قبل أيام، استمتعت بمشاهدة حوار تلفزيوني مع الدكتور صالح السحيباني الملحق الثقافي السعودي في دولة الإمارات العربية المتحدة وهو يتحدث عن مشاركة الملحقية المكثفة في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثلاثين، سعدت بما ذكره من جهود واستعدادات هائلة قامت بها الملحقية لإظهار ركن المملكة بأبهى حلله لكون المعرض مناسبة مميزة للتعريف ببعض الجوانب الثقافية لبلادنا العزيزة خصوصاً أن المملكة العربية السعودية تحل ضيف شرف خلال تلك التظاهرة المرموقة. وتطرق الدكتور السحيباني بعبارات جميلة إلى أهمية الأخذ بزمام المبادرة لتقديم صورة مشرقة عن المملكة وذكر أنه ليس من المعقول أن ننتظر العالم لكي يأتي لبلادنا ويتعرف إليها، بل نحن من يجب أن يتحرك ونأخذ بزمام المبادرة لنقدم نحن تلك الصورة للعالم. ذلك الحوار جعلني أدرك أنني أشاهد شخصاً مثقفاً وواعياً، إنه لأمر مشرف أن تستنفر الملحقية كل الطاقات والخبرات لديها للوصول لهدف نبيل وسام هو إعطاء الصورة الحقيقية الجميلة لكل العالم عن بلدنا الحبيب. هذا العام هو العام السابع على التوالي الذي أزور فيه دولة الإمارات العربية المتحدة لحضور فعاليات سينمائية تجاوز عددها العشرة، للأسف لم أقابل أيا من أفراد ملحقيتنا هناك أو ألحظ حضوراً واضحاً لها في أي من تلك الفعاليات!. يعود السبب لذلك الغياب - في تصوري - إلى عدم تصنيف ملحقيتنا الثقافية في الإمارات للمهرجانات السينمائية كفعاليات ثقافية لا تقل أهميتها عن معارض الكتاب والمعارض التشكيلية وغيرها، بل تتجاوز في أهميتها تلك الفعاليات الأخرى وبمراحل عندما يكون المعيار هو القدرة على تقديم صورة حضارية عن المملكة، لا شيء يخلق أو يغير أو يحسن أو يشوّه صورة بلد ما مثل السينما لما لها من قدرة مهولة على التأثير في وعي ولاوعي مشاهديها، ورغم طغيان الطابع الترفيهي عليها، إلا أن السينما تعتبر دائماً أحد الأوجه الثقافية لأي دولة أو مجتمع، ولو تأملنا كبريات الصحف والمجلات العالمية لرأينا صفحات السينما فيها جنباً إلى جنب مع الرواية والأدب والقضايا الفكرية في قسم الثقافة. قمت قبل قليل بمحاولة حصر الجوائز التي حازها السينمائيون السعوديون والسينمائيات السعوديات في دولة الإمارات خلال مشاركاتهم في المهرجانات السينمائية كمهرجان دبي السينمائي الدولي، ومهرجان أبوظبي السينمائي، ومهرجان الخليج السينمائي، ومسابقة أفلام الإمارات فوجدت أن عدد تلك الجوائز يربو على العشرين خلال ما يقارب الثماني سنوات، ذلك عدا شهادات التقدير والإشادة التي حازها بعض الممثلين والمخرجين. عشرون جائزة قطفها شباب وشابات بجهود ذاتية محدودة وقدموها تحايا جميلة لوطنهم الذي يحبون، ألا يستحق ذلك الأمر التفاتة حقيقية من ملحقيتنا بالإمارات؟. ومع أن ملحقيتنا قد تكون حضرت أحد تلك العروض سابقاً من دون علمي وعلم غالبية المشاركين، إلا أنني أرجو أن يحس أولئك الشباب السينمائي المبدع الذي يمثل البلاد في تلك المهرجانات بوجود الملحقية الثقافية لجانبهم وبدعمها المادي والمعنوي لهم، أو حتى على الأقل أن تسعدهم الملحقية بحضور واضح ومعلن لأحد مندوبيها لكثير من تلك العروض ليعلم أولئك السينمائيون الذين كانوا ومازالوا خير سفراء لوطنهم أن الملحقية - على الأقل - تعلم بوجودهم. * مخرج سينمائي سعودي