اذا احتجت لمعلومة بسيطة تهمك ومن ثم بحثت عنها في الانترنت وحصلت عليها في غضون ثوان . بهذه العملية فانك تكون قد ساهمت في قتل كوكب الأرض. واعتمادا على المدة التي استغرقها البحث وعدد المواقع التي قمت بزيارتها فان تصفحك للانترنت يطلق عدة غرامات من الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي، ما يسهم في ازدياد سخونة كوكب الأرض. تصفح الانترنت يهدد بزيادة الحرارة الكونية..والشبكة العنكبوتية تخلف «وعدها الأخضر» وقد يتسبب بحثك عن معلومة سريعة في إطلاق مقدار من الكربون يتراوح بين غرام إلى 10 غرامات . وهذه كمية قليلة في حد ذاتها.ولكن إذا أضفت أكثر من مليار عملية تصفح يومي عبر متصفح "غوغل" ،و60 مليون تحديث للفيس بوك كل يوم، و50 مليون استخدام لموقع تويتر و250 مليار رسالة الكترونية (إيميل) يوميا فان ذلك لا بد وان يتسبب في إلحاق ضرر كبير بطبقات الجليد في المناطق القطبية. وظل الانترنت يطلق الوعود منذ وقت طويل بعالم أكثر كفاءة وأينع خضرة ذلك أننا نوفر الكثير من الورق والإرساليات البريدية من خلال التعامل بالرسائل الالكترونية وإننا نستطيع ممارسة العمل من البيت دون حاجة إلى قيادة السيارة إلى مقر العمل. وبإمكاننا أيضا أن نعقد اجتماعات عن طريق الانترنت دونما حاجة إلى السفر إلى مدن أخرى. ولكن من المفارقات ، انه على الرغم من الوعد الأخضر من قبل الانترنت، فان هذا الانفجار في المعلومات قد حول الشبكة العنكبوتية إلى أسرع مصدر للانبعاثات الكربونية في الأرض . فالانترنت الآن يستهلك الآن ما بين 2 إلى 3 بالمئة من الإنتاج العالمي للطاقة الكهربائية. وإذا كانت شبكة الانترنت دولة، فإنها ستكون خامس اكبر مستهلك للطاقة متقدمة بذلك على الهند وألمانيا.وصارت احتياجات الانترنت من الطاقة تضاهي احتياجات صناعة الطيران ،ومن المتوقع أن تتضاعف إلى مثلين بحلول عام 2020م. ويقول محمد شيريت خبير تقنية المعلومات الخضراء والأستاذ بشعبة الهندسة والأتمتة بكلية مونتريال العليا للتقنية،" الانترنت تسبب التلوث ولكن الناس لا يفهمون السبب. إنها تلتهم الطاقة بشراهة ولا تشبع. نحن بحاجة إلى الحد من أضرارها ذات الصلة بالكربون" والحاصل أن "مزارع الخادمات الضخمة" أي شبكات مراكز المعلومات المتنامية بسرعة تشكل العمود الفقري للانترنت وتستهلك مقدارا هائلا من الطاقة ذلك أنها تضم آلاف الحاسوبات المتراصة من الأرضية إلى السقف.وقد يزيد حجم بعض هذه المراكز عن خمسة أو ستة أسواق مركزية كبرى. هذه هي الحاسوبات التي تمكن شبكة الانترنت من أداء عملها- توجه حركة المعلومات وتخزين معظم أكوام المعلومات المتزايدة باستمرار. وعندما تستخدم متصفح "غوغل" بحثا عن معلومة فان استفسارك يقوم بتشغيل 1000 خادم في مختلف مراكز المعلومات التابعة لهذا المتصفح.وتقوم هذه الحاسوبات بمسح المليارات من صفحات الشبكة العنكبوتية المخزنة في أرشيف غوغل لتزويدك بالإجابة. وكل هذا تم في غضون جزأين من عشرة أجزاء من الثانية في المتوسط. في غضون ذلك تعمل مراكز المعلومات التابعة لغوغل بتمشيط الانترنت لتحديث أرشيف صفحات الشبكة. استخدام الفحم الصناعي يتسبب في إطلاق غازات الدفيئة وتشترك هذه الحاسوبات مجتمعة في أنها تتمتع بشهية نهمة لالتهام الطاقة، خاصة معدات التبريد التي تمنع ارتفاع حرارة هذه الأجهزة. ومن المتوقع أن يتم افتتاح مركز "آي داتا سنتر" التابع لشركة "أبل" البالغ مساحته 46 ألف متر مربع في كارولينا الشمالية هذا الربيع بتكلفة تصل إلى مليار دولار.