف سوري قتلوا في الحملة على الاحتجاجات الشعبية ضد حكم الرئيس بشار الأسد منذ تسعة أشهر. ولا يجرؤ آلاف آخرون من المصابين على طلب المساعدة داخل سوريا لأن إصاباتهم بالرصاص والشظايا ستفضح سرهم للشرطة كمحتجين او متمردين. وينجح البعض في القيام بالرحلة القصيرة المحفوفة بالمخاطر الى لبنان لتلقي الرعاية الطبية. يتسللون متجاوزين جنود الجيش ويتحركون عبر الحدود الملغمة ويتحملون برد الشتاء القارس. ويقطع محمود بمعدل شبه يومي الطرق الموحلة في بلدته الحدودية الفقيرة نحو منزل آمن يختبيء بين المنازل الأسمنتية المتداعية المتناثرة وسط الجبال. في هذه المرة يعثر الطبيب على احمد مصابا في ساقه. جر احمد نفسه على سفوح التلال التي كساها الجليد ليصل الى سهل البقاع بلبنان. اختبأ في الخمائل حين كانت القوات السورية تبحث عنه. قضى الليل بطوله ليقطع سبعة كيلومترات من قرية القصير السورية القريبة التي ينتمي لها. وقال احمد "في سوريا الجيش والمخابرات في كل مكان حتى المستشفيات. نخشى جدا الذهاب الى هناك بإصابات." وأضاف "اذا لم تدخل مستوصفا بطلقة في رأسك فقد تخرج منها على هذا الحال." ويقول المصابون الذين يأتون الى لبنان إن العيادات السرية المؤقتة التي تعمل الآن في سوريا لا تتوفر لديها المعدات اللازمة لعلاج جروحهم. ويحملهم متعاطفون سيرا على الاقدام او على دراجات نارية او حتى على ظهور الخيل. وينتظر البعض أياما الى ان يصبح العبور آمنا. وقال حسن (24 عاما) وهو طالب "نزفت لساعات. كنت شبه غائب عن الوعي من شدة الألم ولم أستطع السير." فر حسن من حمص مركز الاحتجاجات التي شهدت أعمال عنف بعد أن اخترقت الأعيرة النارية ساقه اليسرى. وأضاف "لم تكن لدي أدنى فكرة عمن يكون معظم من ساعدوني. كنت مرعوبا من احتمال أن يكونوا من الشرطة السرية. لكنهم أنقذوني. وضعوني بين حاويتين بلاستكيتين للكيروسين على ظهر حصان فبدونا كمهربي وقود." ووصل مئات السوريين سواء من المحتجين العزل او المقاتلين المسلحين الذين يقاتلون الحكومة الى بلدة الطبيب محمود في سهل البقاع كبوابة للبنان. ويقول بعض السكان اللبنانيين إن البعض لاقوا حتفهم خلال انتظارهم فرصة للعبور. ويدعم مسؤولون محليون هذه الجهود لكنهم يطلبون عدم نشر اسم بلدتهم تفاديا لإثارة المشاكل. فعلى مقربة يوجد لبنانيون يؤيدون الأسد. وتنتشر على الطرق لافتات للرئيس السوري وهو يقف مع زعيم حزب الله اللبناني الموالي لسوريا حسن نصر الله. وحاولت سوريا أن تخمد بالقوة الاحتجاجات الشعبية ضد حكم عائلة الأسد المستمر منذ 41 عاما والتي اندلعت في مارس /آذار كاحتجاجات سلمية. الآن انشق بعض الجنود عن الجيش بأسلحتهم وكونوا قوة تهاجم آلة الأمن التابعة للأسد على الطرق وحتى في قواعدها. وتقول الحكومة في دمشق إنها تقاتل إرهابيين مدعومين من الخارج وإنها فقدت اكثر من 1100 من أفراد قواتها في أعمال العنف التي تهدد بانزلاق سوريا لحرب أهلية. عمر (20 عاما) انشق عن الجيش وفر من كابوس. اتسعت عيناه البنيتان حزنا على فقد رفاقه. وقال "أعتقد أنه تم إطلاق الرصاص علي 14 مرة." ويشير بيديه المضمدتين الى إصابات أعيرة نارية في صدره وذراعيه ومعدته. وهناك خط سميك من الغرز الجراحية في بطنه. وأضاف "استدعيت وحدتي لقمع المحتجين. قمنا باشياء لا أريد أن أتذكرها. حين أتيحت الفرصة هربنا الى حمص وبدأنا القتال." وخلال اشتباك مع الجيش منذ عدة أسابيع فقد عمر الوعي بين خمسة من زملائه سقطوا قتلى. ظل في مكانه لساعات لأن أصدقاءه الذين كانوا يحاولون إنقاذه انتظروا الى ان يتوقف إطلاق الرصاص. وتشبه مناطق من حمص التي جاء منها معظم المصابين الذين وصلوا الى لبنان في الآونة الأخيرة ساحة حرب. ويقول نشطاء إن الجيش يبحث عن المصابين. وقال حماد وهو محتج يبلغ من العمر ثلاثين عاما من حمص إنه اختبأ برفقة عشرات المصابين في مبان مهجورة حتى يحموا أسرهم من الاعتداءات او الاعتقال اذا عثر عليهم في بيوتهم. واضاف وهو مقطب الجبين فيما كان طبيب لبناني يغير الضمادة على الجرح الموجود بفخذه "انتظرت هناك لعشرة ايام. أخذت ساقي تتعفن." ويعمل المسعفون في المستشفيات الحكومية نهارا ويعالجون المحتجين في الليل. يتسللون للمساعدة متى تيسر لهم. لكن يجب تهريب الحالات الأسوأ. وحتى على الأراضي اللبنانية لا يشعر المصابون بأمان تام. ينقلون سريعا الى خارج سهل البقاع الذي يغلب على سكانه الشيعة والموالي لسوريا حتى لا يلفتوا الانتباه. وينقلهم الصليب الأحمر الى بلدة طرابلس الشمالية وهي معقل للسنة المتعاطفين مع احتجاجات الشعب السوري الذي يشكل السنة أغلبيته. هناك أنشأ الطبيب السوري مازن الذي يعيش في المنفى مستوصفات سرية. وتعالج المستشفيات اللبنانية العامة المصابين السوريين لكنها لا تسمح لهم بالبقاء سوى أربعة ايام. وقال مازن (24 عاما) الذي تخرج في حمص في فصل الربيع الماضي "هذا لا يكفي لإصابة خطيرة. نحتاج الى مساعدة في علاج هؤلاء الناس لأشهر." لقد قضى الأشهر الأولى من عمله كطبيب في علاج إصابات بأعيرة نارية. ورافق مازن فريق رويترز الى جناح بمستشفى مهجور في طرابلس هو مقر مستوصفه بمساعدة متبرعين سريين لعلاج من سيحتاجون لأشهر للتعافي. ويستحيل إبلاغ عائلاتهم بمكان تواجدهم. وعلى غرار آخرين مرر عمر رسالة من خلال قنوات سرية ويتعشم أن يعلم والدته ووالده بأنه حي. وقال وهو يبتسم "أشعر كأنني مت وعدت الى الحياة. بمجرد أن أشفى أريد العودة وقتال النظام حتى الموت. اما نحن او هم."