وصلتني دعوة من الزميل المخرج والكاتب فهد الحوشاني لحضور فعاليات مهرجان الطفولة الذي افتتحه نائب الوزير الدكتور عبدالله الجاسر. وأنا أقرأ الدعوة عبر الإيميل تساءلت عن ما سيُقدم في هذا المهرجان؟ وهل ما سيقدم فيه سيجد قبولاً من الأطفال؟. بوجود الكم الهائل من البرامج والمسلسلات والقنوات الفضائية التي تهتم بالطفل لم يعد هناك ما يرضي أطفال هذا الوقت؛ لأن الطفل الآن لم يعد يملك البراءة والعفوية التي كانت لديه سابقاً وأصبح يميل لمشاهدة قنوات لم يكن يشاهدها من كان في عمره في السابق، وهذا خلق زيادة في قدرة الطفل على الاستيعاب والإدراك يفوق عمره بكثير. لم يعد مسلسل "عدنان ولينا" يهمه ولا برامج المسابقات تعني له شيئاً، ولم يعد "توم وجيري" يشكل له شيئاً بل أصبح مصدر سخرية له حين يشاهد ما يعانيه توم من جيري. الطفل العربي الآن يمر بمرحلة خطيرة وحساسة جراء ما يعيشه ويشاهده من مظاهر للعنف والدمار، بل أصبح بعض الأطفال يردد ما يسمعه من عبارات تدعو إلى الفوضى وعدم الانضباط. إن القنوات الفضائية العربية ساهمت في قلب مفاهيم واهتمامات الطفل العربي من خلال ما يشاهد من مشاهد للعنف. بل حتى الشعوب العربية التي تتغنى بالربيع العربي سيأتي عليها يوم وتتحسر على ما حصل لمجتمعاتها من العنف والفوضى، فالطفل حين يرضع العنف ويفطم على التمرد، لن يكون سوى امتدادا لذلك العنف، ولن يقبل إلا بما تمليه عليه أهواؤه الشخصية، حتى وإن كانت غير سوية؛ لأنه يعتقد أن العنف هو الوسيلة الوحيدة للحصول على ما يريد. إن مسؤولية المنظمات التي تعنى بالطفولة أصبحت مضاعفة الآن لإيجاد برامج وخطط لتنمية مواهب الأطفال، تكون متوازية مع المستجدات التي طرأت على حياتهم، وكذلك المسئولية كبيرة على المسئولين عن الإعلام في العالم العربي، لإنتاج برامج ومهرجانات تفي باحتياجات الأطفال، وتواكب التغيرات التي طرأت على تفكيرهم، والاستعانة بخبراء وعلماء نفس لمواكبة التطور المذهل في مدارك الطفل. إن الربيع العربي بعد أن نشر الفوضى والدمار وعدم الاستقرار في المجتمعات العربية، سيكون سبباً كافياً لإنتاج جيل دموي يعشق الفوضى، ويهوى العنف، وساعتها لن ينفع القول ليتنا حافظنا على خريفنا!.