يعد جهاز "الروبوت" المطور "ديفنشي" آخر التقنيات العلمية لإجراء العمليات الطبية بواسطة "الرجل الآلي"، ويشرف الطبيب على الجهاز من أي مكان، حتى لو كان في بلد آخر، حيث باستطاعته إجراء العمليات بواسطة الإنترنت. "الرياض" التقت ب"د.ماهر بن صالح مؤذن" -رئيس أقسام التخصصات الجراحية في مدينة الملك فهد الطبية، رئيس قسم جراحة المسالك البولية- ليلقي الضوء على كيفية جراحة الروبوت، وفيما يلي نص الحوار: جراحة الروبوت * حدثنا بداية عن كيفية جراحة الروبوت، وما هو استخدام "الرجل الآلي" في العمليات؟ - الروبوت هو جهاز يماثل الإنسان، ويستقبل أوامر باستخدام "السوفت وير" من الجراح، ويتكون من قسمين (الأول) يرتبط مع المريض مباشرة وهو المنفذ للأوامر، أما (الثاني) فهو "السيد" والذي يشرف عليه الطبيب الجراح بشكل أكثر راحة من حالة إجراء العملية التقليدية، وينظر خلال شاشة صغيرة ثلاثية الأبعاد تظهر له الأنسجة بتكبير معين وبدقة تفوق رؤية العين المجردة. عموماً، أي جهاز يعمل أوتوماتيكياً ويماثل عمل الانسان يسمى روبوت، لكنه ليس جهازاً فقط، وإنما هو نظام معلومات متكامل للاستخدام في العملية، ولا يمكن ان يحل محل الانسان؛ لكنه يتميز ببعض القدرات البشرية كونه يعطي أداءً أكثر دقة، هو يعمل باستخدام الكمبيوتر وله استخدامات كثيرة، ويصل الأمر أحيانا إلى إجراء عمليات من دولة لدولة عن طريق الانترنت. المملكة حصلت على المركز الأول في الشرق الأوسط بعدد عمليات «الروبوت» مراحل العملية * صف لنا مراحل استخدامه؟ وكيفية عمل الجراح أثناء العملية؟ - يبدأ من عملية "ثقب المفتاح" واستخدام المناظير، وعمل فتحات متعددة، يُجري من خلالها الجراح العملية، ثم يتم عمل ثقب لإخراج الجزء المصاب أو استئصال التشوه الخلقي في بعض الحالات، وهو الأسلوب الذي بقي متبعاً إلى أن تطورت الأمور في محاولة لتجاوز عدد من العوائق منها عجز الجراحة التقليدية والمناظير؛ بسبب محدودية حركة اليد بالنسبة للجراح، وصعوبة إجراء العمليات التجميلية أو الخياطة كما أن الرؤية لا تكون بنفس الوضوح والزوايا والأبعاد وهو الجانب الذي استطاع الروبوت إيجاد حلول له، بالاضافة إلى أن الجراح يبقى واقفاً في العمليات التقليدية لفترة طويلة، في الوقت الذي أصبح فيه الجراح يؤدي العملية جالساً باستخدام الروبوت، وهو مايجعله أكثر قدرة على إجراء عمليات أكثر منذ ذي قبل عندما كانت هناك أجهزة لم تصل لجودة الروبوت وتقنيته العالية، وأجرينا به عدة عمليات، كما حصلنا على المركز الأول في الشرق الأوسط بعدد العمليات المنجزة باستخدام هذا الجهاز. يمكن للطبيب إجراء العملية بواسطة النت من أي مكان في العالم مواصفات دقيقة * ما هي المميزات اللافتة في "الروبوت" التي جعلته يحتل تلك المكانة لديكم؟ - مميزاته كثيرة، ولايزال الأطباء يطورون النسخة الأحدث في العالم من هذا الجهاز، وهو يتميز بإمكانية توصيله لأكثر من جهاز "سيد" مما يتيح إمكانية إجراء درس تعليمي خلال العملية الجراحية، كما يتميز بدقة الوضوح البالغة 1080 مقارنة بدرجة وضوح بلغت 720 في الجهاز الذي سبقه، وهو سداسي الاتجاهات في حركة اليد، ويستطيع التحكم بحركة الجراح، وامتصاص رجفة يده، ويستقبل الحركة من مكان بعيد، ويلتقطها، ويطبقها في أجزاء من الثانية. ونستطيع خلاله اجراء عملية الثقب الواحد، التي لا يمكن تطبيقها بنفس الدقة والمهارة في الأجهزة السابقة، وهو رباعي الأذرع، يمكنك من رؤية الأشعة المصاحبة، ورؤية ما يجري في جزء التخدير من نفس اللحظة، حيث تظهر نبضات القلب والضغط، وغيرها مما يتيح تواصلاً مباشراً مع الجراح. استخدامات متعددة * هل من الممكن استخدام "الروبوت" في التخصصات الطبية الأخرى؟ - نعم، هو قابل للاستخدام في عدد من التخصصات الطبية كالجراحة العامة، واستئصال القولون، والعمليات التجميلية، واستئصال جزء من الأمعاء، ومعالجة السمنة، والزائدة الدودية، واستئصال المرارة، وعمليات الأنف والأذن والحنجرة، وجراحة القلب وتغيير الصمامات، والعمليات التحويلية، وجراحات الاوعية الدموية، واستئصال الغدة الدرقية، بالإضافة إلى جراحة المسالك البولية، والاستئصال أو التجميل أو جميعهما، وكذلك عمليات الأورام الموجودة بالكلى أو بالحالب أو المثانة، والبروستاتا والغدة الكظرية، وأيضاً يستخدم تجميلياً للنتوءات الموجودة على جدار المثانة، الناصور، وتجميل الحالب، ولحوض الكلية الناتج عن سدد مكتسب او خلقي. إقبال متزايد * ما مدى إقبال المرضى على عمليات "الروبوت" عالمياً؟ - في عام 2002م كانت العمليات بواسطة "الروبوت" أقل من عشرة آلاف عملية على مستوى العالم، وقد وصلت إلى أكثر من 120 ألف حالة في عام 2008م، والعدد في تصاعد مستمر بسبب التقنية المتطورة وإقبال الناس عليها، وهو مايدل على أن الجيل القادم سيستخدم الروبوت بشكل اساسي في العمليات الجراحية. تجاوب الأطباء * كيف كان تجاوب الأطباء مع تلك التقنية الحديثة، وهل يفي الجهاز بأعداد العمليات؟ -السنة الأولى لوصوله كانت سنة التدريب لتقنية حديثة غير معهودة بالنسبة للأطباء، صاحبتها اشكاليات في التعرف على هذا الأسلوب، ونحن طلبنا جهازاً مساعداً على عملية التدريب تصل تكلفته إلى 700 الف ريال تقريبا، ومن خلاله يستطيع المتدرب قبل ان يجلس على كرسي "الكونسول" المتحكم أو جهاز العمليات، حيث يجري دورة مكثفة تمر بعدة مراحل ، كمبيوتر مشابه تماما للذي يستخدم في العملية وحين يتجاوز نسبة معينة فوق الامتياز يتم إدراجه في العمليات كمساعد بجوار المريض، بعد ان يتقن هذه المرحلة يتم توظيفه في أجزاء أخرى من العملية حتى يتمكن بشكل كامل من إجراء عملية كاملة تحت الملاحظة قبل أن يجاز كطبيب جراح. رؤية مستقبلية * بحكم عملكم رئيساً لأقسام الجراحة في مدينة الملك فهد الطبية، ما هي توقعاتك في إمكانية حدوث تطورات مقبلة في تطوير "الروبوت"؟ - سيغير كثيراً من المفاهيم المستخدمة في الوقت الحالي، أبرزها القدرة على إجراء العمليات دون إحضار طبيب معين بتكلفة عالية، وكذلك استخدام "ميني روبوت" وهو جهاز صغير يتم ادخاله والتحكم فيه عن بعد داخل جسم المريض، باستخدام فتحة بسيطة يدخل عبرها جهاز يتضمن المنظار والحركة التي تحاكي حركة الروبوت الكبير الموجود حالياً. وعموماً، التقنية في حالة تقدم مستمر، ولكن لكل شيء ضريبته، فمن مساوئ استخدام