إنا لله وإنا إليه راجعون، استرجاع سنة، في فجيعة مؤلة، نسأل الله فيها للمكلومين الصبر والسلوان: طوى الجزيرة حتى شفني خير فزعت فيه بآمالي إلى الكذب حتى إذا لم يدع لي صدقُه أملا شرَقت بالدمع حتى كاد يشرَق بي فقد فجعنا بأمير البراعة والشجاعة، والعلم والحلم، ذي المناقب وتحنيك التجارب، ذي الفضل والعقل، والكمال وحسن الفعال، ذي الحزم والفهم. لقد فجعنا في أمير فعله كله حسن، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، فقد ذكر لي العم محمد الزبن أنه رحمه الله كان يحرص على الأعمال الخيرية منذ وقد مبكر في حياته، ولم لا وهو منذ ولد؛ يوم الخميس 13 رجب عام 1436ه، الموافق 5 يناير 1928م، يحظى مثل بقية أفراد عائلته بالعناية والتربية الصالحة، والتزود بالعلم النافع، على يد أكبر العلماء. وقد ظهرت سيرته الحسنة منذ مناصبه الأولى؛ حينما حرص على إنشاء نظام إداري متين مبني على العدالة الاجتماعية وتطبيق شريعة الإسلام حينما عهد إليه والده رحمهما الله جميعاً بإمارة الرياض في الأول من ربيع الآخر عام 1366ه الموافق 22 فبراير عام 1947م، وحينما عُين عضواً بمجلس الوزراء، بعد تعيينه وزيراً للزراعة في يوم الخميس 18 ربيع الثاني عام 1373ه، الموافق 24 ديسمبر 1953م عند تشكيل أول مجلس للوزراء بالمملكة العربية السعودية، وقد ساهم في عملية توطين البدو ومساعدتهم في إقامة مزارع حديثة. وحينما عين وزيراً للمواصلات يوم السبت 20 ربيع أول عام 1375ه، الموافق 5 نوفمبر عام 1955م، حيث ساهم في إدخال شبكات المواصلات الحديثة البرية والاتصالات السلكية واللاسلكية. وحينما عُين وزيراً للدفاع والطيران في يوم السبت 3 جمادى الآخرة عام 1382ه، الموافق 21 أكتوبر 1962م، حيث كان لوجود سموه وزيراً للدفاع والطيران الأثر الكبير في تطوير القوات المسلحة، فقد عمل على إيجاد المسكن والمواصلات والتأمين الطبي الذي يتلاءم مع جنود الوطن وحماته وعيونه الساهرة. ففي هذه المناصب وغيرها أدت به نشأته الصالحة، وتربيته الدينية أن يضع نصب عينيه: المؤمن كالمطر أينما وقع نفع، ويتضح هذا من البصمات التي تركها في كل منصب تولاه، وفي كل مكان خدم وطنه ودينه فيه: المشرقان عليك ينتحبان قاصيهُما في مأتم والداني يا خادم الإسلام، أجرُ مجاهد في الله من خُلدٍ ومن رِضْوان لما نُعيت إلى الحجاز مشى الأسى في الزائرين وروِّع الحرمانِ الله يشهد أن موتك بالحجا والجد والإقدام والعِرفان إن كان للأخلاق ركنٌ قائمٌ في هذه الدنيا، فأنت الباني ومن مآثره التي يرويها من عملوا معه، أنه كان أشد ما يكون حرصاً على أمرين: الأول: المواعيد ودقتها، مما يعني شدة الالتزام والجد المترسخ في طبعه رحمه الله، والثاني: إنه إذا وردت خطابات إليه كان يحرص رحمه الله، على النظر في تاريخ إرسالها إليه، وتاريخ استلامها، وتاريخ وصولها إليه في يده. ومن مآثره رحمه الله خدمته للعلم، تارةً بنشر الكتب على نفقته الخاصة، وتارة بتبني المشروعات العلمية العملاقة، التي لولا دعم أمثاله من أولي الفضل ما رأت النور، مثل نشره صحيح البخاري برواية أبي ذر الهروي عن مشايخه الثلاثة: السرخسي، والمستملي، والكشميهني، مع فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله، بتقديم وتحقيق وتعليق فضيلة الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد، طبعت عام 1431ه - 2001م. ومثل تبنيه للموسوعة العربية العالمية، المشروع العربي السعودي الذي تم بمبادرته وتمويله، وقد رأس مجلس إدارتها، ووهب ما يخصه من عائدات المشروع المالية لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، التي أسست بناءً على الأمر الملكي الكريم رقم 3538 الصادر يوم الجمعة 26 شعبان 1415ه الموافق 27 يناير 1995م. ومن مآثره العلمية أيضاً رعايته للمؤتمرات، مثل رعايته لمؤتمر الأوقاف الأول في المملكة العربية السعودية الذي عقد في رحاب جامعة أم القرى بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المدة من الرابع من شهر شعبان 1422ه وحتى السابع منه، وغيره من المؤتمرات. وغيره من الأعمال العلمية الكثيرة، مثل كراسي البحث العلمي، ومن أجل أعماله الحسنة مسجده بحي المرسلات، الذي أسأل الله أن يجعل له بكل سجدة سجدها مؤمن فيه أضعافاً مضاعفة. هذه بعض مآثره التي تفوقه الحصر، وهذه بعض محاسنه التي نقول فيها كما قال ابن نباتة المصري: زادت محاسن «سلطان» الورى حُسناً اسماً وفعلاً وفاق السرُّ والعلنُ وقيل أحسنها ماذا؟ فقلت لهم وما محاسنُ شيء كله حسن * عميد الدراسات العليا سابقاً وأستاذ أحاديث الأحكام- جامعة الإمام