تعتبر الدورة الشهرية نظاماً فسيولوجياً ودورة تنظيمية للجهاز التناسلي للأنثى ويشمل تجديد الغشاء المبطن للرحم وتحفيز الغدد لهرمونات الجهاز التناسلي المفرزة من الغدة النخامية والمبايض وقد جعل الله هذه الظاهرة موجودة في غالب الثديات لحكمة عظيمة عرف جزء منها واختفت أجراء كبيرة منها. السيدات المصابات بداء السكري واللاتي في سن الحيض يتوارد إلى أذهانهن العديد من الاستفسارات: هل يؤثر داء السكري على الدورة الشهرية؟، هل تؤثر الدورة الشهرية على السكري ونسبة السكر في الدم؟، هل تتقطع الدورة الشهرية لمريضات السكري قبل غيرهن؟ الدورة الشهرية والسكري: عند مقارنة مريضات السكري بغيرهن أثبتت الأبحاث أن مريضات السكري تبدأ الدورة الشهرية لديهن متأخرة قليلا كما أنها أقل انضباطاً لدى المصابات مقارنة بالنساء غير المصابات. لذلك فإن السكري يؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية وبدايتها متأخرة بعض الشيء.إلا أنه لابد من التنوية هنا أن هذا التغيرات ليست ذات تأثير على إنجاب المرأة المصابة بالسكري تماثل غيرها من النساء في القدرة على الإنجاب كما أن الاعتقاد السائد لدى الكثير من السيدات كون السكري يجعل الدورة أكثر غزارة غير صحيح فلا يوجد للسكري أي تأثير على الهرمونات المسؤولة عن الدورة أو حتى جدار الرحم الداخلي المتجدد خلال الدورة. من الضروري الفحص المستمر للسكري ومن المناسب أن نقول: إن هرمون الأنوثة (الأستروجين) قد يكون السبب في تقليل حدوث النوبات القلبية لدى السيدات عند مقارنتهن بالرجال وقد يكون هذا عائدا إلى تأثير هذا الهرمون على كلسترول الدم ومن ثم حدوث تصلب الشرايين. نسبة السكر في الدم والدورة الشهري: تؤثر مرحلة الدورة الشهرية المختلفة على نسبة السكر في الدم ويمكن تقسيم مراحل الدورة الشهرية إلى ثلاث مراحل : المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي تحدث عندما لا يتم تلقيح البويضة حيث يبدأ الغشاء المبطن لجدار الرحم بالتمزق والخروج وتستمر كما ذكر سابقا لمدة ثلاث إلى سبع أيام. وفي هذه المرحلة يعتبر الجسم هذه العملية نوعا من الإجهاد الذي يستجيب له الجسم بارتفاع نسبة السكر خلاله حيث تعود للاستقرار مرة أخرى عندما تتوقف عملية الحيض. المرحلة الثانية: في هذه المرحلة يبدأ الرحم في تكوين بطانة جديدة تحت تأثير الهرمونات وخاصةً الأستروجين وفي هذه المرحلة لايوجد أي تأثير على نسبة السكر في الدم تستمر هذه المرحلة سبعة أيام فقط. المرحلة الثالثة: تخرج البويضة من المبيض وذلك تحت تأثير هرمونات الغدة النخامية حيث تشق البويضة طريقها إلى القنوات الموصلة إلى الرحم وفي منتصف هذه الفترة ومع خروج البويضة يلاحظ ارتفاع درجة حرارة الجسم وتبدأ فترة الإخصاب ويرتفع معدل هرمون الأستروجين الذي له أثر على فعالية الأنسولين حيث يقلل من تأثيره على خلايا كما يفعله هرمون الكورتزون مما يسبب ارتفاعاً في نسبة السكر وعندما لايتم تلقيح البويضة وتراجع هرمون الأستروجين تدريجياً للمرحلة الأولى لكي تبدأ الدورة من جديد ينخفض معدل السكر في الدم. علاج السكر أثناء الدورة: يتضح مما ذكر سابقاً أن التغير الهرموني المصاحب للدورة الشهرية إضافة إلى حدوث النزف المرافق لتغيير الغشاء المبطن للرحم يؤثر على نسبة السكر في جسم المرأة وهذا بطريقة مباشرة يؤثر على طريقة العلاج وخصوصاً عندما تكون المريضة من النوع الأول المعتمد على الإنسولين. حيث أثبتت الدراسات الإكلينيكية أن هناك نقصاً في كمية الإنسولين التي يحتاجها الجسم خلال الفترة قبل حدوث الدورة ويقابل ذلك ارتفاع في الحاجة إلى الأنسولين خلال المرحلة الأولى والثانية. من المنطقي أن نقول : إن على الطبيب المعالج مراعاة هذا التغيير في حاجة الجسم إلى العلاج وخصوصاً الأنسولين إلا أنه من المهم أن نذكر هنا أن السيدات اللاتي تحدث لديهن هذه الظاهرة لا تتعدى 10% فقط من إجمالي مريضات النوع الأول من السكري. كما يعني أن الغالبية العظمى لا تحتاج إلى أي تغيير في الجرعات العلاجية مع أنه من المهم أن تعلم المريضة أن هذا الاضطراب في نسبة السكر في الدم خلال مراحل الدورة الشهرية الثلاث. كما أن هناك نوعية من المريضات يكون السكري لديهن مضطرباً جداً حيث تنتقل المريضة من الارتفاع إلى الانخفاض في وقت زمني قصير وهؤلاء المريضات معرضات لاضطراب السكر المصاحب للدورة الشهرية أكثر من غيرهن كما أن جرعات الأنسولين متغيرة بشكل ملحوظ خلال الدورة ومما يزيد من الأمور تعقيداً عند هذه الفئة من المريضات أن الدورة الشهرية لديهن مضطربة أصلاً وبالتالي فإن مهمة الفريق الطبي في وصف العلاج والجرعات صعبة ومهمة المريضة في متابعة نسبة السكر في الدم تعتمد على مراعاة مراحل الدورة المختلفة والتي تؤثر وتتأثر بالتغيير الهرموني.