الرجل الآلي، هي عدم الاستطاعة بالتحكم بنفسه، فهو يحتاج إلى طبيب حتى يتحكم به، ثانياً أنه تقنية مكلفة وتظل هناك دائماً محدودية في بعض الحركات الخاصة باليد والعين وإن كان هذا بنسب ضئيلة حالياً، إضافة إلى حجمه الكبير واحتياجه إلى غرفة خاصة، بحيث يتم التحرك فيها بحرية، ولكن إيجابياته واضحة وملموسة، ومنها سرعة النقاهة، وصغر حجم الجرح، بل أن استئصال الأعضاء أصبح يحدث عبر الفتحات الطبيعية في الجسم مثل الفم أو المهبل للمرأة، أو عن طريق المستقيم، وذلك عبر إخراج العضو في كيس، دون عمل فتحة في جدار بطن المريض، ويكون هذا أقل ألما وأكثر سرعة للشفاء، وتتميز هذه التقنية أيضاً أنها لا تحتاج إلى نزيف كبير، كما تستطيع أن تصل إلى مناطق لا يمكن الوصول لها باليد الطبيعية، فضلاً عن أن نسبة الألم بعد العملية قليلة جداً مقارنة بالجراحات التقليدية. ولا أستبعد إمكانية تطورات مقبلة في هذا المجال المتسارع باستمرار، والتطور وارد في حركة دقيقة في حيز ضيق، كما أن المساعدين يمثلون جزءاً مهما في استخدام هذا النوع من الاجهزة، حيث يتواصلون بالمايكرفون الموجود في اسفل الجزء الذي يشرف عليه الجراح. عيادة متخصصة * ماذا أنجزتم حتى الآن من أجل تكريس استخدام هذه التقنية؟ - عملنا عيادة الروبوت وهي الأولى على مستوى الشرق الأوسط، والهدف منها زيادة الوعي بجراحة الروبوت بإعطاء بروشورات وأقراص مدمجة للمريض، حتى يستطيع الحصول على الثقافة المطلوبة بهذا النوع من العمليات، وذلك عبر أفلام بسيطة معدة بعناية بحيث تدعم الجانب النفسي للمريض، نطلعه على صورة الجرح قبل وبعد، وبعد ذلك نأخذ راي المريض في العملية بعد إجرائها. مركز متخصص * هل تتطلعون الى إنشاء مركز متخصص لإجراء عمليات الروبوت في مدينة الملك فهد الطبية؟ - بالفعل، نتطلع لذلك، ويتعامل مع كافة التخصصات مثل القلب وجراحة الأعصاب، والجراحة العامة بكافة فروعها، وجراحة الغدد الصماء، ومد يد التواصل مع جامعات كبيرة كجامعة "يونيسي" في كوريا، وجامعات أخرى في أمريكا، بالمناسبة، في شهر أكتوبر سيزور أطباء المدينة إلى الولاياتالمتحدة والتي تم فيها إجراء عمليات مشتركة مع جامعة "ساوث" في كاليفورنيا. وسيزورنا في المدينة وفد من إحدى الجامعات التي أجرت ما يقارب 8000 عملية جراحية في المسالك والبروستاتا، وسيتم تبادل أوجه التعاون معهم في مجال تدريب الأطباء وإجراء العمليات المشتركة، ونأمل أن يكون لدينا مركز في جراحة الروبوت، لا سيما في ظل وجود مركز للأورام، والروبوت مهم جداً في معالجة الأورام بدقة عالية. تأثير متباين * هل هناك اختلاف في التأثيرات الجانبية بين العملية التقليدية وعملية الروبوت؟ - الإفاقة من عملية الروبوت تستغرق يوماً واحداً، بينما نحتاج لثلاثة أيام ليستفيق المريض من العملية الاعتيادية، كما أن إزالة القسطرة في عمليات الفتح تتطلب 14 يوماً بينما تحتاج سبعة أيام في عمليات الروبوت، فضلاً عن أن نزيف الدم في العملية الجراحية يبلغ نصف لتر، لا يتجاوز أكثر من 100ملل في عمليات الروبوت، والفائدة على مدى بعيد متساوية بين الأسلوبين، إلاّ أن السلبيات أكثر في العمليات التقليدية.