حرص عبدالرحمن الشمري (طالب بالمرحلة الابتدائية) على تحديد أوقات معينة لمشاهدة التلفاز، كي لا تؤثر في تحصيله الدراسي: "أشاهد أفلام كرتون في أوقات معينة، بعد أن يساعدني والداي في مذاكرة الدروس التي أخذتها في المدرسة، وبعد التأكد من حلي الواجبات"! ورغم أن الأسرة استطاعت أن تكبح تأثير التلفاز في دراسة عبدالرحمن، إلا أن تلك المتابعة المستمرة بشكل يومي أثرت في جانب من الأهمية بمكان: "أصبحت أخاف من الوحوش والمخلوقات الغريبة التي تظهر في قنوات الأطفال، فلم أعد أستطيع الانتقال من غرفة إلى أخرى في المنزل بالليل، ولم أعد أستطيع أن أنام في غرفتي وحدي، خصوصا لو أطفئت الأنوار، فأنا أخاف أن تخرج لي في أي وقت". ويؤكد عامش الشمري (معلم) هذا بقوله: "هذه القنوات لا تمت للطفولة بأي صلة؛ لأنها تروج الرعب والخوف وعدم التسامح، ومن باب التجربة وجدت أنها ألحقت الضرر بأبنائي، فما إن يحل الظلام حتى يعتريهم شعور بالخوف والتردد من دخول غرفهم، وأسمعهم أحيانا يرددون أسماء بعض الشخصيا ت الكر تو نية، فكثيرا ما سمعت أحدهم يقول للآخر سيأتيك الوحش، والآخر يرد بالمثل، وينتاب بعضهم كوابيس في الليل"، ويتساءل الشمري: "لم لا يكون هناك مركز عربي لإنتاج أفلام الكرتون الهادفة والممتعة لتغنينا عن الترجمة والدبلجة والأخذ عن الغير؟ لماذا لا توجد برامج مماثلة ل(افتح يا سمسم)، الذي وجد في وقته متابعة كبيرة من الأطفال، وكان ذا أهداف تربوية". ويقف خالد البوعينين (إمام مسجد) ضد هذه القنوات قائلا: "بعض قنوات الأطفال لها العديد من الجوانب السيئة، فهي تقدم برامج تحوي مشاهد غير مناسبة للأطفال، فهناك مشاهد مخلة بالآداب كالألبسة العارية، من ذلك أن إحدى القنوات عرضت برنامجا شهيرا للرسوم المتحركة كانت خلفيته لوحة لرجل وامرأة عاريين تماما، كما عرضت قناة محافظة في برنامج رسوم آخر، فتى وفتاة عاريين يسبحان في بحيرة، كما أن هناك مشاهد تتحدث عن الحب والعاطفة بشكل مخل؛ وأخرى تمس العقيد ة التي فطر اللّه الطفل عليها كتعليق الصليب وأجراس الكنائس، وأمور السحر والشعوذة وبعض العادات لشعوب وثنية ثم تقدم للطفل في هذه المرحلة الحرجة من عمره "، مضيفا أن هذه القنوات تقدم مشاهد العنف و القتل ما يؤ صل عند الطفل اعتياده مثل هذه المشاهد لتنعكس سلبا على سلوكه. ويشير أنور البدي (مشرف صحي) إلى أن هنالك تأثيرا غير صحي لهذه القنوات، فالجلوس الطويل أمام التلفاز يجعل الطفل معرضا للسمنة، لاندماجه مع المادة المعروضة الأمر الذي يجعله يتناول الكثير من الوجبات الغنية بالسكريات دون أن يشعر "! ، ويضيف البدي عن تأثيرها النفسي": أثبتت الدراسات التي أجريت في أمريكا وفي عدد من الدول الأوروبية أن هناك علاقة كبيرة بين ما يشاهده الطفل من مسلسلات كرتونية والقدرات العقلية للطفل، فالكرتون الشهير (توم وجيري) ثبت في الدراسات أنه يؤدي إلى انخفاض في نسبة الذكاء؛ وكذلك (رود رنر) أثبتت الدراسة أنه يصيب الطفل بنوع من الإحباط، كما أن لقنوات الأطفال تأثيرا من نوع آخر وهو اعتياد الأطفال على النتيجة الفورية، ما يضعف قدرتهم على الصبر والإصرار". ولا يقف تأثير هذه القنوات عند التأثير النفسي بل لها تأثير سلبي في الإنتاجية، بحسب رأي نواف بن خالد الأسمري (طالب الصف الخامس) الذي قال: "هذه القنوات تسرق الوقت من الطالب في الاهتمام بدروسه ومذاكرته، فغالبا ما أجد زملائي يجلسون أمام التلفاز ساعات طويلة، ثم يأتون في اليوم التالي للمدرسة ولم ينفذوا ما طلب منهم من واجب، وما ذاك إلا لأن هذه القنوات سلبتهم الوقت". وفي المقابل يخالف مضحي عبداللّه العنزي (ولي أمر) ما أدلى به القائلون بسلبية هذ ه القنو ات: "مشاهدة الطفل قنوات الرسوم المتحركة تفيده في جوانب عدة، على رأسها تنمية الخيال، إذ تنقله إلى عوالم جديدة، فيتسلق الجبال، ويصعد الفضاء، ويسامر الأساطير، كما أنها تعرفه بأساليب مبتكرة متعددة في التفكير والسلوك "، ويرى العنزي أن أثر هذه القنوات الإيجابي لا يقف عند حد الخيال، بل يشمل – أيضا – الجوانب المعرفية": فهي تعطي الأطفال معلومات غزيرة، بأسلوب سهل جذاب، كما أنها تُقدم - في الغالب - بلغة عربية فصيحة قل أن يجدها الطفل في محيطه الأسري، ما ييسر له تصحيح النطق وتقويم اللسان وتجويد اللغة، وبما أن اللغة هي الأداة الأولى للنمو المعرفي فيمكن القول إن الرسوم المتحركة من هذا الجانب تسهم إسهاما كبيرا في النمو المعرفي للطفل، كما أنها تلبي بعض احتياجاته النفسية، مثل غريزة حب الاستطلاع، فتجعله يستكشف في كل يوم شيئا جديدا، وكذلك غريزة المنافسة والمسابقة فتجعله يطمح للنجاح ويسعى للفوز دائما".