وسيستهلك المركز 1000 ميغاواط من الطاقة، أي ما يكفي لإضاءة 100 ألف منزل في كندا. وتشكل هذه المنشأة العملاقة جزءا من منظومة من مراكز المعلومات الجديدة في كارولينا الشمالية والتي تعمل بطاقة الفحم الرخيصة الملوثة للبيئة بشدة. وتعمل "غوغل" على إنشاء مركز معلومات على مساحة44الف متر مربع وسيستهلك طاقة تتراوح بين 60 إلى 100 ميغا واط. وتعمل "فيس بوك" على إنشاء مركز على مساحة 28 ألف متر مربع وسوف يستهلك 40 ميغا واط. وتطلق منظمة السلام الأخضر على المنشآت الثلاث صفة" مثلث المعلومات القذر" بكارولينا الشمالية وتقول ان الفحم هو أكثر أنواع الوقود الاحفوري تلويثا للبيئة والأكثر إطلاقا لغازات "الدفيئة" المسببة لظاهرة ارتفاع حرارة الأرض. واختارت غوغل إنشاء مركزها في لينوار بكارولينا الشمالية بتكلفة 600 مليون دولار ، لان هذه الولاية تمنح لعملائها الصناعيين ارخص أسعار للطاقة في الولاياتالمتحدة بواقع 8و5 سنتات للكيلواط ساعة مقابل المتوسط الأميركي العام الذي يبلغ 7و6 سنتات.وتعتبر الطاقة الكهربائية المنتجة في هذه الولاية من بين الأقذر في أميركا حيث أن ثلثيها يأتي من الفحم. وبدأت صناعة تقنية المعلومات في تحسين كفاءة الطاقة التي تستهلكها مراكز معلوماتها.غير أن هذا وحده لا يكفي، على حد قول المهندس بيل آرنولد مستشار تقنية المعلومات الخضراء في أوتاوا، مشيرا إلى أن الانترنت ينمو بسرعة هائلة تقضي على مكاسب الاقتصاد في الطاقة، بجانب أن التحسينات على صعيد كفاءة الطاقة لن تحول دون صناعة تقنية المعلومات واستخدام الفحم الرخيص الملوث للبيئة. ويرى آرنولد أن الحل الأمثل يتمثل في أن تقوم الحكومات بفرض إجراءات مثل ضريبة الكربون ووضع حد أعلى لانبعاثات الغازات ، مما يجعل من الطاقة القذرة اقل جاذبية من الناحية المالية، وأضاف: "كوكب الأرض يزداد دفئا ًباستمرار وسيزداد سخونة بمرور الوقت.نحن بحاجة إلى فرض ثمن مقابل الكربون.وهذه هي الطريقة الوحيدة لجعل الناس يبتعدون عن استخدام الفحم لأنه حاليا رخيص للغاية." ويشير البعض من الذين يسعون إلى الحد من تأثير الانترنت على انبعاثات الكربون إلى الحل الكندي المتمثل في شبكة "غرين ستار" ( النجمة الخضراء) في مونتريال ، وهي بديل للانترنت وتعمل اعتمادا على مراكز معلومات تستمد طاقتها من طاقة متجددة نظيفة مثل الرياح والطاقة الشمسية والكهرومائية. ويقول آرنولد إن شبكة غرين ستار تشهد توسعا سريعا بسبب الطلب العالمي الكبير لتقنية المعلومات الخضراء. فمنذ إطلاقها في الخريف الفائت بخمسة مراكز معلومات خضراء في كندا، توسعت الشبكة لتشمل 15 مركزا آخر في أوروبا والولاياتالمتحدة. وهناك مراكز أخرى ستقام في الصين وآسيا. ومن المتوقع أن يبلغ حجم الاستثمار في أسواق تقنية المعلومات الخضراء 600 مليار دولار سنويا على نطاق العالم بحلول 2013 .