لن تكون الأموال الكبيرة التي تصرف على اللاعبين المحليين من قبل الأندية نظير التعاقد معهم أو التجديد لأي منهم هي المفتاح الأهم لأن يكون اللاعب حاضراً بمستوى فني لافت أو الدافع الأكبر لتحقيق التميز بل على العكس أعطى هذا النهج الذي سلكته الكثير من الأندية المقتدرة مالياً وهي الأقل في العدد أعطى دلالات واضحة لفئة كثيرة من اللاعبين الذين راحوا يساومون أنديتهم بين العروض الرسمية والوهمية، وكأنهم النجوم البارعون الذين تتابعهم عيون الكشافين، والراصدين في كل مكان. المنهجية التي سارت عليها أنديتنا مع لاعبيها في المبالغة بأرقام اللاعبين المالية ستدفع ثمنها باهضاً يوماً من الأيام إذا ما استمر الحال على ما هو عليه الآن وهو الأمر الذي أشار إليه رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد بعقلانية واضحة، وحكمة فاحصة تدلل على بعد نظرة هذا الرجل القيادي الذي أوضح بأن الأندية ستعاني كثيراً في السنوات المقبلة جراء هذه المنهجية غير المنطقية التي تتعامل بها الأندية مع لاعبيها مشيراً إلى رغبة عدد من الأندية للاتفاق على وضع حد أعلى لعقود اللاعبين الذي بلغ رقماً فلكياً لم يكن يعرفه الجميع في السنوات الخوالي، وهو الاتفاق الذي سوف يسهم بشكل معقول في الحد من هذه الظاهرة إذا ما التزمت هذه الأندية بها حرفياً دون الخروج عن النص الذي قد يشوه مثل هذا التوجه السليم. طرح هذا الموضوع من قبل الإعلام من جانب، ومن قبل مسيري الأندية من جانب آخر لا يعني أن هؤلاء ضد مصالح اللاعبين حين يطالبون بتقنين المبالغ التي تصرف عليهم ببذخ دون مردود مقنع بل كان المردود متواضعاً للغاية مما أسهم في تقويض الكرة السعودية على مستوى الأندية، والمنتخبات الوطنية فتراجعت نتائجها، وترتيبها على المستوى العالمي، والقاري بعد أن كان المنتخب السعودي هو الأكثر قدرة، والأعلى كعباً حين تتم مقارنته بأي من الفرق الآسيوية الأخرى مهما بلغ حجمها، وقيمتها الفنية، وخبرتها الكروية. لم يتوقف الأمر عند عقود اللاعبين بل انسحب إلى مكافآت متنوعة عند الفوز اعتاد عليها اللاعبون وليتها كانت حين تقترب ساعات الحسم، ويوشك الفريق على تحقيق منجز هام بل كان ذلك الأمر هو ديدن الكثير من الأندية حتى وهي تعاني من أزمات مالية خانقة سواء كان ذلك على مستوى دوري "زين" للمحترفين أو حتى على مستوى الأندية في الدرجتين الأولى، والثانية فقد رأينا فريق الحزم يقدم المكافآت العالية إلى أن وصلت لأربعة آلاف وخمسمائة ريال بعد تخطي الفريق مباراته الدورية السادسة فكيف ستكون أرقام المكافآت لهذا الفريق حينما يكون على بعد خطوات من بلوغ الهدف، والصعود. كل هذه الأمور، وجل هذه المبالغ المصروفة بمناسبة تستحق التقدير، وبمناسبة لا تستحق التوقف أسهمت بشكل مباشر في إعطاء اللاعبين في أنديتنا انطباعاً وهمياً بأهميتهم الكبيرة ليس على المستوى الرياضي فحسب بل على مستوى المجتمع بأسره حتى أن أصحاب الشهادات العالية لم يتحصلوا على مثل هذه المبالغ الضخمة رغم ما يقدمونه لمجتمعهم، ووطنهم من تضحيات كبيرة، وخدمات جليلة قد لا تسلط عليها الأضواء كثيراً كما في الرياضة عموماً وكرة القدم على وجه الخصوص، ولعلنا نعود لنؤكد على أمر مهم وهو أن هذا التوجه غير المبرر كان بقناعات القائمين على الأندية خصوصاً أولئك الذين دلفوا إليها دون خبرة إدارية كبيرة تمكنهم من التعامل مع هذا الأمر على أنه يهم الكرة السعودية، ومستقبلها، ولا يخص أنديتهم، ولاعبيهم فحسب إذا ما سلمنا أن هؤلاء الشبان الممارسين لكرة القدم هم أبناء هذا الوطن، وهم من يمثل منتخباته الكروية بفئاتها المختلفة.