لم تكن مصلحة معاشات التقاعد بدعاً في التأسيس والأهداف مع نظيراتها في كافة دول المعمورة، سواء من حيث الاستقطاع الشهري من مرتب الموظف ومن ثم استثماره وتعويضه لاحقاً بعد حصول مسببات الصرف على مرتب شهري يقيه شر العوز والفقر في شيخوخته أو ورثته من بعده، أو من حيث سن الأنظمة المنظمة لهذا الشأن الهام في حياة الناس، لكن تلك المصلحة أضحت بدعاً في التطبيق لبنود لا تطبق في أي بقعة بالعالم، ولم تكن أخطاء هذه المصلحة في توجهات الصرف والتعويض طارئة أو نتيجة مرحلة بل استمرت في نظامها عقوداً طويلة دون مراجعة أو تمحيص أو تبديل في أي من موادها التي لم تراع حق إنسان هو مَنْ مولها في زهرة شبابه ومن ثم بدأت تقطر عليه ما يستحقه بنغص ومنة، ورغم ما كتب من نقد ووجه لهذه المصلحة من إرشاد وما وضح من مقارنات إلا انها وضعت في أذن (مكابرة) وفي الأخرى (عناد) ضاربة بمصالح مشتركيها عرض الحائط غير آبهة بمن قامت على أكتافهم ومن دخولهم سنوات عديدة.. وما حرمان أسر المتقاعدين بعد وفاتهم إلا دليل تأكيدي على مدى الظلم والحيف والجور الذي تمارسه هذه المصلحة. فهذا أحد مديري التعليم الذي أمضى زهرة شبابه وخريف عمره في خدمة صرح تعليمي بكل جد وإخلاص وتفان وبعد أن انتقل إلى جوار ربه لم يستفد من أسرته عدا زوجته الأرملة..!! وكذا زميله الذي وافته المنية في مدرسته ولم يستفد أحد من أسرته من تقاعده تحت حجج واهية وإدعاءات ضعيفة لا يقبلها العقل ولا المنطق..!! وهنا نتساءل - هل مصالح التقاعد في أقرب البلدان العربية أحسن منا حالاً ومالاً واستثماراً وهي ترعى مصالح أسر المتقاعدين بعد وفاتهم دون شروط تعجيزية أو التواء على النظام بحجج واهية وتبريرات ساذجة..!! والتساؤل الآخر والأهم ما موقف هذه المصلحة من ارتفاع مستوى المعيشة..؟ وهل المتقاعدون يعيشون في كوكب آخر..؟؟ أم أن لهم تسعيرات خاصة واستثناءات في التعاملات الشرائية دون المواطنين..؟؟ أليس من المفترض أن تراعي المصلحة تلك الأمور وتواكب الزمن وتعمل بمبدأ العلاوات السنوية للمتقاعدين الذين لا تفي مرتباتهم بأدنى متطلبات الالتزامات الأسرية في ظل الأسعار المرتفعة والتضخم المالي الذي يزداد يوماً بعد آخر مثقلاً كاهل هؤلاء المتقاعدين..!! الذين توقفت بهم مصلحة معاشات التقاعد عند حد لا يفي بأبسط الخدمات اليومية من فواتير هاتف وكهرباء وماء ووقود فقط..!! دون بقية الاحتياجات المعيشية والعلاجية والسكنية وما سواها من أمور تتطلب إعادة النظر في هذا النظام البليد والمحنط..!! ومع يقيننا اننا (ننفخ في قربة مشقوقة..!!) إلا أن آمالنا كبيرة وطموحاتنا عديدة في قيادتنا الكريمة ممثلة بوالد الشعب العطوف الملك عبدالله - حفظه الله - وسنده سمو ولي العهد في مراعاة هذا الجانب وإعادة النظر فيه بما يحقق راحة ورفاهية فئة أفنت شبابها في خدمة الوطن بكل إخلاص وتفان.. والله ولي التوفيق..